يُعدُّ المعرض الدولي للإعلام الرقمي واتصالات الأقمار الصناعية – كابسات (CABSAT)، الفعالية الرئيسية في مجال البث والأقمار الصناعية، وابتكار المحتوى والإنتاج والتوزيع والإعلام الرقمي، ويجمع بين الإلهام وأحدث المعلومات ما يجعل منه حدثــًا فريدًا لا بد من إقامته.
يُقدم “كابسات” رؤية عن قرب ليس فقط للعاملين في هذا القطاع، بل لكل من يرغب في الحصول على متابعة متعمقة وشاملة حول المستقبل، وهو يُعدُّ فعالية لا بد من حضورها بالنسبة لجميع المؤسسات المعتمدة على تقنيات الاتصال عالمية المستوى، ولا يقتصر دور المشاركين على عرض الأدوات والتقنيات، بل يقومون كذلك بتمكين الحاضرين من فـَهم أحدث ما وصلت إليه الصناعة في هذا المجال، فضلاً عن مناقشة التحديات الماثلة والمستقبلية.
وفي ظل جائحة كورونا، كان على صناع المحتوى والتكنولوجيا والمعدات والبرمجيات والتطبيقات أن يتعاملوا مع أمرين هما: طفرة هائلة في الطلب وتحديات في الإنتاج، حيث تحتاج هذا الصناعة أكثر من أي وقت مضى إلى منصة جديدة لمشاركة الأفكار والحلول والابتكارات والرؤى الجديدة، وهذا ما حدث بالفعل من خلال “كابسات الافتراضي” (CABSAT Virtual)، الذي جرت جلساته عبر منصات التواصل المرئية يومي 10 و11 نوفمبر 2020م.
و قدم مؤتمر المحتوى (Content Congress) عرضًا متكاملاً للمنصات الرائدة للبثِّ والإنتاج وتقديم المحتوى والوسائط الرقمية وقطاعات الأقمار الصناعية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، وشمل المؤتمر نقاشات بين أصحاب الرؤى المختلفة والمبدعين والتكنولوجيين وقادة الصناعة.
وانعقدت الجلسات في وقت أصبح فيه عالم الترفيه المسكن الدائم لملايين الناس حول العالم، لذلك جرى التركيز على التقنيات والمنصات والأجهزة الجديدة التي تمكن الناس وهم في بيوتهم من الوصول إلى المحتوى الإعلامي والترفيه ومنتجات الفيديو والألعاب والموسيقى وغير ذلك، ووفق شروطهم الخاصة من حيث وقت المشاهدة ونوع المحتوى المقدم لهم.
كما ركز الخبراء على كيفية التعامل مع التغيرات السريعة والهائلة في وسائل الإعلام والترفيه الرقمي وصناعة المحتوى، والطرق التي يتبعها المستهلكون في المتابعة والآليات التي تستخدمها قنوات البث وصانعو البرامج لتحقيق الدخل من عروضهم، فضلاً عن التقدم الحاصل في المنصات التي تستخدمها شركات الأقمار الصناعية في هذا المجال، كما ناقشوا إمكانات حلول البث الهجين الجديدة (Hybrid Broadcast) في جميع أنحاء المنطقة.
في ذلك يقول “سوريش كومار”، مدير التكنولوجيا في سكاي نيوز عربية: “تعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واحدة من أسرع المناطق نموًا في استهلاك المحتوى، حيث يوجد تنوع كبير في الجمهور الذي يطلب محتوى يصل بشكل مباشر إلى مناطقهم وبلدانهم”.
ومع انخفاض عائدات مبيعات الإعلانات وتفشي القرصنة، ناقش الخبراء الإمكانات المتاحة لإيجاد نماذج أعمال جديدة في وسائل الإعلام المرئية، حيث ترى الخبيرة في الإعلام والترفيه “سانجاي راينا” أنه من السابق لأوانه وجود نموذج مثالي لجميع أنحاء العالم، بل يمكن أن يوجد نموذج خاص بكل بلد أو منطقة.
وتضيف سانجاي: في وقت سابق كان إيراد الإعلان التلفزيوني (2) مليار دولار أو (3) مليارات دولار في العالم العربي، ربما يكون الآن حوالي (500) إلى (600) مليون دولار، فقد ذهبت هذه الأموال إلى الإعلانات الرقمية، لأنها تصل مباشرة إلى المستهلك، مشيرة إلى التواجد الكبير لمنصات الترفيه الرقمية وخدمات الفيديو حسب الطلب في المنطقة، وهي تسعى –أيضـًا– لاقتطاع حصتها من كعكة الإعلانات.
