حرصت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على استمرار العمل الخليجي المشترك في ظل الظروف المعقدة التي فرضتها أزمة الجائحة الوبائية (كورونا) (COVID 19) على المنطقة، مؤكدةً على أهمية الحفاظ على مكتسبات المجلس وإنجازات مسيرته التكاملية، لتنفذ الأمانة خلال شهر مارس 2020 عددًا من الاجتماعات الهامة تعزيزًا للتعاون الخليجي في مواجهة الأزمة العالمية، ومتابعة مستجدات آثارها على الجانبين الصحي والاقتصادي خليجيًا، والتي تبذل فيهما الأمانة العامة لمجلس التعاون الكثير من الجهود وباستمرار دائم بالتعاون من الجهات المعنية بدول المجلس.
واتخذت الأمانة تقنية “الاتصال المرئي” وسيلة لتنفيذ (6) اجتماعات طارئة انقسمت بين الشأن الصحي والشأن الاقتصادي، حيث سخرت الأمانة التقنية الاتصالية عن بُعد؛ لمناقشة مستجدات فايروس كورونا وتفعيل حزم الإجراءات المشتركة، وتبادل المعلومات، والخروج بتوصيات تخدم العمل الخليجي المشترك، وتساهم في وضع الحلول الوقائية والخطط الاقتصادية لمواجهة جائحة كورونا.
اجتماع وزراء الصحة بدول المجلس لمتابعة (كورونا)
كانت البداية مواكبة للحدث ففي 14 مارس 2020م، وبناء على دعوة معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف الحجرف، حين عُقِد اجتماعًا عبر الاتصال المرئي لأصحاب المعالي والسعادة وزراء الصحة بدول مجلس التعاون، وبمشاركة مجلس الصحة لدول مجلس التعاون، لمناقشة مستجدات فيروس كورونا والإجراءات المتبعة للحد من انتشاره، والاطلاع على آخر التطورات والمستجدات في الدول الأعضاء.
وتم خلال الاجتماع شرح عن الوضع في كل دولة شاملاً الإجراءات المتبعة في المنافذ والإحصاءات المتعلقة بالفيروس، وجاهزية القطاع الصحي، والخطط الإعلامية والتوعوية، وخطط الطوارئ، واتفق الوزراء في نهاية الاجتماع على عدة إجراءات أهمها إنشاء غرفة عمليات مشتركة وعقد اجتماع أسبوعي على مستوى وكلاء وزراء الصحة بدول المجلس بهدف تبادل المعلومات والتنسيق المشترك.
واتفق الوزراء على أن يتولى مجلس الصحة التنسيق مع وزارات الصحة بدول المجلس لإصدار تقرير يومي عن الحالات المؤكدة ومصدرها، والإجراءات الاحترازية التي يتم اتخاذها.
وثمن الوزراء الجهود الجبارة التي يقوم بها منسوبو القطاع الصحي في دول المجلس ومساهماتهم الملموسة، مشيدين بتعاون المواطنين والجهات الرسمية والأهلية، كما حث الوزراء المواطنين والمقيمين في دول المجلس على تطبيق معايير مكافحة العدوى والالتزام بإجراءات السلامة الوقائية المتبعة، مؤكدين على أهمية تلقي المعلومات من المصادر الرسمية وعدم الانسياق خلف الشائعات وحسابات التواصل الاجتماعي غير الرسمية.
آثار (كورونا) الاقتصادية على طاولة محافظي “النقد” و”المركزية”
كما عقد أصحاب المعالي والسعادة محافظو مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول مجلس التعاون، وبمشاركة معالي الأمين العام لمجلس التعاون، في 15 مارس 2020م اجتماعًا مرئيًا، لمناقشة الآثار الاقتصادية للجائحة ، بناء على دعوة من محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي.
وتم الاجتماع انطلاقًا من دور مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول المجلس الذي يهدف لتعزيز الاستقرار المالي، ودعم اقتصادات دول المجلس وحماية المستهلكين والشركات، والوقوف مع القطاع الخاص ودعمه؛ لتمكينه من القيام بدوره في تعزيز النمو الاقتصادي الحالي في ظل هذه الظروف الاستثنائية، واستنادًا إلى الأدوات المتاحة للسياسة النقدية وأدوات السياسات الاحترازية.
