بمشاركة نحو (270) متحدثاً.. وبالتركيز على أزمة فلسطين منتدى الدوحة يدعو إلى حلول عاجلة للقضايا العالمية


اختتمت في العاصمة القطرية، أعمال النسخة (21) من منتدى الدوحة، التي انعقدت برعاية أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يومي 10 – 11 ديسمبر 2023، وتمت خلال المنتدى نقاشات وحوارات مُعمقة بين دبلوماسيين وخبراء من أبرز قادة الرأي وصناع التغيير في العالم، حول مجموعة من التحديات والقضايا الملحة التي تواجه العالم، حيث أقيم المنتدى هذا العام تحت شعار «نحو بناء مستقبل مشترك»، وقد استقطب في هذه النسخة (3500) ضيفًا، ينتمون لنحو (120) دولة، ضمنهم أكثر من (270) متحدثاً.

وشهدت جلسات وفعاليات المنتدى حضوراً دبلوماسياً رفيع المستوى، حيث استقطبت نسخة هذا العام مجموعة من أبرز القادة والمسؤولين في العالم، كما شارك معالي الأمين العام لمجلس التعاون، الأستاذ جاسم البديوي في المنتدى، والذي أكد «أن هذه النسخة من المنتدى لها أهمية كبرى، حيث تقام في ظل ظروف وتطورات إقليمية ودولية صعبة يشهدها العالم، أبرزها الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة على قطاع غزة، وما أحدثته من تصعيد خطير في الشرق الأوسط».
وأكد معاليه خلال مشاركته في ندوة «آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي: شراكة عميقة»، على ان دول مجلس التعاون تسعى دائمًا للشراكات البناءة الهادفة مع جميع الدول، بمختلف القارات، مشيرًا إلى أن العلاقات الخليجية الآسيوية تاريخية ومتينة.
وشهد المنتدى في يومه الثاني جلسة نقاشية تحت عنوان «الناس أولاً: الدبلوماسية الإنسانية في عالم يعج بالتحديات»، استعرضت أحدث الاتجاهات والتحليلات والتحديات التي تعوق العمل الإنساني.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد الخليفي، وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، «أننا نعيش في عالم تسوده تحديات غير مسبوقة، ومن ثم يجب علينا أن نتكاتف للتغلب على تلك العقبات التي تعيق قدرتنا على توفير المساعدات لهؤلاء الذين هم بحاجة إليها».
في حين علَّق مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، بالقول: «هناك ما يقرب من (300) مليون شخص حول العالم بحاجة إلى مساعدات إنسانية، أي ما يعادل تعداد ثالث أكبر دولة سكاناً في العالم. مع العلم بأن المساعدات الإنسانية لا يمكنها أن تكون هي الحل الشامل».
وفي الجلسة الأولى لصانعي الأخبار ضمن أعمال المنتدى في يومه الثاني، قال جاي رايدر، وكيل الأمين العام لشؤون السياسات بالمكتب التنفيذي للأمين العام التابع الأمانة العامة للأمم المتحدة: «نعيش اليوم في عالم يخوض تحديات متعددة ومتزامنة. ونواجه أزمات حروب، وأزمات إنسانية غير مسبوقة، بالإضافة إلى التحديات البيئية وقضايا التنمية. وعلى الرغم من جهودنا، لا يزال هناك تقصير في إيجاد حلول ناجعة لهذه الأزمات».
وأضاف: «الأمم المتحدة، في جوهرها، تعكس إرادة وأفعال دولها الأعضاء، ولا يمكن لها أن تكون أكثر من ذلك، وعلى الرغم من هذا الواقع، تظل منصة حيوية للتعاون الدولي»، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة قد دعت إلى قمة مستقبلية في سبتمبر المقبل تهدف إلى إعادة تنشيط المنظمة.
فلسطين أزمة عالمية
وفي جلسة نُظمت بالشراكة مع مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية ومشروع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وحملت عنوان: «فلسطين أزمة عالمية: فهل من حلٍّ عالمي؟»، أكد حسام زملط، سفير دولة فلسطين لدى المملكة المُتّحدة، أن السياسيين الذين يصبون جل تركيزهم على «فترة ما بعد الحرب» يتجاهلون المشكلة الأكثر إلحاحاً في غزة اليوم. وقال: «من الضروري أن نركز حديثنا على اللحظة الحالية، وأن يتحقق وقف إطلاق النار بشكل فوري ودائم، فمع كل يوم يمضي، تتفاقم الأزمة أكثر فأكثر، مما يزيد من التكاليف، والوضع قد خرج بالفعل عن السيطرة».
