أكد معالي الأمين العام لمجلس التعاون، الدكتور عبداللطيف الزياني، أن منطقة الشرق الأوسط، والوطن العربي على وجه الخصوص، تواجه اليوم تحديات ومخاطر عديدة نخشى أن تتعدى منطقتنا لتطال العالم بأسره، فالجميع على الصعيدين الإقليمي والدولي يتأثرون بشبكة متداخلة من النفوذ والصراع والإرهاب والتطرف، معربًا عن اعتقاده بأن من المهم جداً بحث قضايا الأمن والتعاون في هذا الوقت العصيب، وفي خضم التطورات المتلاحقة التي تعيشها المنطقة.
جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الأول للحوار الخليجي الألماني حول الأمن والتعاون، في 27 يونيو 2019م بالعاصمة الألمانية برلين، والذي نظمته جمعية الصداقة العربية الألمانية والأكاديمية الاتحادية للسياسات الأمنية، بمشاركة نخبة من المختصين والمفكرين والباحثين وصناع السياسات من كلا الجانبين.
وأكد الزياني أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كمنظومة إقليمية طموحة، يسعى إلى المحافظة على أمن دوله الأعضاء واستقرارها، وتحقيق التنمية والازدهار لصالح دول المجلس ومواطنيها، ويعمل في الوقت نفسه على حماية استقرار المنطقة وازدهارها حفاظًا على المصالح العالمية، مضيفًا “أن لدى دول مجلس التعاون سياساتها الخارجية والدفاعية الخاصة بها، إلا أن دولنا تؤمن تمامًا بأن أفضل السبل لتحقيق الأمن هو من خلال الشراكة وليس من خلال العمل الفردي، وهي تؤمن بأن أي اعتداء على أي من دولنا الأعضاء يعدّ اعتداءً على الجميع، وهو ما نصت عليه اتفاقية الدفاع المشترك بين دول المجلس”.
وأوضح الزياني أن دول مجلس التعاون حرصت على إنشاء عدد من المؤسسات الدفاعية والأمنية، وتبني العديد من المبادرات الخليجية التي تدعم أنشطتها وعملها المشترك، وتواصل أيضا بذل جهود حثيثة لمكافحة الجريمة والإرهاب والتطرف، عبر مؤسسات أمنية مشتركة فاعلة، في إطار الاتفاقية الأمنية المشتركة واتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن تلك الجهود تتواكب مع تنسيق وتعاون مستمر مع المؤسسات والجهات الدولية والإقليمية المماثلة.
وقال الأمين العام: “إن التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط اليوم كثيرة ومتنوعة، وينبغي أن تكون استجابتنا وجهودنا لمواجهة تلك التحديات فاعلة وبناءة”، مشيرًا إلى أهمية التفكير على الأمد البعيد، والعمل على إيجاد رؤية شاملة يمكن أن تبنى عليها سياسات وأهداف على الأمد القريب، وهو هدف طموح قابل للتحقيق، ويتطلب أن نكون أصحاب فكر خلاق وخيال واسع.
وأكد الزياني على أهمية توافق الدول ذات الفكر المتماثل على وضع رؤية شاملة مدعومة بخطة بعيدة الأمد، أساسها التكامل الإقليمي والاعتماد المتبادل، وتتم بلورتها بين دول المنطقة أولاً، ثم بالتعاون مع الأصدقاء والشركاء الدوليين، للحصول على الدعم والمساعدة للتأثير على مجريات الأحداث وتسوية الأزمات والصراعات، وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو استقرار المنطقة وازدهارها، مؤكدًا على ضرورة أن يكون الهدف الأساسي جاذبا للغاية، بحيث أن من لا يرغب في أن يكون جزءًا من هذه الرؤية سيجد نفسه خاسرًا ومهمشًا، منوهًا إلى أهمية أن تكون المكاسب والمنافع المرجوة واضحة للجميع، وبخاصة للمواطنين الذين ظلوا يكابدون المعاناة منذ وقت طويل.
ودعا أمين عام مجلس التعاون في هذا الصدد إلى الاستفادة من التجارب الفريدة لألمانيا، والدور المحوري الذي قامت به في إعادة بناء أوروبا من أهوال الحروب التي ألمت بالقارة الأوروبية، وتعزيز المكانة السياسية والأمنية والاقتصادية للقارة الأوروبية، بناءً على الاعتماد المتبادل والتكامل والثقة المتبادلة.