هذه المنصات كما هو معلوم تستطيع الآن أن تتابع مـَنْ يشاهد، وماذا يشاهد من أفلام ومسلسلات وبرامج وغيرها، وكم من الوقت استغرقت المشاهدة، وفي أي جهاز وأي موقع جغرافي، هذا الوضع يساعد في توزيع وتخصيص المحتوى لتلبية متطلبات المستهلك كما يريد، كما يساعد –أيضًا– على بناء إستراتيجية إعلانية محكمة.
في ذلك، كشفت بيانات حديثة لـجمعية الأفلام الأمريكية نمو سوق أفلام الترفيه المنزلي عبر منصات الترفيه الرقمية والهواتف الذكية إلى (58.8) مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2020م بزيادة بلغت (14%) عن نفس الفترة من العام الماضي، وذلك بسبب حظر الخروج من المنزل المطبّق في العديد من دول العالم.
وتتوقع منصة “ستارز بلاي” أن يصل عدد مشتركي خدمة الفيديو حسب الطلب في المنطقة إلى نحو (6) ملايين مشترك خلال السنوات الخمس المقبلة، فيما يتوقع أن يصل حجم عائدات سوق مشاهدة الفيديو حسب الطلب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى (2.1) مليار دولار بحلول عام 2024م.
يقول الدكتور ناصر رفعت، رئيس قسم التكنولوجيا في شبكة روتانا: “يوجد ما يقرب من (1000) قناة عربية بإجمالي عائدات إعلانات تبلغ مليار دولار، ويذهب (60%) من هذه العائدات إلى شبكتين فقط”.
وحول دعم المواهب والشركات الناشئة ورواد الأعمال الجدد، أشارت خلود أبو حمص، الرئيس التنفيذي لشركة (Art Format Lab)، إلى المستوى الجيد لصناعة الأفلام في الشرق الأوسط، قائلة: “إن كثيرًا من العاملين فيها بحاجة إلى الحصول على فرص كافية لعرض مواهبهم، نحن لسنا هوليود ولكن هناك مواهب تنتظر الإيمان بقدراتها والاستثمار طويل الأجل فيها”.
في ذلك يقول ماجد السويدي، المدير العام لمدينة دبي للإعلام، ومدينة دبي للاستوديوهات، ومدينة دبي للإنتاج، ورئيس منصة (In5) التي تدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة: “إن الشركات الناشئة في هذه المنصة جمعت تمويلاً يبلغ (65) مليون درهم إماراتي خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، وتم جذب العشرات من الشركات الجديدة”.
يواصل السويدي قائلاً: “لقد درسنا الكيفية التي نخدم بها هذه الشركات بشكل أفضل، وكيف يمكننا المساعدة في عمليات التنقل في هذه الظروف الاستثنائية، وكيفية جعل الأفكار تؤتي ثمارها، فالشركات الناشئة التي تركز على الإنتاج، تحتاج إلى مساحة عمل ومرافق متخصصة ومواهب ومهارات رقمية وتقنية”.
ومن الأمور المهمة التي نوقشت في كابسات الافتراضي، موضوع الرياضات الإلكترونية (Esports)، الصناعة الصاعدة بقوة إلى جانب ألعاب الفيديو، وقد تحدث عنها سوراب فيرما، المدير الإقليمي للشرق الأوسط لشركة (ICT Frost & Sullivan)، قائلاً: “إن الرياضات الإلكترونية صناعة مزدهرة، وتملك كثير من ظروف النمو، وقد أدركت دول الخليج الإمكانات الكامنة فيها، مشيرًا إلى أن قيمتها قد تصل إلى (300) مليار دولار بحلول عام 2025م.
الطريف أن الجماهير المحبة للرياضة والتي عانت من توقف الدوريات الكروية العالمية، وكذلك البطولات الدولية بسبب جائحة كورونا، وجدوا فرصتهم في الشركات الداعمة للرياضات الإلكترونية التي دعتهم إلى متابعة فعاليات بعض البطولات، وذلك لجذب قطاع كبير من الجماهير المحبة للرياضات التقليدية، إلى رحاب الرياضات الإلكترونية.