أيهما أهم المهارة أم المعلومة لدارسي وممارسي الإعلام؟
سؤال عريض يحتاج إلى إجابات وتمحيص وتلاقح أفكار، ومراجعة للبرامج التدريبية لممارسي الإعلام، وللأساليب الأكاديمية في الجامعات التي تُخرّج مئات من الإعلاميين دون معرفة لاحتياجات الصناعة الإعلامية التي تحولت إلى التقنية والذكاء الاصطناعي وقللت من الاعتماد على العنصر البشري.
أقسام الإعلام في الجامعات الخليجية لا زالت تركز على الدراسات النظرية أكثر من المهارة واحتياجات كل مرحلة!!.
بل أصبح بعض الطلاب يلتحقون بأقسام الإعلام بسبب عدم قبولهم وفق رغباتهم العلمية، وكأن أقسام الإعلام ملاجئ ورقم مضاف إلى أعداد الخريجين بالجامعات.
عندما درسنا في الإعلام لم نُقبل في قسم الإذاعة والتلفزيون إلا بعد مقابلة مع أسماء إعلامية مهيبة وبارزة، منها: “د. عمر الخطيب، والمذيع والإعلامي الموسوعي فايق فهيم، ود. عبد الله الشبيلي” يجري خلالها حوار إعلامي وثقافي متشعب، مقابلة تخرج منها وأنت تتحدث مع نفسك!!.
ولهذا نطرح سؤال أهم .. هل الإعلام وظيفية؟ في اعتقادي الشخصي وعبر تجربة طويلة بشكل عام فإن الإعلام ليس مهنة أو وظيفة، بل هواية وشغف ومهارة وعشق وتحدي وتجاوز للعقبات .. المهام الإعلامية بطبيعتها متجددة ومتغيرة في كل لحظة، وهذه ميزة تقود إلى مراحل متقدمة من الإتقان والإعداد وتراكم الخبرات ورصد النتائج .. الإعلامي سيبدع في مجاله أما الموظف فيستطيع العمل في أي مكان.
أذكر أنه إذا جاء لنا في عملنا الإخباري خريج جديد نمرره على كافة الأقسام ليعرف سياق الأداء، وبعد تجربة قد تصل إلى عدة أسابيع نسأله “هل وصلت إلى مرحلة الاندماج والعشق للعمل الإخباري المتلاحق بتوالي الأحداث؟”.
إن كانت إجابته سلبية طلبنا منه البحث عن عمل آخر لا صلة له بالأخبار، الهدف من ذلك تأصيل أن الإعلام بمجمله ليس فرصة وظيفية، بل غاية ووسيلة للتطور وتحمل المسؤولية وتوسيع للأفق للحكم على الأحداث وتحليلها والتنبؤ والتوقع الأقرب للصواب.
لا شك أن السؤالين جدليان مهنيًّا وأكاديميًّا، وسيظل محور نقاش لا ينتهي، والهدف هو تغيير النمط التقليدي الأكاديمي لطلاب وطالبات الإعلام وأن رسالتهم كبيرة ومهمة، ومسؤوليتهم ومستقبلهم أكبر، وأن دراسة الإعلام يجب أن تتحول إلى (70%) عملي وتنمية مهارات وتدريب ميداني، و(30%) معرفة ومعلومات ونظريات وثقافة عامة.
نستشهد بتجربة الإعلامي البارز والمحاور البارع عبد الله المديفر، صاحب مقولة (انقلوا عن) لنقول لكم انقلوا عنه، إنه قال في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون في دورته (15) التي أقيمت مؤخرًا في مملكة البحرين:
“سوق العمل بشكل عام وسوق الإعلام بشكل خاص يحتاج إلى مزيد من المهارة لا مزيد من المعلومات”.
وقد يقول أحدكم كما يتردد دائمًا “الإعلام لا يبني بيتًا ولا يؤكل عيشًا” .. الحكم لكم والمشهد أمامكم.