نُظّمت فعاليات القمة العالمية للحكومات في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة من 12-14 فبراير الماضي، تحت شعار “استشراف حكومات المستقبل”، واستمرت القمة كمنصة دولية وطاولة مستديرة لأهم الاجتماعات العالمية لمناقشة مصير حكومات المستقبل في ظل المتغيرات المتسارعة.
وحظيت القمة بتمثيل دولي رفيع المستوى من مختلف قارات العالم، بمشاركة كبيرة تبرز الثقة الدولية في رؤية الإمارات وقيادتها والفعاليات والأنشطة التي تستضيفها، وعلى رأسها القمة العالمية للحكومات، التي تنظمها الإمارات سنويًا منذ عام 2013م، حتى أضحت أكبر تجمع عصف ذهني دولي تستضيفه وتديره دولة الإمارات كل عام، من أجل مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل ورسم خريطة الطريق لمستقبل العمل الحكومي والشؤون العامة على مستوى العالم.
محمد بن زايد مشيدًا بالقمة
وأشاد سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بالقمة عبر حسابه بمنصة إكس قائلاً: “الحضور العالمي الكبير ورفيع المستوى في القمة العالمية للحكومات 2024م، والموضوعات الحيوية التي طُرحت على جدول أعمالها والتنظيم المتميز لها، جسد مكانتها الهامة ضمن الفعاليات الكبرى في العالم.. بفضل رعاية أخي محمد بن راشد، أصبحت القمة منصة عالمية على أرض الإمارات، للحوار حول تطوير العمل الحكومي واستشراف حكومات المستقبل بما يعود بالخير على الشعوب في مختلف دول العالم”.
وشهدت القمة تنظيم نقاشات وحوارات عالمية هادفة لاستشراف تشكيل حكومات المستقبل، حيث تضمنت هذه الحوارات اجتماعات موسعة ضمت قادة الدول والمسؤولين الحكوميين العالميين والمنظمات الدولية وقادة الفكر والقطاع الخاص.
الشركاء والبرامج
استضافت القمة العديد من المنتديات العالمية التي ركزت على وضع الإستراتيجيات والخطط المستقبلية، في أهم القطاعات الحيوية التي تهم البشرية، حيث تم تنظيمها بالشراكة مع عدد من المنظمات الدولية، والمؤسسات التكنولوجية العالمية، إضافة إلى المؤسسات التي تُعنى بابتكار الحلول الجديدة للتحديات التي تواجه المجتمعات الإنسانية.
وجمعت دورة هذا العام من القمة العالمية للحكومات على منصتها رؤساء دول وحكومات، وعقدت اجتماعات وزارية وجلسات تنفيذية وشهدت حضور منظمات دولية وإقليمية، بالإضافة إلى وفود حكومية ومجموعة من قادة الفكر والخبراء العالميين.
واستشرفت النسخة الأخيرة من القمة الفرص والتحديات المستقبلية وأبرز التحديات التي يواجهها العالم في جملة من القضايا الملحة، كما ناقشت سُبل الوصول إلى رؤى مشتركة للارتقاء بالعمل الحكومي وتوثيق التعاون بين حكومات العالم، وتبادل الخبرات والتركيز على قصص ونماذج ملهمة في العمل الحكومي تركت آثارًا إيجابية وأحدثت تغييرًا حقيقيًّا في واقع دولها ومجتمعاتها.
وضمت القمة العالمية للحكومات في دورتها لهذا العام (6) محاور رئيسية، و(15) منتدى عالميًّا بحثت التوجهات والتحولات المستقبلية العالمية الكبرى في أكثر من (110) جلسة رئيسية حوارية وتفاعلية، وتحدث فيها (200) شخصية عالمية من الرؤساء والوزراء والخبراء والمفكرين وصناع المستقبل، إضافة إلى عقد أكثر من (23) اجتماعًا وزاريًّا وجلسة تنفيذية بحضور أكثر من (300) وزير.
وسجلت هذه الدورة من القمة العالمية للحكومات، إضافة نوعية إلى أجندتها تتمثل في استضافة نخبة متميزة من علماء العالم الحائزين على جائزة نوبل في مختلف التخصصات العلمية، ما يرسخ مكانتها كمنصة عالمية لأصحاب العقول وصناع القرار وجميع المؤثرين، وبما ينسجم مع رسالتها المتمثلة في التركيز على أولوية الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات العالمية والارتقاء بحياة المجتمعات والحضارة الإنسانية.
كما أطلقت القمة العالمية للحكومات (25) تقريرًا استراتيجيًّا بالتعاون مع شركاء المعرفة من مراكز الفكر والمؤسسات الأكاديمية والبحثية بهدف دراسة التوجهات العالمية في مختلف القطاعات وتقديم إستراتيجيات حكومية قابلة للتنفيذ.
