عندما
كتب الروائي المصري الراحل إحسان عبد القدوس، عام 1982م، روايته الشهيرة “لن
أعيش في جلباب أبي”، والتي تحولت إلى أحد المسلسلات العربية التلفزيونية
المهمة وأطولها، لم يدر بخلده أنها ستكون قاعدة إعلامية ربطت
‒ أيضًا ‒
بين الجلباب والجلبة.
الرواية بشكلها “الدرامي” اهتمت بالبحث عن النجاح والتحدي والقفز على الصعاب.
لكن ما الرابط بين الرواية والإعلام؟!
وتحديدًا بين الجلباب والإعلام ..!
الروائي
الكبير، وهو مَن بيت إعلامي يتمثل في والدته الإعلامية
“روز اليوسف”، ركز في روايته على اهتمام البطل بجذب انتباه الآخرين
لتغطية عجزه المادي والاجتماعي والتعليمي.
ومن هنا استخدم عدد من إعلامي “راكبي الموجة” هذا المحور للبحث عن الأضواء والانتشار بسهولة حتى ولو تطلب الأمر مخالفة الواقع والحق وعكس الوقائع والحقيقة، ولتحقيق هذا الهدف اتبعوا قاعدة “لنلبس جلباب الإعلام ونخلع رداء الحقائق” لأن الأمر يحتاج مراحل تبدأ بالتكوين ورسم الهالة ثم الانتشار ولفت الانتباه وعند انكشاف الحقيقة يعودون إلى الاعتذار والتبرؤ من مرحلة ما قبل الشهرة والجلبة.
منذ
مدّة أصرّ أحد المتقدمين على تجربة مذيع أن يعرف رأيي وتقييم تجربته
– على الرغم من عدم اختصاصي ‒
فسألته: لماذا ترغب في أن تكون مذيعًا تلفزيونيًّا؟ إجابته كانت صادمة، لكنها
صادقة، قال لي: أريد أن أصبح شخصًا معروفـًا، بخاصة عندما أدخل الأسواق برفقة
زوجتي وحتى يعرفني الناس ويتحدثون عنّي!!.
المفترض ألا تكون الشهرة على حساب المبادئ وأسس مهنة الإعلام، لكن هناك عدد من إعلاميي “راكبي الموجة” لديهم القدرة على الجمع بين المتناقضات وتغيير المواقف وصولاً إلى المنفعة والأضواء.
إذًا فالجلباب أصبح فضفاضًا أمام المهنة والفكرة والحقيقة والمبدأ، حتى ولو من منطلق “خالف تعرف”.
وحتى لا يتحول الإعلام من مهنة ورسالة سامية ومرآة أمة إلى مهنة من لا مهنة له لابد من التدقيق والتنظيم والمحاسبة.
أخيرًا .. تابع المشهد الإعلامي التقليدي والجديد ووسائط التواصل الاجتماعي، ثم ردد كلمات الشاعر السعودي الكبير إبراهيم خفاجي (مالي ومال الناس .. ومالك ومال الناس .. لما حبيتك ما خذت رأي الناس .. خلينا في الحاضر .. ننسى اللي كان).
أما أصحاب الجلباب والجلبة فسيكملون بالقول:
ويا من يحاسبنا .. يلقى الجواب أصعب!!.