كابسات 2022م
وسط تغييرات واسعة النطاق يشهدها قطاع البث الفضائي، شهدت مدينة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة فعاليات المعرض الدولي للإعلام الرقمي واتصالات الأقمار الاصطناعية (كابسات 2022م)، خلال الفترة من 17 – 19 مايو 2022م، في مركز دبي التجاري العالمي، ويُعدّ (كابسات) أكبر تجمع دولي متخصص في قطاع اتصالات الأقمار الاصطناعية والبث وتصوير المحتوى في المنطقة.
أكثر من (200) علامة تجارية من (35) دولة
ركز (كابسات 2022م)، على الموضوعات المتعلقة بتحديات استدامة قطاع الفضاء والتغيّرات في طبيعة استهلاك المحتوى، بمشاركة نُخبة من مشغلي الأقمار الاصطناعية والبث ومنتجي المحتوى، حيث شاركت أكثر من (200) علامة تجارية من (35) دولة، وتضمن المعرض ثلاث فعاليات رئيسة متخصصة، وهي مؤتمر المحتوى، وقمة “سات إكسبو”، وفعالية محتوى الجيل التالي، وقد استضاف المعرض والمؤتمر مجموعة من الشركات الرائدة في القطاع، مثل “عربسات، ونايل سات، ومجموعة تيكوم، وتركسات، وكفيست ميديا، وروس فيديو، وإيفرتز مايكروسيستمز، ووكالة الفضاء الوطنية الأذربيجانية”، بالإضافة إلى أجنحة خاصة لكلٍ من بافاريا وبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية.
كذلك استقطبت قمة “سات إكسبو” مشاركين من جنسيات متعددة، تضمنت مجموعة من الأسماء البارزة من صناع القرار التنفيذيين من “كوزميك آبل” من الولايات المتحدة الأمريكية، والرابطة العالمية لمشغلي الأقمار الاصطناعية، وشركة تقنيات شبكات الأقمار الاصطناعية، وشركة “سي كوم” لأنظمة الأقمار الاصطناعية من كندا وإنمارسات، ومجموعة ساتكومز إنوفيشن، وإس إي إس نتوركس، وإي تي إل سيستمز، وكراتوس وجي في إف من المملكة المتحدة، إلى جانب عربسات من المملكة العربية السعودية.
إرضاء المستهلكين وضمان ربحية الشركات
اُفتتح مؤتمر المحتوى في إطار “كابسات 2022م” أعماله بكلمة رئيسية ألقاها ماجد السويدي، المدير العام لمدينة دبي للإعلام ومدينة دبي للاستوديوهات ومدينة دبي للإنتاج، مشيرًا إلى الأعداد المتزايدة لرواد الأعمال ومساعي دبي لاستقطاب المواهب والمؤسسات على حدٍّ سواء، لتكون بمثابة حافز للارتقاء بمستوى قطاع الإعلام في الإمارة.
وقال السويدي: “نحرص على توفير الظروف والمنظومة الملائمة لرواد الأعمال، إذ لمسنا خلال العام الماضي زيادة واضحة في أعداد الشركات التي تسعى للاستثمار هنا، واكتشاف مزايا الإصلاحات الحكومية الرامية إلى دعم قطاع الإعلام، وتحوّل “كابسات” إلى منصة فريدة خصيصًا هذا العام، حيث تقدم مجموعة واسعة من الفرص التي تركز على استقطاب الشركات والأفراد المُبدعين”.
وقد تناولت جلسة حوارية، جمعت مجموعة من أبرز قادة مؤسسات البث في المنطقة والعالم، سُبل إيصال المحتوى للمستهلكين والطبيعة المُعقّدة لآلية صنع القرار الرامية إلى إرضاء المستهلكين وضمان ربحية الشركات في فترة تشهد تنافسًا واضحًا بين الوسائط التقليدية والرقمية.
وأشار وائل محمد البطي نائب رئيس المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية والرئيس التنفيذي للشؤون التجارية، إلى أن التركيز على إضفاء الطابع المحلي على الإنتاجات وضمان جودتها أهم عوامل رضا العملاء، لا سيما في ضوء استمرار الاعتماد على خدمات الأقمار الاصطناعية.
