في فبراير 2020، شهر احتفال الكويت بيومها الوطني، تم اختيار الوزير والأكاديمي الكويتي الدكتور نايف الحجرف أميناً عاماً لمجلس التعاون الخليجي، قبل عام تقريباً من احتفال المجلس بمرور أربعين عاماً على تأسيسه، لتبدأ مرحلة واعدة من العمل المشترك يعززها الأمين العام الجديد بمسيرة حافلة كان خلالها طرفاً فاعلاً في عدد من قصص النجاح في المجال المالي والأكاديمي والاستثماري، فضلاً عن مواقع عدة على مستوى القطاعين الحكومي والخاص.
جاء الدكتور الحجرف المولود في العام 1970م من خبرة متميزة في مجال الاقتصاد بدءاً من قيادته لعدد من المصارف والشركات الكبرى، مروراً بإدارة هيئة أسواق المال، وليس انتهاءً بتوليه منصب وزير المالية في الكويت، وهي الخبرة التي شملت كذلك مجالات الطاقة والتخطيط والخدمة المدنية والتطوير العقاري، فضلاً عن الاستشارات المالية والإشراف على المشروعات الإنمائية، ووضع السياسات الاستراتيجية والتنموية، والإسهام في جهود التعاون الإقليمي والدولي.
هذه المسيرة المتنوعة للدكتور نايف الحجرف ترسم لنا صورة عن دوره المنتظر في مسيرة التعاون الخليجي، فالأمين العام السادس في عمر المجلس، والثاني من دولة الكويت، يقف أمام أهداف كبرى للتكاملات والمشروعات الخليجية ذات العلاقة بالجوانب المالية والمصرفية والتجارية، لتحقيق أحد أهم الأهداف الخليجية وهو بناء كيان اقتصادي قوي ومستدام، بما يخدم مصالح شعوب المجلس، ويكون له تأثيره الفاعل في استقرار المنطقة وازدهار العالم.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، وبينما يكمل مجلس التعاون عقده الرابع، عبّر الدكتور نايف بنظرة موضوعية في قراءة واقع المجلس ومستقبله، فهو إن كان يرى أن التحديات الراهنة غير مسبوقة في نوعيتها وتشعبها، إلا أن هذا يجعلها سبباً أكثر أهمية من أي وقت مضى للتعاون بين الدول الخليجية انطلاقاً من الثوابت المشتركة لشعوب المجلس، مؤكداً بوضوح “لا وقوف عند الماضي إلا لاستلهام الدروس، وبما لا يعرقل مسيرة الآمال والطموحات في المرحلة القادمة”.
بهذه النظرة المنتمية لعصرها الحالي، يراهن الدكتور نايف الحجرف على فرص تتضاعف باستمرار، وعلى ضرورة استثمار الإمكانيات التي لم تكن موجودة في العقود القليلة الماضية، فالعالم يسير قدماً في ذروة التقدم العلمي والتقني، وهو ما يتطلب تأهيل كفاءات متمكنة من مهارات المستقبل لتلبية متطلبات اقتصاد المعرفة، وجميعها عناصر وقف عليها الحجرف شخصياً خلال مسيرته العملية التي تضمنت توليه منصب نائب رئيس جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا، قبل أن يتولى بعد ذلك حقيبة وزارة التربية والتعليم العالي في الكويت.
وإن كان الدكتور الحجرف قد جاء في المرحلة الأكثر ثراء بمعطيات التقدم المعرفي والحضاري مقارنة بكل فترات زملائه السابقين في الأمانة العامة، إلا أن هذه المرحلة كذلك لم تخل من توترات ومتغيرات بالغة التعقيد، فضلاً عن ظروف استثنائية من أبرزها مواجهة العالم لوباء فيروس كورونا المستجد، حيث يقود الأمين العام الحالي تنسيق الجهود الخليجية في كل هذه الملفات ويعمل مع قيادات دول المجلس ولجانه الوزارية على توحيد الصف وتعزيز الموقف، ولعل “قمة العلا” كانت أبرز ثمار هذه الجهود المباركة، لتحقيق مزيد من النجاحات وتقديم الكثير من البشائر لشعوب الخليج.