لزمن طويل ساد الإعلام الدولي أسماء إمبراطوريات معروفة، مثل: “تايم وارنر، وإكسل شبرنغر، وبرتلزمان، وديزني وغيرهم”، الآن دخلت وجوه جديدة تصنع محتوى جديد كليًّا جذبت جيل الشباب، أسماء مثل: “نتفليكس، وفايس ميديا، وبزفيد، وإنسايد إديشن، وفوكس، وإم أي سي ميديا، وأمازون برايم فيديو”، وهم عمالقة جدد في الإعلام الدولي وبأحجام وتأثيرات واتجاهات مختلفة.
(برايم فيديو Prime Video)، والتي يتمُّ تسويقها – أيضًا – باسم (Amazon Prime Video)، هي منصة أمريكية لبثِّ الفيديو عند الطلب من خلال شبكة الإنترنت، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات وغيرها، تملكها وتديرها شركة “أمازون” المعروفة التي أسسها “جيف بيسوس” عام 1996م، لبيع الكتب ثم تحولت لأكبر متجر إلكتروني في العالم.
توفر المنصة برامج تلفزيونية وأفلام سينمائية للإيجار أو الشراء، فضلاً عن مواد “برايم فيديو”، وهي مجموعة مختارة من محتوى منتجات استوديوهات أمازون الأصلية، والتي تحصل عليها الشركة بالشراء والاستحواذ على رخص بثــّها.
وكأمثلة لما تقدمه الشبكة من مسلسلات، حلقات (ذا بويز The Boys)، الذي يتناول ما يحدث عندما يسيء الأبطال الخارقون المشهورون استعمال قواهم الخارقة بدلاً من استخدامها لصالح الخير، ومسلسل (جاك راين Jack Ryan)، الذي يدور حول عميل اسمه “ريان” المكلف بالذهاب إلى أمريكا الجنوبية للتحقيق والكشف عن خيوط مؤامرة خطيرة، فضلاً عن مسلسل (مودرن لوف Modern Love) الرومانسي الذي يستكشف ماهية الحب.
تمَّ إطلاق الخدمة في 7 سبتمبر 2006م، باسم (Amazon Unbox) في الولايات المتحدة الأمريكية، ونمت الخدمة مع مكتبتها المتوسعة، وأضافت إليها عضوية “برايم فيديو” بالتزامن مع تطوير برايم.
وفي 22 فبراير 2011م، غير الاسم مرة أخرى إلى “أمازون إنستانت فيديو” (Amazon Instant Video on Demand)، وأضيف ما يقارب من (5,000) فيلم وبرنامج تلفزيوني لمشتركي خدمة “أمازون برايم”.
في عام 2015م، أطلقت أمازون برنامج (Streaming Partners) المعروف الآن باسم (Amazon Channels)، وهو عبارة عن منصة تسمح بتقديم قنوات البثِّ وخدمات البثِّ إلى مشتركي “أمازون برايم” من خلال منصة “أمازون فيديو”.
هذه الخدمات منفصلة عن عروض أمازون فيديو، حيث يجب شراؤها بشكل منفصل، وقد تضمن الإطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية خدمات، مثل: “(Curiosity Stream) و(Lifetime Movie Club) و(AMC’s Shudder) و(Showtime) و(Starz) وغيرها”، ثم أضافت الخدمة لاحقـًا شركاء آخرين، مثل: “(HBO) و(Cinemax) و(Fandor) و(PBS Kids) و(Seeso) و(Toku) و(Boomerang)”.
في سبتمبر 2015م، أسقطت أمازون كلمة (Instant) من عنوانها في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تمَّ تغيير اسمها إلى “أمازون فيديو” في نوفمبر 2016م، وقد ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الشركة سعت للحصول على حقوق البثِّ في الدوريات الرياضية الأمريكية لتمييز الخدمة بشكل أكبر.
في نوفمبر 2016م، أعلنت أمازون أنها تخطط لبثِّ حلقات برنامج (The Grand Tour) على مستوى العالم، وفيه يقوم الثلاثي “جيريمي كلاركسون، وريتشارد هاموند وجيمس ماي”، بأخذ المشاهدين إلى جولة حول عدد من مدن العالم المختلفة، وقد أدى الإعلان إلى تكهنات حول ما إذا كانت خدمة “برايم فيديو” الكاملة ستبدأ عملية بث دولية أوسع للتنافس مع نتفليكس.
وبالفعل تحقق ذلك، ففي 14 ديسمبر 2016م، تمَّ إطلاق “برايم فيديو” حول العالم باستثناء “الصين، وإيران، وكوريا الشمالية، وسوريا”، ليتوسع نطاقها إلى ما وراء الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وألمانيا، والنمسا، واليابان.
بالعودة إلى الرياضة، بدأت أمازون في أبريل 2017م بإجراء عمليات استحواذ على المحتوى المرتبط بالرياضة، فاكتسبت أولاً حقوقــًا غير حصرية لبثِّ أجزاء من مباريات كرة القدم المسائية ليوم الخميس في دوري كرة القدم الأمريكي (NFL) خلال موسم 2017م، لمشتركي برايم.
وفي أغسطس من نفس العام، حصلت على حقوق البثِّ التلفزيوني البريطاني لرابطة محترفي التنس في جولتهم العالمية بداية من عام 2019م، لتحل محل (Sky Sports) في صفقة تستمر حتى عام 2023م، وتشمل حصريًا كافة الأحداث المرتبطة بها.
