ندوة المرأة الخليجية في الإعلام

المنامة: إذاعة وتلفزيون الخليج

وسط حضور نسائي كبير، عُقدت صباح الأربعاء، ثاني أيام المهرجان، الندوة الثانية التي ينظمها جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج ضمن فعاليات مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون في دورته الخامسة عشرة، وجاءت تحت عنوان “المرأة الخليجية في الإعلام”، وناقشت عدة محاور من أهمها، التحديات التي تواجه المرأة في الإعلام الخليجي، وواقع المرأة الخليجية على منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى استعراض مجموعة من النماذج الناجحة لعمل المرأة في الإعلام الخليجي.

وتحدث في الندوة كل من: أمل الحليان مدير إدارة البرامج بقطاع الإذاعة والتلفزيون بمؤسسة دبي للإعلام من دولة الإمارات العربية المتحدة، مريم الغامدي مذيعة وكاتبة وممثلة من المملكة العربية السعودية، إيمان الكعبي رئيس قسم التواصل الإعلامي في إذاعة دولة قطر، إيمان مرهون إعلامية من مملكة البحرين، إيمان النجم إعلامية من دولة الكويت، وبيان البلوشية من سلطنة عمان، وأدارتها مقدمة البرامج في تلفزيون البحرين شيماء رحيمي.

واتفقت المشاركات في الندوة على أن عمل المرأة الخليجية في الإعلام يواجه العديد من التحديات، وبخاصة مع ظهور وسائل الإعلام الجديد و”السوشال ميديا”، وهو ما يتطلب من المسئولين والإعلاميات أنفسهن السعي من أجل تطوير المحتوى الإعلامي الذي يتم تقديمه، وانتقدن قيام بعض النساء ممن يطلقن على أنفسهن إعلاميات بتقديم مواد إعلامية تتنافي والقيم الدينية والعادات والتقاليد والهوية الخليجية، في ظل عدم وجود ضوابط تحكم هذا النوع من الإعلام.

وفي بداية الندوة، تطرقت “أمل الحليان” في مشاركتها إلى الصعوبات التي واجهت الإعلاميات قديمًا لدخول هذه المهنة، وكيف أنهن حفرن في الصخر من أجل إثبات أنفسهن وكفاءتهن في هذا المجال، مقارنة بالوضع الحالي، والذي أصبح فيه دخول مجال الإعلام بشقيه التقليدي والرقمي أكثر سهولة.

ودعت الحليان إلى تركيز الإعلام في الوقت الراهن على المحتوى الذي يتم تقديمه، وأن يكون نافعًا وإيجابيًا، مثل تعزيز تبادل المذيعين والمذيعات بين دول مجلس التعاون، وزيادة معدلات البث المشترك بين الدول الخليجية، من أجل اكتساب الخبرات، وبما يسهم في التعبير عن الوحدة الخليجية وتفعيلها كما كان يحدث سابقاً.

أما “إيمان مرهون” فأكدت على أن الإعلام بصفة عامة هو مهنة البحث عن المتاعب، ويواجه في كل فترة من فتراته تحديات وصعوبات، ولكن تختلف طبيعتها بحسب كل مرحلة زمنية، وبالتالي فإن العمل الإعلامي ليس طريقًا مفروشًا بالورود، سواء للرجل أو للمرأة، ولكن المرأة بشكل خاص في بداية عملها الإعلامي واجهت صعوبات أكثر، حيث كان عليها إثبات نفسها، والخروج من نطاق البرامج النسائية والترفيهية والمسابقات إلى البرامج السياسية والحوارية.

وأبدت مرهون رفضها لربط بعض الأجهزة والمؤسسات الإعلامية العربية والخليجية بين ظهور المرأة الإعلامي وعمرها، كأن يتم إحالتها إلى التقاعد بمجرد وصولها إلى سن معين، مقارنة بالدول الغربية التي تصبح فيه الإعلامية أكثر تألقاً وطلباً للعمل كلما تقدم بها العمر وازدادت خبرة وتجربة في مجال عملها.

وفي مشاركتها، قالت “مريم الغامدي” إن المرأة الخليجية العاملة في مجال الإعلام واجهت الكثير من الصعوبات ولكن مسيرتها لم تتوقف وظلت مستمرة، وتبوأت مكانتها وصنعت لنفسها مساحة جيدة إلى جانب الرجل في هذا المجال الحيوي، مستعرضة تجربتها الشخصية في دخول المجال الإعلامي منذ الخمسينيات، من خلال الإعلام المقروء، ثم المسموع عبر الإذاعة، ومن ثم المرئي عبر التلفزيون، واصفة هذه التجربة بالثرية، وقد تقبلت الجماهير وجود الأصوات النسائية الوطنية في وسائل الإعلام بعد أن أثبتت نجاحها.

وأيدت الغامدي ما قالته زميلتها “إيمان مرهون” عن ضرورة النظر في ربط عطاء المذيعة والإعلامية بمسألة العمر، مؤكدة أنه يجب أن يكون هناك دمج بين وجود الخبرات والشباب بما يتيح الاستفادة وتبادل المعارف بين الأجيال.

