إعكورونا!!!

في ظلِّ القلق والاهتمام العالمي الواسع وغير المسبوق بانتشار مرض كورونا المستجد (كوفيد 19) وتعديه للحدود وعبوره السريع للقارات أصبح الهاجس الكبير للإنسان متابعة مستجدات هذا المرض الخطير وما صاحبه من زخم إعلامي مكثف سبب الهلع والخوف من الانتظار المجهول.

في مقال سابق ليّ تحدثت عن “من يصنع الآخر، الأزمة أم الإعلام؟” ودور الوسيلة الإعلامية في صناعة الأزمات وتعزيز انتشارها من دون النظر لأي معايير أو محددات، ومعها أصبح المتابع يمسي على معلومة ويصبح على واقع آخر ولو كان على حساب الحقيقة.

هناك رابط كبير بين الكورونا والإعلام، بخاصة في مجالي السرعة والانتشار، ولا شك في أن كورونا الإعلام وتأثيره أخطر من المرض المعروف نفسه، بل إن الحالة قد تتحول إلى وباء مهني.

ليس تشاؤمًا، لكن ما يجري في الإعلام بخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي و(الواتساب)، وما يسمى بمشاهير التواصل الاجتماعي، من تمصدُر وترهيب وتركيز على نصائح غير متخصصة ونقل مقاطع قديمة وعدم الاستناد على مصادر موثوقة، كل ذلك وغيره كثير حوّل ما يجري إلى (إعكارونا) متفشية، فيها كثير من الإقصاء والتباهي المزيف وعدم الوعي.

أي أمراض كانت، ومنها كورونا المستجد، تنحسر ويتم إيجاد علاج لها بمشيئة الله، لكن كيف نعالج مرض فيروسات كورونا الإعلام؟!

المسألة ليست بحاجة إلى عقاقير ومضادات بل إلى عزل فكري وتشريعات إعلامية تحد من إيجاد الأزمات بين أفراد المجتمع وتخطي الحدود إلى إيجاد حملات تأزيم متضادة بين الشعوب.

الإعلام سلاح قوي، بل أبلغ من الرصاص، وكورونا الإعلام أفتك من كل الأوبئة لأنه يصوب نحو جدران المجتمع المطرز عليها لوحة مكتوب عليها “آفة الأخبار رواتها” وتحتها نقش جديد “آفة الإعلام فيروساتها”، وعلى المتضرر قياس الحرارة والضغط ومعدل التنفس، فقد يكون أصيب بعدوى فيروس كورونا الإعلام، وبالتالي الدخول في إجراءات الحظر والعزل وعدم مخالطة البشر بأفكار محبطة وأسطر مضللة ورؤية معتمة!

إذا أردت الراحة.. ابتعد عن متابعة مصابي “كوفيد الإعلام” كي تعيش في سعادة وسلام، وخذ الاحترازات والتحذيرات من مصادرها المؤكدة والمتخصصة، وليس من السّاعين إلى الشهرة والأضواءو”الترزّز” ولو كان على حساب صحة الإنسان وسلامة المجتمعات.