بمناسبة الذكرى الأربعين لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية
أكد معالي الدكتور نايف الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، على الدور الكبير والمحوري الذي يقوم به مجلس التعاون منذ التأسيس في عام 1981م في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، باعتباره ركيزة الاستقرار في المنطقة ومحرك ازدهارها وتنميتها.
جاء ذلك خلال الندوة الافتراضية التي نظمها معهد دول الخليج العربية في واشنطن في 26 مايو الماضي، بمناسبة الذكرى الأربعين لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
واستعرض معالي الأمين العام مسيرة مجلس التعاون المباركة في خدمة دوله وأبنائه، من خلال الإنجازات والتنمية التي شهدتها الأربعون عامًا الماضية منذ قيام المجلس في 25 مايو 1981م، ونجاحه في تعزيز مرجعيته الإقليمية وتفاعله وحضوره الدولي، الذي جعل منه شريكًا صادقًا وموثوقًا في ميادين البناء والتنمية والتقدم وتعزيز الأمن والاستقرار.
وشدد الدكتور الحجرف على إيمان مجلس التعاون بالتفاعل الإيجابي مع المجتمع الدولي في ملفات الأمن والطاقة والتنمية والاقتصاد، حيث يدشن مجلس التعاون العقد الخامس في أعقاب “قمة السلطان قابوس والشيخ صباح”، التي احتضنتها محافظة العلا في 5 يناير 2021م، والتي شكلت انطلاق مرحلة جديدة في مسيرة مجلس التعاون، والذي سيبقي حريصًا على تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي
– وأيضًا – التنسيق والتعاون مع الأشقاء والأصدقاء لما يمثله ذلك من دعم وتعزيز الأمن العالمي.
وتناول معاليه جهود مجلس التعاون في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، مستشهدًا بجهود مجلس التعاون في تعزيز الأمن في اليمن منذ عام 2011م عندما قدمت المبادرة الخليجية، والتي شكلت أحد المرجعيات الثلاث لحل الأزمة في اليمن، والتي كانت بمثابة خارطة طريق لولا انقلاب ميليشيات الحوثي على الشرعية وما تسبب به من تداعيات لا زال الشعب اليمني يعاني منها بسبب تعنت الحوثي ورفضه التجاوب مع المبادرة السعودية لوقف إطلاق النار وبدء العملية السياسية، مثمنًا جهود كلاً من المبعوث الأممي لليمن – وأيضًا – مبعوث الولايات المتحدة لليمن، والعمل معهما للتوصل إلى حل دائم للأزمة اليمينة، معبرًا عن شجبه واستنكاره لاستمرار جماعة الحوثي باستهداف المملكة العربية السعودية، داعيًّا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه تلك الاعتداءات المتكررة.
وأكد معالي الأمين العام على الموقف الثابت والمبدئي لمجلس التعاون في دعم الحكومة الشرعية في اليمن، واستعداد مجلس التعاون لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن، وفق قرار المجلس الأعلى، شريطة انطلاق العملية السياسية لاستعادة الأمن والاستقرار في اليمن .
واستعرض الدكتور الحجرف العلاقات بين مجلس التعاون وكلاً من المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية، وأهمية التنسيق والتعاون من خلال عدد من اللجان والفرق التي تعمل على تعزيز ذلك في مجالات عدة لخدمة الأهداف والمصالح المشتركة، موضحًا علاقات مجلس التعاون مع جمهورية العراق على ضوء مذكرة التفاهم الموقعة في عام 2019م، والمشاريع المشتركة بين الطرفين، ومنها: “الربط الكهربائي للشبكة الخليجية مع جنوب العراق”، مؤكدًا بأن أمن واستقرار العراق مهم لمجلس التعاون.
وثمن معالي الأمين العام العلاقات بين مجلس التعاون وجمهورية مصر العربية، وما تمثله من أهمية إستراتيجية لتعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، مؤكدًا على الدور المحوري لجمهورية مصر العربية، وارتباط أمن مجلس التعاون مع أمن مصر في مواجهة التحديات، مستذكرًا دور مصر في التوصل إلى هدنة في غزة بعد ما شهدته الأراضي الفلسطينية المحتلة من اعتداءات مؤخرًا.
وحول لبنان، أكد معاليه على الموقف التاريخي لمجلس التعاون مع الشعب اللبناني الشقيق في كل الأحوال والظروف، والتي كان آخرها انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس عام 2020م، حيث سارعت دول المجلس بمد جسر جوي من المساعدات والمستلزمات الضرورية لمساعدة الأشقاء في لبنان، متمنيًّا أن تسارع الطبقة السياسية في لبنان بتغليب مصلحة لبنان وسيادته، والإسراع بتشكيل حكومة كفاءات تنقذ لبنان ليسترد دوره وعافيته تحقيقًا لمصلحة لبنان واللبنانيين.
وفيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، أكد معالي الأمين العام على أهمية جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، مستذكرًا ترحيب مجلس التعاون بالاتفاق الذي أعلن عنه في عام 2015م، والذي كان مأمولاً أن يحد من سلوك إيران المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، غير أن الواقع يثبت عكس ذلك، داعيًّا إيران إلى احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، واحترام سيادة الدول، والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ووقف دعم المليشيات المسلحة.
وأكد الحجرف على أهمية طرح وجهة نظر مجلس التعاون والتساؤلات المشروعة حول مفاوضات البرنامج النووي التي عُقدت في فيينا، كون مجلس التعاون معنيًّا بتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بحكم الجوار الجغرافي المباشر مع إيران، وقياسًا على مشاركة كلاً من: الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية والصين واليابان وكوريا الجنوبية، مجتمعين في المفاوضات سداسية الأطراف في عام 2003م حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية كدول جوار مباشر.
وفي هذا الصدد رحب معالي الأمين العام بتفاعل واهتمام الولايات المتحدة الأمريكية مع قضايا المنطقة، مؤكدًا على أهمية العلاقات الإستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية في كافة المجالات، ومتطلعًا لتعزيز هذه العلاقات لخدمة المصالح المشتركة وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وحول أولويات العقد الخامس لمجلس التعاون، أكد الدكتور الحجرف على أن الأمن والاستقرار ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة، وأن دول المجلس تتمتع بمقومات تمكنها من القيام بدور رئيسي كمحرك اقتصادي من خلال الشراكات الإستراتيجية ومفاوضات التجارة الحرة مع عدد من الدول والتكتلات الإقليمية، ومن خلال خطط ورؤى وبرامج التنمية في دول المجلس، مستعرضًا الجهود الاستثنائية للمملكة العربية السعودية في رئاسة قمة مجموعه العشرين خلال عام 2020م، وكذلك جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في استضافة معرض
(إكسبو 2020 – 2021م) في مدينة دبي، وأخيرًا استعدادات دولة قطر لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في 2022م، كل هذه الفعاليات والأحداث العالمية والتي تعكس مكانة دول مجلس التعاون وتفاعلها الإيجابي وإسهاماتها المتميزة مع المجتمع الدولي وتعزيز التنمية والاستقرار والأمن، ليكون التكامل الاقتصادي من أولويات العقد الخامس لمسيرة مجلس التعاون.