هل انتهى عصر الأستديوهات التاريخية 

إذاعة وتلفزيون الخليج

آفاق صفقة استحواذ أمازون على مترو غولدوين ماير العملاقة

في منتصف مارس هذا العام 2022 أعلنت شركة “أمازون للتجارة الإلكترونية” استكمال صفقة الاستحواذ على شركة الإنتاج السنيمائي الأمريكية العريقة “مترو غولدوين ماير” Metro-Goldwyn-Mayer مقابل 8.5 مليار دولار، في أعقاب الحصول على موافقة السلطات التنظيمية على الصفقة.

صفقة تعتبر ثاني أغلى استحواذ في تاريخ أمازون بعد صفقة متاجر هول فودز الأمريكية مقابل 13.7 مليار دولار في 2017.

وبينما أعلنت المفوضية الأوروبية إجازتها الاستحواذ دون شروط، معتبرة أن العملية لا تطرح “مشكلة للمنافسة” في أوروبا، تواجه الصفقة اعتراضاً في الولايات المتحدة، إذ تثير قلقاً من تعزيز نفوذ “أمازون” في البث التدفقي القائم على الاشتراكات، وتحاول نقابات مدعومة من سياسيين منعها.

وقد أشارت وكالة “بلومبيرغ” إلى أن استكمال الصفقة يمثل أحدث صفقة استحواذ من جانب شركة التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا الأمريكية العملاقة، تحصل على موافقة السلطات الرقابية رغم شكاوى الشركات المنافسة من احتمال أن تؤدي الصفقة إلى الإضرار بالشركات الأصغر في السوق.

في الوقت نفسه يمكن لهيئة التجارة الاتحادية الأمريكية المعنية بحماية المنافسة ومكافحة الاحتكار في السوق إقامة دعوى قضائية لمنع الصفقة في المستقبل إذا صوتت أغلبية مفوضي الهيئة على إقامة الدعوى.

وقد دعت “إستراتيجيك أورغنايزنغ سنتر”، وهي وكالة فدرالية أميركية تقول إنها تمثل نحو أربعة ملايين موظف، لجنة التجارة الفدرالية في الولايات المتحدة لمعارضة صفقة الاستحواذ، معتبرة أن “أمازون” ستتحكم جراء هذه العملية بما يقرب من 56 ألف عمل فني، مقابل تحكم منصة “نتفليكس” بعشرين ألف عمل.

لكن “أمازون” قالت إنها ستساعد في الحفاظ على تراث مترو غولدوين ماير وأرشيف أفلامها وتوفر للمشاهدين مجالا أكبر لمشاهدة هذه الأعمال.

يذكر أن تاريخ هذه الإستديوهات في مجال الانتاج السنيمائي يقترب من المئة عام وهي تتكامل مع قطاع “أمازون ستديوز” للإنتاج الفني والذي يركز بشكل أساسي على إنتاج البرامج التلفزيونية.

ستدعم “أمازون”، من خلال الاستحواذ الأخير، كما ذكرت في بيان، وجهتها الترفيهية والفنية المقدمة للمشتركين عبر منصة “أمازون برايم فيديو”، بأعمال سينمائية وتلفزيونية كلاسيكية ضخمة، قدرها تقرير لموقع الغارديان البريطاني بنحو 4 آلاف فيلم و17 ألف ساعة تلفزيونية.

“أمازون” زادت من الإنفاق وتوسعت في الأسواق الدولية، حيث يُعد الاستحواذ على “أم جي أم” هو ثاني أكبر صفقة في تاريخها بعد الاستحواذ على سوق هول فودز، الذي اشترته مقابل 13.7 مليار دولار في عام 2017.

وقبل وعام من إكمال عملية الشراء الجديدة وضع جيف بيزوس، مؤسس أمازون، الأساس المنطقي لصفقة “أم جي أم” في اجتماع المساهمين السنوي للشركة.