واستُعرضت خلال الاجتماع الخطوات والتدابير التي قامت بها الدول الأعضاء من خلال مؤسسات النقد والبنوك المركزية لتعزيز الثقة في الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال، ولتخفيف الآثار المالية والاقتصادية لأزمة كورونا المتوقعة على هذا القطاع، التي شملت برامج دعم تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبرامج تأجيل الدفعات، وبرامج تمويل الإقراض، وبرامج لدعم ضمانات التمويل، والتي سوف تسهم بمشيئة الله في دعم الاقتصاد خلال هذه المرحلة، وتحافظ على متانة النظام المالي والنقدي، كما أكد المحافظون على جودة القطاع المصرفي وقدرته على مواجهة التحديات والأزمات، وأنهم يراقبون عن كثب الآثار المحتملة بهدف اتخاذ التدابير المطلوبة، كما وجهوا الأمانة العامة بإعداد تقارير أسبوعية عن الخطوات التي تتخذها دول المجلس وتزويد الدول الأعضاء بها.
الاجتماعين الأسبوعيين الأول والثاني لوكلاء وزارات الصحة الخليجية
وامتدادًا لجهود العمل الخليجي المشترك، بمتابعة الأمانة العامة لمجلس التعاون، تم تفعيل قرار أصحاب المعالي والسعادة وزراء الصحة بدول الخليج، لعقد اجتماع أسبوعي على مستوى وكلاء وزراء الصحة، عبر الاتصال المرئي؛ بهدف تبادل المعلومات والتنسيق والتعاون لمتابعة مستجدات أزمة كورونا، والاطلاع على آخر التطورات في دول المجلس، حيث عقدت لجنة وكلاء وزارات الصحة اجتماعها في 16 مارس 2020م، بمشاركة الأمانة العامة لمجلس التعاون، ومجلس الصحة لدول مجلس التعاون.
وتم خلال الاجتماع تحديد آلية عملية للاجتماعات الأسبوعية للجنة، وتحديد المعلومات المطلوب توافرها في التقرير اليومي المشترك وتقديمه صباح كل يوم لكافة دول المجلس، وتبادل الخبرات والتجارب المتميزة في هذا المجال.
وفي 21 مارس 2020م، عقد عبر الاتصال المرئي، الاجتماع الاستثنائي الأسبوعي الثاني لوكلاء وزارات الصحة بدول مجلس التعاون، من أجل استكمال التنسيق والتعاون بين دول المجلس بخصوص جائحة (كورونا)، وتناول الاجتماع التعاون المشترك لتوفير البيانات الخاصة بوضع المرض والإجراءات الاحترازية التي تتبعها كل دولة لمجابهته، وتنسيق جهود التعاون المستقبلية.
اجتماعًا استثنائيًا لوزراء المالية لمناقشة الأثر الاقتصادي لكورونا
انطلاقاً من دور وزارات المالية بدول المجلس الذي يهدف لتعزيز الاستقرار المالي، ودعم اقتصادات دول المجلس، دعا معالي الأمين العام لمجلس التعاون، لعقد اجتماعٍ عبر الاتصال المرئي نفذته لجنة التعاون المالي والاقتصادي بالأمانة العامة في 23 مارس 2020م، لمناقشة الآثار المالية والاقتصادية للوباء المستجد؛ بهدف تحفيز الاقتصاد والأنشطة الاقتصادية المتأثرة، والوقوف مع القطاع الخاص ودعمه لتعزيز النمو الاقتصادي في ظل هذه الظروف، ورفع كفاءة الأداء المالي والاقتصادي.
وترأس الاجتماع معالي عبيد الطاير وزير الدولة للشئون المالية بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث استعرض أصحاب المعالي والسعادة وزراء المالية بدول المجلس خلال الاجتماع التدابير والجهود الاحترازية التي قامت وتقوم بها الدول الأعضاء لضمان توفير المتطلبات المالية اللازمة لتنفيذ الإجراءات الوقائية للتعامل مع تبعات الجائحة.
