شهدت العاصمة السعودية الرياض في 7 يونيو الماضي، عقد الاجتماع الوزاري للشراكة الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية، برئاسة معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي، وزير الخارجية بسلطنة عُمان – رئيس الدورة الحالية – وبمشاركة وزراء الخارجية والدولة بالدول الأعضاء، ومعالي وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، أنتوني بلينكن، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي.
وصدر عن الاجتماع بيان تم التأكيد فيه على الأهمية الإستراتيجية للعلاقات التاريخية بين الجانبين.
وأكد الجانبان التزامهما المشترك بالبناء على إنجازات الاجتماعات الوزارية السابقة وقمة جدة التي عُقدت في 16 يوليو 2022م، بتعزيز التشاور والتنسيق والتعاون في كافة المجالات.
وركز الجانبان على الشراكات الإستراتيجية الطموحة والمتنامية بين الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول الأعضاء، الرامية إلى تعزيز السلام والأمن والاستقرار والتكامل والازدهار الاقتصادي في الشرق الأوسط، كما أكد الجانبان على أهمية الجهود المشتركة للعمل على خفض التصعيد في المنطقة، مؤكدين التزامهم المشترك بدعم الدبلوماسية لتحقيق تلك الأهداف، كما اتفق الجانبان على أهمية مشاريع البنية التحتية في تعزيز التكامل والترابط في المنطقة، والإسهام في الاستقرار والازدهار على الصعيد الإقليمي، وأكد الجانبان على أهمية دعم الحقوق والحريات الملاحية والجهود الجماعية للتصدي للتهديدات التي تستهدف أمن السفن عبر الممرات المائية في المنطقة.
كما شدد الوزراء على أهمية مواجهة الإرهاب والتطرف العنيف في جميع أنحاء العالم، ورحبوا بالاجتماع الوزاري المقبل للتحالف العالمي لهزيمة داعش، الذي سيعقد في الرياض، المملكة العربية السعودية في 8 يونيو 2023م، وأكد الوزير بلينكن التزام الولايات المتحدة الأمريكية الدائم بأمن المنطقة، وإدراكها لدور هذه المنطقة الحيوي في الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية.
إيران:
أكد مجلس التعاون والولايات المتحدة الامريكية التزامهما بحرية الملاحة والأمن البحري في المنطقة، وعزمهما على مواجهة أي أعمال عدوانية أو غير قانونية في البحر أو أي مكان آخر مما من شأنه تهديد الممرات الملاحية والتجارة الدولية والمنشآت النفطية في دول المجلس.
وأكد الجانبان دعمهما لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية مجددين دعوتهم إيران للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ورحب الوزراء بقرار المملكة العربية السعودية وإيران باستئناف العلاقات الدبلوماسية، مؤكدين على أهمية التزام دول المنطقة بالقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.
اليمن:
أكد الجانبان على أهمية جهود السلام المستمرة التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن بعد هدنة أبريل 2022م والهدوء الذي ترتب عليها، وعبرا عن تقديرهم الفائق للجهود التي تقوم بها المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان ومبعوث الأمم المتحدة ومبعوث الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الصدد، وعبر الجانبان عن أملهم في رؤية عملية سياسية يمنية – يمنية شاملة تفضي إلى وضع نهاية دائمة للصراع وتستجيب لدعوات اليمنيين للعدالة والمساءلة والمحاسبة عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، وتضع البلاد على طريق التعافي، كما أكد الجانبان دعمهم لسيادة اليمن، واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه، ودعمهم لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن وحثهم الحوثيين على اغتنام هذه الفرصة والاستفادة من الأشهر الـ(14) الماضية الأكثر هدوءً واستقرارًا لتقديم الإغاثة لملايين اليمنيين، وشدد الوزراء على أهمية الاستمرار في تلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب في جميع مناطق اليمن وتقديم الدعم الاقتصادي والتنموي في جميع أرجاء البلاد، كما أكد الجانبان دعمهم للجهود التي تقودها الأمم المتحدة لمواجهة التهديد البيئي والاقتصادي الذي تمثله ناقلة النفط صافر قبالة سواحل اليمن.
القضية الفلسطينية وإسرائيل:
أكد الجانبان التزامهما بالتوصل إلى سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط وفقًا لحل الدولتين، على أساس حدود عام 1967م، وأي اتفاق بين الجانبين على تبادل الأراضي، وفقًا للمعايير المعترف بها دوليًّا ومبادرة السلام العربية، كما شدد الجانبان على ضرورة الامتناع عن جميع التدابير أحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين، وترفع من وتيرة التوتر، والحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس، مؤكدين على الدور الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في هذا الصدد، كما أعرب الوزراء عن تقديرهم لدور مصر الحاسم في التوسط بين الفصائل المسلحة في غزة وإسرائيل خلال الأعمال العدائية الأخيرة، كما أكد الوزراء أيضًا على أهمية دعمهم للسلطة الفلسطينية وتحسين نمط الحياة اليومية للفلسطينيين، من خلال المساعدات الإنسانية والجهود الرامية إلى دعم الاقتصاد الفلسطيني، وأعاد الجانبان تأكيدهما على دعم السلطة الفلسطينية.