من جانبه أكد الدكتور رياض بن كمال نجم، رئيس الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع سابقاً في المملكة العربية السعودية، رئيس اللجنة الاستشارية لأكاديمية التدريب الإعلامي باتحاد الإذاعات العربية، أن قطاع الإعلام يواجه تحديات عدة خاصة مع دخول عالم الأقمار الاصطناعية والمنافسة عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لافتًا إلى أن صناعة المحتوى تواجه العديد من التحديات – أيضًا – بسبب الظروف الجيوسياسية والاقتصادية التي يمر بها العالم في الوقت الحاضر.
الميتافيرس والرموز غير القابلة للاستبدال
استقطب مؤتمر المحتوى عددًا من أبرز رواد القطاع لاستكشاف أحدث التوجهات في مجالات الميتافيرس والرموز غير القابلة للاستبدال، ومحتوى منصات التواصل الاجتماعي ومنافسات البث على “الإنترنت”، إلى جانب خدمات البث الصوتي (البودكاست) ومدونات الفيديو والمحتوى الموسيقي، شملت قائمة المشاركين ممثلين عن مجموعة من أكبر الشركات في القطاع، مثل: تويتر وميتا، ومجموعة روتانا، وإم بي سي، وستارز بلاي، ومدينة دبي للإعلام، وهيئة الإعلام الإبداعي ومبادرة أبو ظبي للألعاب والرياضات الإلكترونية، بالإضافة إلى قناة “سي إن بي سي” عربية، وشركة التصنيف الإعلامية السعودية، ووزارة الإعلام والثقافة والسياحة في نيجيريا ومنصة ديزني بلس.
الأخبار ونماذج الاشتراك في المنطقة
ناقش مجموعة من أبرز صناع محتوى الأخبار في المنطقة تحديات اعتماد نماذج الاشتراك في منطقة الخليج العربية وتأثيرها على الإيرادات في منصات البث التلفزيوني التقليدية، وأوضح رياض حمادة، رئيس قسم الأخبار الاقتصادية في الشرق للأخبار، أن المصداقية تشكل عائقًا يمنع القنوات الإخبارية في المنطقة من تطبيق نظام الاشتراك المدفوع، ويقول حمادة: “لا تزال خدمة البث التلفزيوني التقليدية الخيار الأبرز لنا، غير أننا نبحث عن مصادر إيرادات أخرى، مثل الفعاليات الحية، والتي تُعد وسيلة للحصول على المعلومات والاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي”.
وتحدثت لبنى فواز، مديرة المحتوى التلفزيوني والرقمي في قناة “سي إن بي سي” عربية، حول إيرادات المنصات وهيمنة التلفزيون التقليدي على الوسائل الإعلامية حتى الآن، حيث قالت: “يُعد التلفزيون التقليدي مصدر الدخل الرئيسي لدينا على الرغم من إدراكنا لاحتياجات الجمهور وسعينا لتلبيتها دومًا من خلال بناء علاقات قائمة على الثقة مع المشاهدين، كما نسعى لتنويع وسائل نقل المحتوى بما يلبي مختلف تطلعات جمهورنا الجديد”.
الاقتصاد الإبداعي ودور وسائل التواصل
ناقشت كل من كندة إبراهيم، مديرة الشراكات الإعلامية في تويتر لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومون باز، مديرة شراكات المبدعين في الشرق الأوسط وإفريقيا وتركيا لدى شركة ميتا، ازدهار الاقتصاد الإبداعي ودور وسائل التواصل الاجتماعي في هذا النجاح، وذلك خلال جلسة حوار أقيمت ضمن فعاليات مؤتمر المحتوى، حيث كشفت الخبيرتان عزم المنصتين على زيادة التركيز على صناع المحتوى والاقتصاد الإبداعي الذي بلغت قيمته أخيرًا (100) مليار دولار أمريكي.
وأشارت مون باز إلى أن مشاهدات الفيديو تشكل نسبة (50%) من وقت المستخدمين على فيسبوك، و(20%) على إنستغرام، حيث قالت: “حان الوقت الآن للتركيز على صُناع المحتوى وتعويض تقصيرنا في هذا الجانب، حيث يؤكد استثمارنا في ميزتي “فيسبوك” و”وتش وريلز” على التزامنا الكبير تجاه صُناع المحتوى، علماً أننا نمتلك أدوات تحقيق الأرباح مثل الإعلانات والاشتراكات والفعاليات الإلكترونية المدفوعة وغيرها، ونقوم حاليًا باختبار برنامج ريلز بونس في الولايات المتحدة الأمريكية ضمن استثمار بقيمة مليار دولار أمريكي، حيث نعتزم إطلاق البرنامج عالميًا في الوقت المناسب.
