إعلام بلا حدود

مجرّي بن مبارك القحطاني

لا شك أن الإعلام رسالة ومرآة للأحداث وأداة مهمة في سياسات الدول الخارجية، بعد أن أصبحت أهم من تحريك الجيوش وتخطي الحدود واستعراض الصواريخ الإستراتيجية العابرة للقارات.

الإعلام هو الأداة المؤثرة في حاضر البشرية ومستقبلها وتأكيد صريح بأن الإنسان باني الأرض ومدمرها أيضًا.

ومصداقية لما قيل إن “احتلال العقول يسبق احتلال الحقول” نجد أن الصور والرسالة الإعلامية المتناقلة حاليًا هي إن العالم دخل مرحلة الصراع النووي وأسلحة الدمار الشامل وفناء البشرية بسبب السباق نحو السيطرة والهيمنة، لو تابعنا الحرب الروسية الأوكرانية وقضية إيقاف الغاز الروسي إلى أوروبا وصراع إنهاء القطب الواحد وأزمة الطاقة والقمح، لفهمنا جزءًا مهمًا من رسالة السيطرة على العقول وجعلها تدور في مسارات الفناء المحتوم، ولو شاهدنا صراع الديكة السياسي في أمريكا بين الحزب الديموقراطي واعتقادات اليسار من جهة ومناصري الرئيس السابق دونالد ترمب لعرفنا أن المستقبل يحمل الكثير من المتغيرات وكأن المشهد يمهد لهيمنة الحزب والفكر الواحد في أمريكا، السبب الرئيس في هذا التحول هو الإعلام الذي يضع الأزمة ثم يقنع العقول بالتماهي معها كمسلمة للواقع.

صواريخ وتجارب كوريا الشمالية عبر سماء جارتها الجنوبية وبحر اليابان مؤشر آخر على البعد الإعلامي وتأثيره في المستقبل بعيدًا عن الأهمية العسكرية أو الإستراتيجية، وهو ما ينطبق على زيارات رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لكل من تايون وأرمينيا، ولا ننسى التأثير لتيارات وأخلاقيات وممارسات مؤثرة في الأفلام والإعلام الرقمي بسبب المحتوى الموجه للمتلقي لتغيير المعتقدات والمسلمات الإنسانية، والتأثير في الأجيال الحالية والقادمة لأهداف محددة.

في كل الأحوال الإعلام بكل وسائله التقليدية والرقمية أصبح لاعبًا رئيسيًا في المشهد العالمي يؤثر سلبًا وإيجابًا في صناعة الحدث أو متغيرات السياسة، الإعلام لم يكن يومًا محايدًا ولم يعد وسيلة تنموية أو تعليمية أو ترفيهية كما درسها طلاب الإعلام، بل أصبح أداة هيمنة وتغيير لا يعترف بالإنسان أو المكان، فمن يكسب الحاضر والمستقبل الإعلام أم الأزمة؟ لا إعلام بلا أزمات .. ولا نار بلا دخان!! وسائل الإعلام أصبحت محرك أساسي في تأجيج الأزمة أو إطفائها .. الإعلام فاز بالمركز الأول، ولكنه الوحيد بالسباق وهو المنظم والراعي والسياسي في المدرج ويتفرج!!!

أيها العالم أما آن لليالي الأزمات والتأزيم أن تنجلي .. الله وحده يعلم.