وأضاف «زملط» «يجب أن نتحدث أيضاً عن اليوم الذي سبق، وليس اليوم الذي يلي، يجب أن تتركز محادثاتنا على الحصار والاستيطان والاحتلال والعنف، وعلى نظام نتنياهو الذي يقوض أي عنصر من عناصر حل الدولتين»، منتقداً ما سمّاه الحكومات التي تلقي علينا محاضرات حول حل الدولتين، دون الاعتراف بدولة فلسطين.
من جانبه، حذر دانيال ليفي، رئيس مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية، من أن «الوضع يشهد تدهوراً متزايداً يوماً بعد يوم، مع استمرار تزويد إسرائيل بالأسلحة واستخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي لصالحها، من المتوقع أن تتخذ إسرائيل تدابير أكثر تطرفاً وخطورة. لا بد من فرض المساءلة بصرامة».
من جهتها، قالت الدكتورة كومفورت إيرو، الرئيسة التنفيذية لمجموعة الأزمات الدولية: «نحن نواجه أزمة في عملية صنع السلام نفسها، وغزة هي خير دليل على ذلك، ولا يوجد دور فعال لمجلس الأمن. هذه المشكلة لم تظهر فجأة فيما يتعلق بالمسألة الإسرائيلية الفلسطينية فحسب، بل برزت أيضاً في الأزمة الأوكرانية، وفي العديد من النزاعات الأخرى، فهناك نقص واضح في القيادة الفعّالة».
الذكاء الاصطناعي
وفي مجال أمن المعلومات، أقيمت جلسة نقاشية تحت عنوان: «تأمين البيانات في عصر يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي»، استعرضت التحديات والاستراتيجيات المتعلقة بكيفية ضمان الخصوصية داخل أنظمة الذكاء الاصطناعي، بينما تناولت بالنقاش آفاق الضمانات التقنية والاعتبارات الأخلاقية.
الأمن الإقليمي
وفي جلسة بعنوان: «حوار متعدد الأطراف حول الأمن الإقليمي والدبلوماسية»، شدَّد كل من الدكتور هوياو وانج، مؤسس ورئيس مركز الصين والعولمة، والمستشار السابق لمجلس الدولة للصين، والدكتور جاستن فايس، مؤسس ومدير منتدى باريس للسلام، على الحاجة الماسة إلى إطلاق حوار متعدد الأطراف وشامل لمواجهة الصراعات والتوترات المتزايدة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
إصلاح الحوكمة
وتناولت جلسة «تعزيز الاستدامة وإصلاح الحوكمة في الدول الهشة»، التي نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية موضوعات عدة؛ كان من بينها سبل استخدام الابتكار والتكنولوجيا على مستوى الطاقة في توفير حلول صغيرة النطاق لتعزيز أهداف المناخ وتقوية البنية التحتية المدنية وتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية ودعم عمليات بناء السلام في البلدان الهشة.
وأوضحت الدكتورة بلقيس عثمان العشا، وهي كبير المتخصصين في تغير المناخ والنمو الأخضر لدى بنك التنمية الأفريقي، أنه «على الصعيد العالمي، هناك استثمار جيد في مصادر الطاقة المتجددة، ولكن حينما تأتي إلى أفريقيا ترى جزءاً صغيراً جداً من هذه الأموال يصل إلى أفريقيا، وفي عام 2021، الذي تم خلاله استثمار (444) مليار دولار على مستوى العالم، لم يكن نصيب القارة الأفريقية منها سوى (0.6) %، رغم أن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تمتلك (44) % من الإمكانات العالمية للطاقة الشمسية».
مستقبل مشترك
وسلّطت الجلسة الأخيرة، التي جاءت بعنوان: «بناء مستقبل مشترك»، الضوء على الحاجة إلى تطوير المؤسسات متعددة الأطراف لمواجهة التحديات المستقبلية، وذلك عبر إيلاء الاهتمام اللازم بالمنظومات الشاملة، والمعايير والتقنيات اللازمة لتعزيز التعاون الفعّال.