قمة العلا .. الخليجيون يكتبون صفحة تاريخية جديدة من أرض الحضارة العريقة

دبلوماسية الأخوة عنوان القمة الحادية والأربعين .. في العام الأربعين

الخامس من يناير 2021م، تاريخ لن ينساه مجلس التعاون، التقى فيه القادة الخليجيون في العلا، المنطقة الأشبه بمتحف مفتوح على الزمن، حيث ملامح الحضارة البشرية العائدة لآلاف السنين قبل الميلاد، هناك ومع مطلع عام جديد، كان الموعد لكتابة التاريخ عندما قالت الأخوة الخليجية كلمتها لتقدم درساً دبلوماسياً وسياسياً إلى العالم، في القمة التي وصفتها عناوين إعلامية بأنها كانت انتصاراً لدول الخليج جميعاً.

في المملكة العربية السعودية، وبرئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، صدر بيان التضامن والاستقرار، لتطوي دول المجلس ملفات الاختلاف داخل بيتها الواحد، ومع اعتياد القمم الخليجية لمشاعر الانتماء ومظاهر العلاقة المتينة، إلا أن الاحتفاليات بين مواطني المجلس كانت في قمتها مع هذه القمة وهي تبشر بعودة العلاقات الطبيعية، وتبرهن أن الخليجيين الذين مروا بأزمة لم تكن معتادة في تاريخ مسيرتهم التعاونية، خرجوا منها، أشد تماسكاً وتمسكاً بأخوتهم، وأكثر صلابة من أي أزمة.

كان العرفان المعهود حاضراً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي وجه بتسمية هذه القمة “قمة السلطان قابوس والشيخ صباح” في تقدير لمسيرة زعيمين خليجيين كان لهما بصمات مشهودة في صون مكتسبات هذا الكيان الشامخ، وكانت الإرادة السياسية حاضرة في بحث ملفات السياسة الإقليمية والدولية من وجهة النظر الخليجية وبما يوجه رسائل واضحة بتعزيز أمن دول المجلس وحماية استقرارها، ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها، والتأكيد على وحدة صفها في مواجهة مختلف التحديات وتوحيد جهودها لمكافحة التطرف والإرهاب.

“بالحكمة نتجاوز كل الخلافات ونعبر بالمنطقة إلى بر الأمان” هذا هو مضمون الرسالة التي بعثتها القمة للعالم عبر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، فيما تلا الأمين العام لمجلس التعاون، الدكتور نايف الحجرف، بيان العلا بما تضمنه من بشائر استكمال تنفيذ المشاريع الاقتصادية المتفق عليها سابقاً، وتعزيز التكامل العسكري بين دول مجلس التعاون، مشيداً بالحزم التحفيزية التي قدمتها الدول الخليجية في إطار تعاملها مع تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.

ولم يمنع التباعد الاجتماعي عناقاً صادقاً، كافياً لتدشين مرحلة جديدة بما يخدم آمال شعوب دول المجلس وتطلعاتها، إنها المرحلة التي توجها الأمير محمد بن سلمان بكلماته خلال القمة “نحن اليوم أحوج ما نكون لتوحيد جهودنا للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا”.

لم تكن قاعة المرايا مجرد أيقونة هندسية استضاف فيها السعوديون أعمال القمة الحادية والأربعين، بل كانت كذلك الفرصة التي يرى فيها هذا المجلس نفسه أمام مسؤولية كبرى أمام تحديات الحاضر ومتطلبات المستقبل، كانت المرايا تعكس ما هو أعمق من الشكل حين أتاحت كذلك رؤية جوهر هذا الكيان متمثلاً في المصلحة الواحدة للدول الست ذات المصير الواحد، ليأتي الانعكاس على صورة عرفان، أو على هيئة رسالة عبر الزمن من مكان عابر للتاريخ، رسالة إلى القمة الأولى في أبو ظبي، مضمونها أن الأشقاء الخليجيين تجاوزوا أزمتهم في العلا، ليواصلوا السعي إلى العلا.