سوريا:
في الشأن السوري، أكد الجانبان مجددًا التزامهم بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بما يحفظ وحدة سوريا وسيادتها، ويلبي تطلعات شعبها، ويتوافق مع القانون الإنساني الدولي، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254) (2015م)، وفي هذا الصدد رحب الوزراء بالجهود العربية لحل الأزمة بشكل خطوة – مقابل –خطوة بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن (2254)، على النحو المتفق عليه خلال اجتماع عُمان التشاوري لفريق الاتصال الوزاري العربي المعني بسوريا في 1 مايو 2023م، وأكد الوزراء مجددًا دعمهم للقوات الأمريكية وقوات التحالف التي تعمل على تحقيق الهزيمة لداعش في سوريا، وأدانوا جميع الأعمال التي تهدد سلامة وأمن هذه القوات، وشدد الجانبان على ضرورة تهيئة الظروف الآمنة لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين داخليًّا بما يتفق مع معايير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وأهمية تقديم الدعم اللازم للاجئين السوريين والدول التي تستضيفهم، كما أكد الجانبان مجددًا دعوتهم لوقف إطلاق النار، ورحبا بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لتجديد تفويض مجلس الأمن لمدة (12) شهرًا لتشغيل الآلية العابرة للحدود، وأعربوا عن دعمهم لإدراج جميع المعابر الحدودية المفتوحة حاليًّا (باب الهوى وباب السلام والراي) في قرار لمجلس الأمن سيصدر في يوليو المقبل، كما ناقش الجانبان موضوع المحتجزين تعسفيًّا والمفقودين – على النحو الوارد في بيان عُمان وقرار مجلس الأمن (2254)، وبالتنسيق مع كافة الأطراف المعنية.
العراق:
أشاد الجانبان بالشراكة الإيجابية والمتنامية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعراق، ورحبوا بالتقدم المستمر في مشروع الربط الكهربائي لربط العراق بشبكة الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي، ويمثل هذا المشروع سنوات من الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق أكبر قدر من التكامل والترابط الإقليميين، بما يحقق مصالح الشعب العراقي والمنطقة، وباكتمال هذا المشروع، سيوفر الطاقة التي يحتاجها الشعب العراقي، ويمهد الطريق لمزيد من التعاون الاقتصادي في المستقبل، كما ناقش الوزراء أهمية الجهود التي يقودها المدنيون في العراق، بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية لضمان استفادة شعب العراق من الموارد الطبيعية للبلاد، وتحقيق الاستقرار وضمان تعافي المجتمع من الصراع وعنف داعش، وتعزيز الجهود المبذولة لمنع تمويل الإرهاب ومواجهة الخطاب الإرهابي لداعش، مما يعزز قدرات العراق في مكافحة الإرهاب، وأكد الجانبان دعمهما لعراق آمن ومستقر ويتمتع بالسيادة الكاملة.
السودان:
أعرب الجانبان عن قلقهم البالغ إزاء اندلاع القتال مؤخرًا في السودان، وأكدوا دعم مجلس التعاون للجهود الدبلوماسية التي تقودها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في جدة، للتوصل إلى اتفاق بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع للتنفيذ الكامل لاتفاق قصير المدى لوقف إطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. وأكدوا مجددًا دعمهم للجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق وقف دائم للأعمال العدائية في السودان، كما أكد الجانبان قناعتهم بأنه لا يوجد حل عسكري لإنهاء الصراع، مناشدين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى إسكات أسلحتهم.
الحرب في أوكرانيا:
أعاد الوزراء تأكيدهم على أهمية احترام مبدأ السيادة والقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، والالتزام بالامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها ضد وحدة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة، وحث الوزراء جميع الدول والمجتمع الدولي على تكثيف جهودهم الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي، وإنهاء الأزمة الإنسانية، ودعم اللاجئين والمشردين وغيرهم من المتضررين من الحرب في أوكرانيا، فضلاً عن تسهيل تصدير الحبوب والإمدادات الغذائية الأخرى، ودعم الأمن الغذائي في البلدان المتضررة.
الشراكة الإستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية:
أكد الوزراء عزمهم المشترك على الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين في إطار الشراكة الإستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية، وأشاد الوزراء بنتائج اجتماعات مجموعات العمل المشتركة المعنية بالدفاع الجوي والصاروخي المتكامل، والأمن البحري، وإيران، والتي عُقدت في الرياض في الفترة من 13 إلى 15 فبراير 2023 م، وأثنوا على مداولات اجتماع الحوار الرابع للتجارة والاستثمار الذي عقد في 9 مارس 2023م في الرياض، ونوهوا بالتدريبات العسكرية المشتركة التي جرت بين قواتهم المسلحة في إطار القوات البحرية المشتركة، وقرر الوزراء عقد اجتماع مجموعة العمل المشتركة للأمن السيبراني في وقت لاحق من هذا العام، وأكد الوزراء أهمية استمرار مجموعات العمل الدورية لمناقشة قضايا الدفاع، كما قرروا عقد جولة أخرى لمجموعتي العمل المشتركة في الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل والأمن البحري في وقت لاحق من هذا العام، وسيبحث الوزراء فيما بعد مدى إمكانية عقد مجموعات عمل حول الجاهزية العسكرية والتدريب وتبسيط نقل القدرات الدفاعية الحيوية.