عودة المركبة الفضائية التي تقلّ رائدي الفضاء السعوديين بعد رحلة علمية متميزة استمرت (10) أيام

الرياض – إذاعة وتلفزيون الخليج




استطاع رائدي الفضاء السعوديين ريانة برناوي وعلي القرني، أن يحققا مساعي المملكة في الإسهام في الأبحاث العلمية التي تخدم البشرية، بعدما أعلنت الهيئة السعودية للفضاء في 31 مايو الماضي عن نجاح المهمة بهبوط المركبة الفضائية التي تقلّهما وطاقم المهمة (Ax-2) في المحيط الأطلسي، بعد رحلة علمية متميزة في محطة الفضاء الدولية (ISS) استمرت (10) أيام.
وتعد هذه المهمة الرائدة علامة فارقة في تاريخ المملكة العربية السعودية، ولحظة فخر للإنجازات الوطنية والعلمية في قطاع الفضاء، حيث سجلت المملكة نفسها ضمن عدد قليل من الدول التي يمارس فريق منها مهمات علوم الفضاء والرحلات البحثية في المدار حول الأرض، وذلك ضمن برنامج المملكة لرواد الفضاء.
وكانت المهمة (Ax-2) قد انطلقت من فلوريدا في 21 مايو الماضي، وتم الإعلان عن نجاح التحام المركبة الفضائية بمحطة الفضاء الدولية، بعد نحو (16) ساعة من الانطلاق، من مركز كينيدي للفضاء التابع لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، في قاعدة الإطلاق “كيب كنافيرال” بولاية فلوريدا الأمريكية.
(14) تجربة علمية ترسم مرحلة جديدة في استكشاف الفضاء
نجح رائدي الفضاء ريانة برناوي وعلي القرني، بإجراء (14) تجربة بحثية علمية وتعليمية رائدة في بيئة الجاذبية الصغرى خلال مهمتهما على متن محطة الفضاء الدولية، ليدشنا مرحلة تاريخية للمملكة العربية السعودية في قطاع الفضاء، والاستثمار في علومه المتخصصة، وذلك ضمن خططها وطموحها في مجال استكشاف الفضاء، وتعزيز مكانتها بين الدول التي تتسابق نحو الفضاء، ودعم قدراتها على إجراء أبحاثها الخاصة بشكل مستقل.
وشملت التجارب العلمية ثلاث تجارب تعليمية توعوية، شارك فيها (12) ألف طالب في (47) مقرًّا تعليميًّا بالمملكة، بشكل تفاعلي مع رواد الفضاء عبر الأقمار الاصطناعية، وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم، ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة”، ومدارس الرياض، ومدارس مسك؛ لتسهم في بناء جيل جديد من القادة والمستكشفين والعلماء السعوديين، وتحقق طموحات المملكة ومستهدفات رؤية السعودية (2030م)، فيما يتعلق ببناء الكوادر البشرية وتعزيز ثقافة البحث والتطوير والابتكار.
كما تضمَّنت التجارب العلمية التي قام بها رائدا الفضاء السعوديان، ستَ تجارب في الدماغ والجهاز العصبي، هدفت إلى دراسة تأثير بيئة الفضاء منخفضة الجاذبية وعالية الإشعاع على الدماغ والجهاز العصبي في بيئة الفضاء، لمعرفة مدى التكيُّف البشري في رحلات الفضاء، وفهم تأثيراتها على صحة الإنسان، وتحديد ما إذا كانت الرحلات آمنة للدماغ.
وتم خلال هذه التجارب اختبار وظائف الأعضاء والأجهزة الحيوية للإنسان في بيئة الجاذبية الصغرى، كقياس تدفُّق الدم إلى الدماغ، وتقييم الضغط داخل الجمجمة، والنشاط الكهربائي للدماغ، ومراقبة التغيرات في العصب البصري؛ بهدف جعل الرحلات الفضائية أكثر أمانًا للإنسان في المستقبل بما يعزِّز الجهود الرامية لاستكشاف الفضاء.
كما نفِّذ الرائدان ريانة برناوي، وعلي القرني، أربع تجارب في الخلايا المناعية لدراسة استجابة الخلايا المناعية للالتهاب في ظروف بيئة الجاذبية الصغرى، ودراسة التغيرات في عمر الحمض الريبونووي خلال عملية الالتهاب باستخدام نموذج خلايا مناعية لمحاكاة استجابة الالتهاب للعلاج الدوائي، وتم أخذ عينات من التجارب المُعدَّة على متن المحطة الفضائية الدولية لتحليلها بعد العودة إلى الأرض ومقارنة النتائج، ومن المتوقع أن تُسهم النتائج في تقديم فهم أفضل لصحة الإنسان في الفضاء، والكشف عن المؤشرات الحيوية أو العلاجات المحتملة للأمراض الالتهابية في كل من الفضاء والأرض معًا، المعتمدة على التقنية الحيوية.
وبهدف تحسين فهم الباحثين لتقنية الاستمطار، وتحسين معدلات الأمطار في العديد من الدول، أجرى رائدا الفضاء السعوديان، تجربة لعمل الأمطار الصناعية، من خلال تكثف بخار الماء على العوالق الجوية وذرات الملح في بيئة الجاذبية الصغرى، الذي يحاكي عملية البذر السحابي التي تُستخدم في المملكة العربية السعودية والعديد من الدول لزيادة معدلات هطول الأمطار، وستساعد نتائج التجربة العلماء والباحثين على ابتكار طرق جديدة لتوفير الظروف الملائمة للبشر، ومنها عمل الأمطار الصناعية، للعيش في مستعمرات فضائية على سطح القمر والمريخ.
وتُعدّ رحلة رائدي الفضاء السعوديين، إنجازًا علميًّا كبيرًا للمملكة، وتمثِّل حجر الأساس لبرنامج مستدام للأبحاث الفضائية، وستعزز نتائج التجارب العلمية التي أجريت خلال الرحلة مكانة المملكة عالميًّا في مجال استكشاف الفضاء، وخدمة البشرية، وتبرهن على دور مراكز الأبحاث السعودية في إحداث تأثير علمي في هذا المجال.
وتأتي رحلة رائدي الفضاء السعوديين ضمن برنامج المملكة لرواد الفضاء، الذي أطلقته الهيئة السعودية للفضاء في وقت سابق، بهدف تأهيل كوادر سعودية متمرسة لخوض رحلات فضائية للمشاركة في التجارب العلمية والأبحاث الدولية والمهام المستقبلية المتعلقة بالفضاء، وهو ما سينعكس إيجابًا على مستقبل الصناعة الوطنية، وزيادة اهتمام الخريجين في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، وتنمية رأس المال البشري، من خلال جذب المواهب وتطوير المهارات اللازمة، وهو ما يعزِّز دور المملكة في تطوير قطاع الفضاء، وأن تصبح جزءًا مهما من المجتمع العالمي في بحوث علوم الفضاء واستثمار تلك البحوث في خدمة الإنسانية.