أكد معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، أن مجلس التعاون سيقوم بدوره الفاعل في الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، حماية لمصالح شعوبها، مضيفًا أن التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية تتطلب جهدًا متواصلاً من أجل تخفيف المآسي المؤلمة وزرع الأمل لدى شعوب المنطقة في وضع حدّ للصراعات الدائرة.
جاء ذلك في كلمة الأمين العام التي ألقاها في افتتاح منتدى أبحاث الخليج الذي نظمه مركز الخليج للأبحاث في جامعة كمبريدج البريطانية أواخر يوليو 2018م.
وأشار الأمين العام إلى أن العوامل المحركة للأوضاع في المنطقة مستمرة في التنامي، على الرغم من تغير بعض التحديات قليلاً في الظاهر إلا أنها لم تتغير في الجوهر، كما هو الحال في كل من سوريا واليمن وليبيا والعراق، وعملية السلام في الشرق الأوسط والحرب على داعش، واستمرار المخاوف من التوجهات الإيرانية، مضيفًا أن الإرهاب والتطرف الديني في منطقة الشرق الأوسط ما يزال يمثل تهديدًا عالميًّا، كما أن اللعبة في سوريا تظهر تغيرًا في المواقف بين القوى الإقليمية، في الوقت الذي أخذت العلاقات بين القوى العظمى تواصل بحثها لاستكشاف آفاق جديدة.
واعتبر د. الزياني أن التغير الأبرز والأهم في المنطقة هو توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة التي انسحبت من الاتفاق النووي مع إيران، وتواصل ضغوطها السياسية والاقتصادية على إيران للحدِّ من طموحاتها الإقليمية وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، معربًا عن أسفه من أن المعاناة الإنسانية لشعوب دول المنطقة لم تتغير وما زالت لا تبعث على التفاؤل.
وأوضح الأمين العام أن مجلس التعاون يواصل بذل جهود حثيثة لمواجهة مختلف التحديات المهددة للأمن والاستقرار الإقليمي، بما في ذلك التدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة ووجود التنظيمات الإرهابية المتطرفة، مشيرًا إلى دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة ووضع حد للنزاعات الدائرة والمعاناة الإنسانية المتواصلة، مؤكدًا الحاجة إلى استعادة مصداقية مجلس الأمن من خلال تطبيق القرارات التي يصدرها بشأن قضايا المنطقة من دون أن يتم تنفيذها على أرض الواقع، لافتــًا الانتباه إلى أن الوضع في اليمن كان سيصبح أفضل لو تمَّ تنفيذ قرار المجلس رقم (2216)، الذي دعا إلى عودة الشرعية وإنهاء العنف.
وقال د. الزياني: إن الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة ينصُّ على إعطاء الأقاليم فرصة فض النزاعات الإقليمية وتسوية أزماتها على المستوى الإقليمي، واتخاذ الإجراءات التنفيذية المتطلبة إذا لزم الأمر، ولكن بتفويض من مجلس الأمن، موضحًا أنه ينبغي تعزيز روح الفصل الثامن من الميثاق وفاعلية قرارات الأمم المتحدة بخاصة، مشددًا على ضرورة التطلع إلى المستقبل وأن نكون أكثر استباقية لتجنب المشاكل والأزمات قبل وقوعها.
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون أهمية العمل على ضمان حماية الشباب في دول المنطقة من فكر التعصب والتطرف الذي شوه صورة ديننا الإسلامي، وأن يتمَّ ذلك في إطار خطط وإستراتيجيات مدروسة، مضيفًا أن أمام دول المنطقة فرصة لتحقيق الاستقرار والازدهار المنشود؛ إذا هي اعتمدت أن تصبح مترابطة فيما بينها بشكل وثيق، غير أن هذا الترابط يستلزم رؤية بعيدة المدى، وإرادة سياسية، وعملاً جادًا، مشيرًا إلى أن الدول الأوروبية وجدت في الترابط سبيلها إلى القوة والاستقرار والازدهار بعد أن خاضت حروبًا مدمرة لقرون عدة وكان آخرها الحربين العالميتين الأولى والثانية، موضحًا أن هذا الاستقرار الذي تعيشه دول القارة الأوروبية مرده الترابط والاعتماد المتبادل، إضافة إلى الإطار التكميلي للمنظمات والشبكات والبنية التحتية الطبيعية التي تربط الدول والشعوب الأوروبية، مدعومة بأهداف وقيم مشتركة ومؤسسات فاعلة، كالاتحاد الأوروبي، وحلف الناتو، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي.
وشدد الأمين العام على أن وجود شرق أوسط مستقر سيؤدي في حدِّ ذاته إلى استثمارات إقليمية ودولية ضخمة لإعادة البناء والإعمار، غير أن المكاسب التي ستعود على المنطقة وشعوبها ستكون كبيرة − أيضًا − إذا ما قورنت بالمليارات التي تمَّ إنفاقها وما تزال تنفق على الحروب والصراعات مؤدية إلى مزيد من البؤس والشقاء.
واختتم د. الزياني كلمته مؤكدًا أن الخروج من دائرة الصراع والعنف في المنطقة ينبغي أن يكون دافعًا إلى النظر ليس إلى مصالحنا الحالية قصيرة المدى، وإنما إلى المصالح المشتركة بعيدة المدى، الأمر الذي يتطلب رؤية بعيدة الأمد مع وضع خطة محكمة لتنفيذها.