لقد عُرفت منصة “أمازون برايم فيديو” كخدمة مشاهدة إلكترونية تتيح للمستخدم مشاهدة آلاف الأعمال الترفيهية، ويطرح بعضها ضمن باقة اشتراك شهري، فيما يمكن تأجير أو شراء بعضها الآخر، وهي تخوض منافسات شرسة مع منصات أخرى، أبرزها “نتفليكس”، التي تحظى بـ 200 مليون مشترك حول العالم، بينما يحظى “أمازن برايم” بـ 175 مليون مشترك، وفقاً للغارديان.

هذا معناه أن “أستوديو إم جي إم” التاريخي الذي أنتج أكثر من 4 آلاف فيلم و17 ألف حلقة من مسلسلات تلفزيونية وفازت أعماله بـ 180 أوسكار و100 جائزة إيمي سيتولى استكمال عمل برايم فيديو من أمازون ستوديوز، لتزويد المشاهدين حول العالم بخيارات ترفيهية متنوعة تتضمن أعمالاً بينها سلسلة أفلام جيمس بوند، وروكي، وصمت الحملان وغريزة أولية وغيرها.

وقد ظل قطاع الترفيه ينظر إلى “مترو غولدوين ماير” على أنَّها هدف استحواذ منذ سنوات، لكنها لم تكن قادرة على استكمال عمليات البيع.

وكانت الشركة قد جدَّدت في 2020 المحاولات، وقد نقلت صحيفة وول ستريت جورنال أنَّها استعانت بمستشارين لجذب عروض شراء، لكي تستفيد من انتشار خدمات البث الرقمي، فقد تفاوضت مع شركة آبل ونتفليكس بشأن أخذ فيلمها جيمس بوند الجديد مباشرة إلى خدمات البث الخاصة بهما.

قبل شرائها قدمت مترو غولدوين ماير طلبا لإشهار إفلاسها، حتى تتمكن من استمرار نشاطها، فقد ظلت الشركة تعاني من تراكم ديونها منذ 2005 عندما اشتراها اتحاد شركات استثمار خاصة في صفقة مثيرة، وجاء تقديم طلب الإفلاس إلى القضاء الأميركي بعد نزاع قانوني طويل مع أحد حملة سندات الشركة الرئيسيين وهو المستثمر الأميركي كارل إيكان الذي كان يضغط من أجل تبني خطة إعادة هيكلة بديلة يتم من خلالها إخضاع الشركة لسيطرة شركة “ليونز جيت” التي يمتلك حصة فيها، وقد تمت تسوية الخلاف من خلال الاتفاق على تغيير سياسة حوكمة الشركة ومنح إيكان مقعدا في مجلس إدارتها مع خطة لإخراج الشركة من دائرة الإفلاس.

المعروف أن مترو غولدوين ماير التي يقع مقرها الرئيسي في بيفرلي هيلز، بكاليفورنيا‏، أسسها رجل الأعمال الأميركي ماركوس لوي عام 1924، بعد أن اندمجت شركة كان يملكها تحت اسم “مترو” مع شركة أفلام يديرها أسطورة هوليوود، لويس بي ماير.

وقد وصلت “أم جي أم” إلى ذروة قوتها في الأربعينات من القرن الماضي كواحدة من أكبر شركات الإنتاج السنيمائي في هوليوود وأكثرها سطوة، منذ بداية الثلاثينات من القرن الماضي إلى ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وبرغم صنعها لأفلام عظيمة مثل “دكتور جيفاغو” الذي أخذ من رواية الروسي بوريس باسترناك، وفيلم “2001: أسبيس أوديسي”؛ فقد انزلقت في مشكلات مالية في النصف الثاني من القرن العشرين.

وخلال عقود تمَّ امتلاكها من قبل “تايم إنك”، ومؤسس “سي إن إن”، “تيد تيرنر”، وامتلكها أكثر من مرة الملياردير الراحل كيرك كيركوريان.

وقبل الاستحواذ عليها ظلت مترو غولدوين ماير واحدة من أكبر أستوديوهات الأفلام التي حافظت على استقلالها عن المجموعات الإعلامية الأكبر، فقد أصبحت “تايم وارنر” جزءاً من “إيه تي آند تي”، واستحوذت “ديزني” على “21 سينشري فوكس”، و”بارامونت” مملوكة لـ “فياكوم سي بي إس” و”يونيفرسال بيكتشرز” تسيطر عليها شركة “كومكاست كورب”.