واستهدف الاجتماع تعزيز الثقة في اقتصاديات الدول الأعضاء، وتحقيق الاستدامة المالية، واتخاذ كافة الإجراءات لضمان تدفق السلع والخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين بشكل منتظم، وتفعيل دور الصناديق الوطنية التنموية والاستثمارية لتخفيف الآثار السلبية المتوقعة على كافة القطاعات الاقتصادية في كل دول المجلس.
وأثنى الوزراء خلال الاجتماع على ما تم في الدول الأعضاء من مبادرات عاجلة لمساندة القطاع الخاص، خاصةً المنشآت الصغيرة والمتوسطة والأنشطة الاقتصادية الأكثر تأثرًا، مساهمة منها في دعم هذه الأنشطة والحد من تأثرها بالإجراءات الوقائية المتخذة.
كما استعرض وزير المالية في المملكة العربية السعودية وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف، دور المملكة العربية السعودية كرئيس لمجموعة العشرين حيال التعامل مع هذه الأزمة وما يقوم به وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين تجاه دعم الاقتصاد العالمي خلال هذه المرحلة.
وفي هذا الصدد أكد وزراء المالية بالدول الأعضاء بأن دول مجلس التعاون سوف تساهم مع دول العالم للحد من المخاطر السلبية لهذا الوباء على الاقتصاد العالمي، باتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة لتحقيق واستدامة نمو قوي ومتوازن وشامل.
وكلاء وزارات التجارة الخليجية يتابعون تداعيات كورونا
تابعت الأمانة العامة لمجلس التعاون اجتماعات الاتصال المرئي الطارئة لمناقشة الأثر الاقتصادي لجائحة كورونا، حيث عقد وكلاء وزارات التجارة بدول مجلس التعاون في 26 مارس 2020م، اجتماعهم الذي جاء تفعيلًا لدور وزارات التجارة بدول المجلس في ضمان توفر السلع الأساسية والضرورية للمواطنين والمقيمين، ومتابعة وتقييم المستجدات والإجراءات الاحترازية التي تنفذها دول المجلس.
وترأس الاجتماع المهندس محمد الشحي وكيل وزارة الاقتصاد بدولة الإمارات العربية المتحدة (دولة الرئاسة)، حيث استعرض وكلاء وزارات التجارة بالدول الأعضاء خلال الاجتماع التدابير والخطط المعمول بها لضمان تدفق السلع والخدمات الأساسية في الأسواق الخليجية، مؤكدين على ضرورة تنسيق التدابير الاحترازية بين دول المجلس في كافة القطاعات لدعم الانتعاش الاقتصادي وتوحيد الإجراءات، وتسهيل حركة البضائع بين دول المجلس لا سيما البضائع والشحنات المرتبطة بالمواد الاستهلاكية والأساسية والمواد المرتبطة بالنمو الاقتصادي بشكل عام.
ختامًا وجه أصحاب المعالي والسعادة وزراء التجارة، الأمانة العامة بإحاطة لجنة التعاون المالي والاقتصادي بنتائج اجتماعات اللجان الوزارية والفنية التي تعقد لمناقشة التداعيات المالية والاقتصادية للأزمة الوبائية، وكذلك بإعداد تقارير أسبوعية عن الخطوات التي تنفذها الدول الأعضاء للوقاية من المخاطر السلبية لذات الأزمة وتزويد الدول الأعضاء بها.
الدور المحوري لأمانة مجلس التعاون
بهذه الجهود، وتحديًا لكل التحديات، تواصل الأمانة العامة لمجلس التعاون متابعة كل المستجدات في الشأن الخليجي المشترك، خلال هذه الأزمة وفي غيرها من الأوقات، انطلاقًا من دورها المحوري في تعزيز العمل التكاملي، والذي تجنى ثماره في مثل الظروف المرحلة الحالية بتعقيداتها المتشعبة لتبرهن على قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون، ووحدة الصف الخليجي بما تمثله الروابط في العلاقات الخاصة والسمات المشتركة التي تتصدرها العقيدة الإسلامية، تعاونًا على البر، وثقةً في منجزات الدول الأعضاء ودعم قادتها الذي جعل المنطقة بفضل الله نموذجًا فريدًا في الاستقرار والنماء والأمن والسلم.