قطاع البث المزدهر في المملكة العربية السعودية
شهدت فعاليات اليوم الأخير لمعرض كابسات 2022م، الكشف عن منصة جديدة أخرى تهدف إلى قياس مستويات مشاهدة مقاطع الفيديو والمحتوى في المنازل في المملكة العربية السعودية، وبدأت الشراكة بين الشركة السعودية للتقييم الإعلامي وخبراء البيانات لدى شركة (نيلسن Nielsen) نشاطها بالبحث في خدمات البث عن طريق القنوات الفضائية والبث عبر الإنترنت مع مخططات للتوسع لاحقًا نحو قطاعات الألعاب الإلكترونية وبرامج البث الصوتي والإذاعة والمنشورات المطبوعة.
المعروف أن نيلسن شركة عالمية متخصصة ولديها خبرة واسعة في مجال قياس الجمهور التلفزيوني والرقمي، وفي هذا الصدد، قالت سارة ميسر، مدير إدارة الإعلام في نيلسن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباكستان: “نعمل بصفتنا مُزودًا رائدًا لحلول قياس مشاهدات التلفزيون ومحتوى الفيديو على تطوير مبادرة متفردة في المملكة العربية السعودية، علماً أنّ الدنمارك هي الدولة الوحيدة حول العالم التي تعمل على تطبيق الحل ذاته، وقالت أيضًا: نحن نعتمد على أحدث تقنيات القياس في العالم، ونستخدم أدوات قياس المشاهدات النانوية من خلال جهاز يُدمج في التلفزيون ليُعطينا تغذية متسقة ومستمرة بلا انقطاع عن نشاط المشاهدة المُسجل على كُل جهاز تلفزيون، ويُعد هذا التصميم بسيطًا، إلا أن الإضافة الأهم ستكون مقياس البث عبر الإنترنت والذي يرتقي بالقياسات التي نُسجلها إلى مستوى تطمح الدول الأخرى للوصول إليه، ولن تقتصر قياساتنا على المشاهدات الخطية للبرامج التلفزيونية؛ إذ سيمنحنا جهاز قياس البث عبر الإنترنت نظرة معمقة حول المحتوى الذي يتم بثه”.
المحتوى الموجه للأطفال
وناقش خبراء من استوديوهات رائدة في مجال المحتوى الموجه للأطفال الزخم المتواصل الذي تكتسبه موضوعات وتقنيات محددة في مجال إنشاء المحتوى، مضيفين أن النجاح في عملية إنشاء مادة أصلية مع امتلاك حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها يمكن أن يعني مزيدًا من المرونة عند اتخاذ قرار حيال كيفية تحقيق الأرباح من الأنشطة المختلفة التي تضم شخصيات البرامج المعروضة.
وفي هذا الصدد، قال كامل ويس، المدير العام لخدمة سبيستون غو، ورئيس تطوير الأعمال في قناة سبيستون: “يفتقر السوق لجهات بث تركز على إنشاء أعمال أصلية مميزة، ونعمل في سبيستون على بث المحتوى وترخيصه، فضلاً عن التوسع في مجال الألعاب، وهو ما أدى إلى زيادة الإيرادات وتقديم باقة واسعة من المحتوى للمستهلكين، وتُعد الأعمال الأصلية الطريقة الأفضل لتأسيس علامة وتحقيق الربح، بفضل الحد من المعوقات الناجمة عن امتلاك العلامات الأخرى للملكية الفكرية”.
وبدورها، قالت مريم السركال، مديرة منصات ماجد في شركة أبو ظبي للإعلام: “استغرقنا بعض الوقت لإدراك العناصر التي تجعل المحتوى مميزًا، ويكمن جمال المحتوى الموجه للأطفال في مرونته الكبيرة وإمكانية دبلجته للغات كثيرة، واتخذنا قرار تأسيس استوديوهات خاصة بنا مسبقًا، والتي توظف اليوم فريقًا يضم أكثر من (40) شخصًا، في خطوة موفقة ساعدتنا على التعامل مع أعمالنا الأصلية وملكياتنا الفكرية بمهارة أكبر”.