حوارات عالمية هادفة
احتضنت القمة العالمية للحكومات نقاشات وحوارات عالمية هادفة، حيث تضمنت تلك الحوارات اجتماعات الطاولة المستديرة التي تجمع قادة الدول والمسؤولين الحكوميين العالميين والمنظمات الدولية وقادة الفكر والقطاع الخاص، بما يضمن تعزيز التعاون الدولي وتحديد الحلول المبتكرة للتحديات المستقبلية واستشراف أبرز الفرص وإلهام الجيل المقبل من الحكومات.
كما عقدت خلال القمة اجتماعات وزارية رفيعة المستوى منها الاجتماع الوزاري للوزراء المعنيين بالتنمية المستدامة، واجتماع وزاري لمناقشة ملامح الجيل القادم من حكومات المستقبل، واجتماع وزراء المالية العرب، واجتماع تشاوري مع وزراء العمل بدول مجلس التعاون الخليجي، واجتماع وزراء الطاقة لمناقشة مستقبل الطاقة الهيدروجينية.
وقدمت الدورة الحالية من القمة العالمية للحكومات عدة جوائز عالمية، تقديرًا لوزراء الحكومات وممثلي القطاع الخاص والمبتكرين والمبدعين؛ لإسهاماتهم الاستثنائية في بناء مجتمع أفضل للبشرية، وشملت جائزة أفضل وزير في العالم، وجائزة دبي الدولية لأفضل ممارسات التنمية المستدامة، وجائزة ابتكارات الحكومات الخلاقة، والجائزة العالمية لأفضل التطبيقات الحكومية، وجائزة التميز الحكومي العالمي.
وأطلقت القمة العالمية للحكومات ضمن أعمالها المسح العالمي للوزراء، حيث دعت وزراء العالم للإسهام بأفكارهم حول القضايا العالمية الحاسمة، والمشاركة في تعزيز الحلول التعاونية، حيث شهدت القمة حضور عدد من رؤساء الدول، من بينهم رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية، والذي شارك في جلسة بعنوان: “حوار مع ضيف الشرف”، فيما تحدث خلال جلسة رئيسية ضمن اليوم الأول من القمة بول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا.
كما شاركت الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، في جلسة بعنوان: “رؤية حكومية جديدة لصناعة الإبداع”، خلال اليوم الأول من القمة العالمية للحكومات.
وشهدت القمة العالمية مشاركة عدد من رؤساء الحكومات من بينهم، ناريندرا مودي رئيس وزراء جمهورية الهند الذي تحدث كمشارك خلال جلسة رئيسية للدولة ضيف شرف القمة، بينما ألقى مصطفى مدبولي، رئيس وزراء جمهورية مصر العربية، كلمة رئيسية خلال اليوم الأول من القمة، كما شهد اليوم الأول مشاركة كل من محمد شياع السوداني، رئيس وزراء جمهورية العراق، ومانويل كروز، رئيس وزراء جمهورية كوبا، ومسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، في جلسات رئيسية شهدها الحدث.
جلسات القمة بين التقنيات والذكاء الاصطناعي
شارك الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وداستي جنكينز، الرئيس التنفيذي للشؤون الحكومية في (Spotify)، في جلسة بعنوان: “مستقبل الصناعات الإبداعية.. كيف يمكن للحكومات تنمية المواهب؟”، والتي شهدها اليوم الأول من القمة.
وخلال جلسة بعنوان: “من سيقود مستقبل الذكاء الاصطناعي؟”، حاور عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، نائب رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، حاور جنسن هوانغ، المؤسس والرئيس التنفيذي، (NVIDIA).
وقد تضمن جدول أعمال القمة عددًا من الجلسات التي بحثت أبرز التوجهات المستقبلية في القطاعات الأكثر ارتباطًا بحياة الإنسان، منها جلسة “بناء حضارات الغد.. هل هي قابلة للصمود؟” والتي تحدث فيها البروفيسور كلاوس شواب المؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، وجلسة بعنوان: “الطيران ومعضلة الانبعاثات.. هل من توازن في الأفق؟” وتحدث خلالها خوان كارلوس سالاسار، الأمين العام لمنظمة الطيران المدني الدولي “الإيكاو”، وغيوم فوري الرئيس التنفيذي لـ(Airbus)، والسير تيم كلارك، رئيس طيران الإمارات، إضافة إلى كلمة رئيسية ألقاها تيدروس غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية.
ومن الجلسات التي عُقدت خلال القمة، جلسة بعنوان: “كيف سيشكل الذكاء الاصطناعي المشهد الاقتصادي العالمي؟” وتحدث فيها بينغ شياو الرئيس التنفيذي لمجموعة (G42)، وجلسة “الاستثمار وعوائد المستقبل.. في عالم متقلب”، وتحدث فيها جورج والكر، الرئيس التنفيذي لـ(Neuberger Berman)، وجلسة أخرى كان عنوانها: “أين سنشهد أفضل ازدهار اقتصادي في العالم؟” تحدث خلالها المدير العام للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، والمدير العام لصندوق أوبك، والمديرة التنفيذية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
التشريعات والتطور التكنولوجي
ناقشت القمة في مجموعة جلسات أخرى، المستقبل الرقمي، حيث تحدث شون إدواردز، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في (Bloomberg)، في جلسة بعنوان: “هل الحكومات جاهزة للمستقبل الرقمي؟”، كما تحدث فلوريان تورسكي، وزير التحول الرقمي في جمهورية النمسا، ومسعود محمد شريف محمود، الرئيس التنفيذي لاتصالات (&e الإمارات) في جلسة بعنوان: “سباق الحكومات.. بين مواكبة التشريعات والتطور التكنولوجي”.