كما تقدم الشبكة برامج رياضية من نوع سيرة الرياضيين وحوارات خاصة، ومؤخرًا قدمت البرنامج التلفزيوني (El Corzaon de Sergio Ramos)، والذي يتناول مسيرة “راموس” من بداياته مع نادي “إشبيلية” إلى قيادته للمنتخب الإسباني ونادي “ريال مدريد”.
يمكن لمشتركي خدمة “أمازون فيديو” مشاهدة المحتوى المقدم لهم، الأفلام والبرامج التلفزيونية، عبر العديد من الأجهزة بما في ذلك أجهزة التلفزيون الذكية ومشغلات أقراص “البوراي”، وكذلك الإصدارات الحديثة من مشغلات الألعاب “بلاي، وإكس بوكس”، وأجهزة الهواتف الذكية، والأجهزة المحمولة “الآيباد”، والأجهزة التي تعمل بنظام “الأندرويد”، وأجهزة أمازون اللوحية “كيندل فابر”، وجهاز “فاير تي في”.
كما تدعم الخدمة كذلك البث عبر الإنترنت بوساطة عدد من مشغلات الفيديو، بالإضافة إلى التطبيقات على الأجهزة التي تحمل علامة أمازون فاير، والأجهزة المحمولة المعتمدة من جهات خارجية، ومشغلات الوسائط الرقمية الخاصة (Roku)، ووحدات التحكم في ألعاب الفيديو (Video game consoles)، وأجهزة التلفزيون الذكية.
ويتوافر – أيضًا – تطبيق (Android TV)، حيث إنه كان حصريًا في البداية لأجهزة تلفزيون “سوني برافيا الذكية” التي تعمل بنظام (Android TV)
و(Nvidia Shield).
أما عن جودة الفيديو اعتمادًا على نوع الجهاز، فإن “أمازون فيديو” يدعم نوعية دقة فيديو (1080P) و(HDR) و(UHD)، كما يتوافر للشراء بمبلغ إضافي للأفلام والبرامج التلفزيونية بخيار الفيديو عالي الدقة (4K UHD)، مع صوت (5.1) “دولبي” “ودولبي ديجيتال بلس أوديو” و”دولبي اتموس”.
في 18 مارس 2020م، حثَّ “تيري بريتون”، المفوض الأوروبي المسؤول عن السياسة الرقمية للاتحاد الأوروبي، خدمات البثِّ بما في ذلك “أمازون برايم فيديو” على تقليل خدماتها، وقد جاء الطلب لمنع شبكات أوروبا عريضة النطاق من الانهيار، حيث بدأ عشرات الملايين من الناس العمل من منازلهم، نتيجة لجائحة كورونا.
وقد ظلت أمازون تحجب دعم تلفزيون (آبل Apple TV) ونظام (Google Chromecast)، وفي أكتوبر 2015م، حظرت الشركة بيع هذه الأجهزة في سوقها عبر الإنترنت؛ لأنها لا تدعم نظام “برايم فيديو”، وقد أدى هذا الوضع إلى انتقاد أمازون بأنها تفرض الحمائية ضد الأجهزة التي يمكن اعتبارها غير منافسة لمنتجات (Fire TV) الخاصة بها.
مع ذلك، وفي ديسمبر 2017م، أصدرت أمازون تطبيق “Apple TV” لبرايم فيديو، وأعلنت في أبريل 2019م، أنها ستضيف دعم “كرومكاست” ‒ أيضًا ‒ إلى تطبيق “برايم فيديو المحمول” مع التوسع في إصدار تطبيق “برايم تي في” الخاص بـ” Android TV “، وقد جاء ذلك كجزء من امتيازات لاستعادة الوصول إلى موقع “يوتيوب” على أجهزة (Fire TV) بعد نزاع مع غوغل.
أخيرًا، يقارن محمود حسين، الكاتب المتخصص في متابعة صناعة المحتوى ونقد الأفلام، في تقرير نشره في شبكة “أراجيك” بين “نتفليكس” و”أمازون برايم فيديو”، ويرى أن الأولى هي صاحبة الريادة في هذا المجال، وبفضل ما حققته من نجاح ظهر العديد من الشبكات الأخرى التي تقدم خدمات مشابهة، مثل: شركة (Hulu) الأمريكية، لكن لم تلق “نتفليكس” منافسة حقيقية إلا بعدما أطلقت شركة “أمازون” العالمية خدمة “أمازون برايم فيديو”، التي استطاعت خلال فترة وجيزة من الحصول على حقوق العرض الحصري عبر الإنترنت لعدد كبير من الأفلام والمحتوى التلفزيوني، وصارت تقدم خدماتها بالعديد من الدول التي كانت تنفرد بها “نتفليكس” في الماضي.
ويرى حسين ‒ أيضًا ‒ أن المحتوى الترفيهي المرئي المتوافر عبر شبكة “نتفليكس” وخدمة “أمازون برايم” على السواء يتسم بقدر كبير من التميز والتنوع، كما أن كل شبكة تتضمن كمًّا هائلاً من الأعمال الشهيرة والمميزة، وقد نالت معظم أعمال الإنتاج الأصلي للشبكتين تقييمات مرتفعة، وتلقت مراجعات نقدية إيجابية، بل إن بعضها نافس على العديد من الجوائز الفنية الرفيعة، لكن في النهاية تظلّ أعمال “نتفليكس” الأصلية هي الأضخم إنتاجـًا، والأفضل تقييمًا، والأكثر شعبية، خاصة فيما يتعلق بالمسلسلات التلفزيونية، حيث سجلت نسب مشاهدة مرتفعة، وهو ما أدى إلى تجديد أغلبها إلى مواسم جديدة.