من جانبها، انتقدت “بيان البلوشية” واقع المرأة الخليجية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تركز على تقديم المرأة بصورة غير لائقة، وأنها تهتم فقط “بقشور” الأمور الحياتية وتغفل النماذج الحقيقية للمرأة الخليجية.

ورأت البلوشية أن الإعلام التقليدي رغم أنه على النقيض من ذلك يقدم صورة جيدة للمرأة الخليجية، إلا أنه لا يسهم في صناعة “نجوم” من الإعلاميين، ولا يروج للإعلاميين المنتمين له، وهو ما يترك الساحة لمن يطلقن على أنفسهن “إعلاميات” من “الفاشينستات” لاحتلال هذه المكانة، رغم أنهن لا يقدمن محتوى هادف أو مضمون جيد، مشيرة إلى أن الجيل الحالي من الإعلاميات يواجهن تحديات عديدة، منها إقناع المشاهد بما يقدمنه من مادة، وبخاصة في ظل تعدد الخيارات أمام المشاهد مع تزايد أعداد منصات الإعلام الرقمي، مشددة على ضرورة أن يتم التركيز على تقديم مضامين إعلامية موجهة للشباب، وتحمل رسائل تعزز القيم الوطنية.

أما “إيمان الكعبي”، فترى أن المرأة الخليجية أثبتت كفاءتها وقدرتها على نقل محتوى إعلامي ذو قيمة كبيرة، وأن تزايد وسائل التواصل الاجتماعي لن يلغي وجود الإعلام التقليدي، بل سيعزز من وجوده، مؤكدة أن الإعلام الجديد أصبح مرئياً على النطاق العالمي، وأن علينا في دول مجلس التعاون مخاطبة العالم من خلاله، وإظهار مجتمعاتنا بصورة مشرفة من خلال ما نعرضه ونتداوله ونقدمه في المنصات الإعلامية الرقمية.

وشددت الكعبي على أهمية استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في تقديم مضامين إعلامية تتماشي مع أفكارنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا الإسلامي الحنيف، وأن ننقل من خلاله للعالم حقيقة مجتمعاتنا، مع ضرورة تغيير أي محتوى إعلامي يسفه من قيمة المرأة الخليجية، وأن يتم تقديم مواد إعلامية تعكس الصورة الحقيقية للمرأة الخليجية المثقفة وصاحبة الفكر النيّر.

من جهتها، أكدت “إيمان النجم” أن الساحة الإعلامية في الوقت الراهن لم تعد مقتصرة على الإذاعة والتلفزيون مع ظهور “السوشال ميديا”، حيث أصبح العالم الآن مفتوحًا وأكثر اتساعًا، ولكن بعض هذه المنصات تقدم محتويات تحمل الكثير من القيم والأفكار الخاطئة والعنصرية، مما يزيد الحاجة إلى دخول هذا المجال من قبل الإعلاميين الملتزمين الذين يقدمون مواد وبرامج جادة وهادفة لمواجهة تلك الأفكار، وحماية الأجيال الشابة من آثارها.

وأشارت النجم إلى أن العمل في المجال الإعلامي متاح، والفرص موجودة للرجال والنساء على السواء، فهو أداة لا تعتمد على جنس دون سواه، ولكن يجب على المرأة أن تثبت كفاءتها وقدراتها، مشيدة بتجربة دولة الكويت في احتضان الإعلاميات وصناعة “نجوم” في هذا المجال.

وتنوعت مداخلات الحضور وتمحورت حول العديد من العناوين، أهمها: كيفية حماية الإعلام من الفوضى الراهنة، وأهمية الحفاظ على مهنة المذيع والمذيعة، في ظل وجود دخيلات على المهنة أصبحن نجمات، وتحول البعض منهن لمذيعات لا يلتزمن بالضوابط الأخلاقية والدينية، وآليات صناعة “النجمة” الإعلامية.

وفي هذا السياق، أكد د. عبد الرحمن محد بحر، وكيل وزارة شؤون الإعلام بمملكة البحرين، في مداخلته أن الأجهزة الإعلامية الرسمية الخليجية تحتاج إلى سياسات تهتم بإدارة النجوم، لكي نؤسس لصناعة نجم إعلامي بالمواصفات المطلوبة، مستعرضًا تجربة البحرين في تمكين المرأة ودعمها من خلال وجود لجان لتكافؤ الفرص داخل الوزارات والأجهزة الحكومية.

وأشار الدكتور بحر إلى أن دور المرأة في الإعلام البحريني لا يقتصر على تقديم برامج الطبخ والأسرة، بل إنها شريكة في إعداد وتقديم كافة المواد والبرامج الإعلامية، منوهًا بدور الإعلام في التركيز على نجاحات الدول في مختلف المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية … إلخ، باعتباره مكسبًا مهمًا ومطلوبًا.

وأكد جانب من الحضور أيضًا على أهمية الحفاظ على صورة المرأة الخليجية في الإعلام والدراما، لا سيما في ظل قيام عدد من شركات الإنتاج الخاصة بتقديم مسلسلات وأعمال فنية تقلل من قيمة المرأة، وتتعمد إهانتها وإظهارها في صورة الضعيفة والمغلوبة على أمرها.