وشارك في جلسة “كيف توازن الحكومات بين الازدهار المجتمعي والخوف من التكنولوجيا؟” جيدرة بالتشيتيتي، مستشارة حكومة جمهورية ليتوانيا، ومايك سيسيليا، نائب الرئيس التنفيذي في (Oracle)، وجورج لي رئيس مكتب الابتكار التطبيقي وعضو لجنة إدارة (Goldman Sachs).
وبرزت ضمن أعمال قمة الحكومات هذا العام، مجموعة من الجلسات التي تناولت الحوكمة والخوارزميات وهي، جلسة “كيف نمكن العبقرية البشرية في عالم الخوارزميات؟”، وتحدث خلالها إجناسيو غارسيا الفيس، الرئيس التنفيذي لـ(Arthur D. Littleav). وجلسة أخرى بعنوان: “كيف تتبنى الحكومات أساليب مبتكرة للحياة؟” وتحدث خلالها سيت جيرسون، الرئيس التنفيذي لـ(Survios)، ولورين سيليج الشريك في (Shake and Bake Productions).
وفي جلسة بعنوان: “كيف تسخر الحكومات التطور التكنولوجي في خدمة المجتمعات؟” تحدث عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في جمهورية مصر العربية، ومصطفى سيسه، أستاذ التعلم الآلي في المعهد الإفريقي للعلوم والرياضيات، وماجد سلطان المسمار، مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية بدولة الإمارات.
وتحدث عبر جلسة بعنوان: “مستقبل القطاع المصرفي.. من الذهب إلى البيانات” كل من بيل وينترز، الرئيس التنفيذي لـ(Standard Chartered)، وبرنارد منساه رئيس (Bank of America)، وفي حوار مع رئيس البنك الدولي شارك أجاي بانغا، رئيس المجموعة خلال جلسة بعنوان: “كيف نعظم أثر جهودنا التنموية؟ كما شاركت كريستينا جورجيفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي في جلسة حوارية.
ومن الجلسات التي عقدت، جلسة بعنوان: “هل يمكن للذكاء الاصطناعي الاستغناء عن البشر؟”، تحدث خلالها جوناثان روس الرئيس التنفيذي ومؤسس (Groq)، بينما شاركت في جلسة “دروس في الابتكار.. من القطاع الخاص للحكومات” اليسو بولكفادزه، عازفة البيانو العالمية، وفنانة اليونسكو من أجل السلام، ورئيس لجنة الثقافة بالبرلمان الجورجي، وسيريفكان أوزكان، الرئيس التنفيذي للإبداع في (Nike).
وشارك يوجين كاسبرسكي الرئيس التنفيذي لـ(Kaspersky) في جلسة بعنوان: “كيف نضبط البوصلة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي؟”، وعن “خصوصية البيانات وهل نحن في أمان؟” دارت جلسة تحدث فيها مارك روتنبرغ الرئيس ومؤسس (Center for Al and Digital Policy).
الهوية الوطنية للحكومات
عن الشراكة بين الحكومة والمواطن في صنع القرار، نُظمت جلسة شارك خلالها كيفين توماس، سيناتور ولاية نيويورك، وجون كليفتون الرئيس التنفيذي لـ(Gallup)، وليزا ويتر الشريك المؤسس في (Apolitical).
في حين تحدث هيرو ميزونو، الخبير في مجال الاستدامة، عضو مجلس إدارة هارلي دافيدسون، في جلسة بعنوان: “كيف نفعل الشراكات نحو الاستثمارات المستدامة؟”، وأجابت تري ريسماريني، وزيرة الشؤون الاجتماعية في جمهورية إندونيسيا، إلى جانب نك ستودر، الرئيس التنفيذي لـ(Oliver Wyman)، في جلسة عن سؤال: “الاستشراف الحكومي.. كيف نوائم بين السياسات والمستقبل؟” فيما تحدث في جلسة أخرى موريس ليفي، رئيس مجلس إدارة مجموعة (Publicis) مجيبًا عن تساؤل يدور حول “كيف نصمم الهوية الوطنية للحكومات في عصر الذكاء الاصطناعي؟”
ومن الجلسات التساؤلية التي عقدتها القمة، جلسة أجاب فيها كل من خلدون خليفة المبارك، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للمجموعة في شركة مبادلة للاستثمار، وستيفن باليوكا مؤسس (Bain Capital)، ومالك فريق (Boston Celtics)، وروس بيرو الابن رئيس مجلس إدارة (Perot Group) عن تساؤل حول: “من سيرسم مسارات استثمارات المستقبل؟”.