- ابن العباس: لم يكن الأمر مجرد إنتاج فيلم رسوم متحركة، لكننا كنا ننشئ صناعة الرسوم المتحركة في منطقتنا.
- القصة عربية تاريخية، لها بطل جذاب، وأميرة جميلة، وطاغية شرير.
- هل يمكن اعتبار هذا الفيلم بمثابة خطوة على طريق إنتاج سلسلة أفلام رسوم متحركة عربية؟
لا يخلو وجدان أي طفل عربي من تأثيرات أفلام شركة ديزني، أو دريم ووركس، فأفلام الشركتين اقتحمتا بلدان العالم بأكمله، وتمـَّت دبلجة هذه الأفلام إلى لغات عديدة، وصار الطفل العربي، يعرف عن ظهر قلب قصص تلك الأفلام، بينما يجهل إلى حد كبير قصص التراث العربي الزاخرة بكنوز الحكي الممتع.
اكتفينا كعرب بالدبلجة، وقطعنا فيها شوطـًا طويلاً حتى أنني أظن أن غالبية أفلام “الكرتون” العالمية قد تمـَّت دبلجتها باللغة العربية، لكننا لم نتطلع إلى إنتاج فيلم روائي طويل يحاكي هذه النوعية من حيث التقنيات والمؤثرات البصرية، وظلـّت هناك محاولات على استحياء لأفلام قصيرة.
ظلّ الوضع هكذا إلى أن أقدم الكاتب بشير الديك على مغامرته الجديدة، وهي قيامه بتأليف وإخراج فيلم “الفارس والأميرة” الذي تصدت لإنتاجه شركة “السحر للرسوم المتحركة” وهي شركة سعودية تأسست في مصر عام 1992م.
فهل يمكن اعتبار هذا الفيلم بمثابة خطوة على طريق إنتاج سلسلة أفلام رسوم متحركة عربية؟ّ
الفيلم مستوحى من قصة تاريخية دارت أحداثها في القرن السابع، عن الفارس الشاب محمد بن القاسم، حيث لم يستوعب ابن القاسم وهو في الخامسة عشر من عمره مفهوم المستحيل، عندما أخذ على عاتقه إنقاذ النساء والأطفال الذين اختطفهم القراصنة في البحر الهندي، وبمساعدة بحار محترف، أبحر محمد بن القاسم وأصدقاؤه لإنقاذ المختطفين.
التقى ابن القاسم بحب حياته الأميرة الهندية لبنى، لكن تصاعد الأحداث يصل إلى أنّ “غاندار” الساحر الشرير، يتوقع بأن نهاية الملك “داهر” ستكون على يد ابن القاسم، وينضوي “غاندار” في الدفاع عن نفسه، مؤكدًا أنه سيسخر الجنيين “شمهورش”، و”بختوع” للقضاء على ابن القاسم، حتى لا يتحقق التوقع.
إنها قصة أسطورية درامية، مليئة بالأحداث الشائقة، جديرة بأن تروى بصريـًّا ليس للطفل فحسب بل للكبار أيضًا
ومن الملفت أن المنتج السعودي العباس بن العباس لم يدخر وسعًا في أن يضم العمل أفضل العناصر الفنية في كافة مجالات صناعة الفيلم، حيث صمم الشخصيات رسام الكاريكاتير الراحل مصطفى حسين، ووضع الموسيقى والألحان الموسيقار المصري هيثم الخميسي، وشارك في الإخراج الفنان إبراهيم موسى.
أما أبطال الفيلم فهم محمد هنيدي، ماجد الكدواني، دنيا سمير غانم، مدحت صالح، عبد الرحمن أبو زهرة، عبلة كامل، لقاء الخميسي، والراحلون سعيد صالح، أمينة رزق، غسان مطر، محمد الدفراوي.
هذا العمل الضخم بالنسبة لأفلام الرسوم المتحركة والذي تبلغ مدته (95) دقيقة، شارك فيه أكثر من (230) فني تحريك مصري، وهو عدد ضخم في هذا المجال.
بدأت مراحل إنتاج الفيلم قبل (20) عامًا، وهي مدة زمنية طويلة لكن العباس بن العباس منتج الفيلم، يرى أن الأمر لم يكن مجرد إنتاج فيلم رسوم متحركة، “لكننا كنا ننشئ صناعة الرسوم المتحركة في منطقتنا، فبناء فريق ذي معايير دولية في صناعة الرسوم المتحركة ليس بالمهمة السهلة”، ويضيف: “أعتقدت أننا إذا لم ننجح في مشروعنا، فإننا سنثني أي شخص عن محاولة صناعة فيلم روائي رسوم متحركة في منطقتنا، والعكس صحيح، وذلك زادنا تصميمـًا على الاستمرار”.
وحول قصة الفيلم يقول العباس: “كنا نشترط أن تكون قصة عربية خالصة، لكي يستقبلها الجمهور العربي بترحاب، فذهبنا للغوص في الكتب حتى وجدنا قصة تاريخية أقرب إلى القصص الخيالية، كان لها بطل جذاب، وأميرة جميلة، وطاغية شرير، وقراصنة، وكأنها قصة تمَّ تأليفها خصيصًا لفيلم رسوم متحركة، وزاد اقتناعنا بها بسبب بطل الرواية، فهو بطل عربي مثالي، ومع هذا النوع من القصص، لم يكن من الصعب نسج بعض العناصر الخيالية لإضافة إيقاع حيوي ومواقف درامية، واسكتشات كوميدية”.
وأشار العباس إلى أن الوقت الطويل الذي استغرقه العمل، كان محفزًا على ضرورة استكماله، وأن بعض فريق العمل أصبحت قدراتهم أفضل بمرور السنين، وعادوا وهم أكثر خبرة ونضجًا، مما أدى إلى ظهور الفيلم بالشكل المرضي، مؤكدًا أن دوره لم يكن منتجًـا بالمعنى الدارج، بل كان صانعًا للفيلم، حيث كان مسؤولاً عن جميع المراحل من بداية مرحلة التطوير حتى الوصول إلى المنتج النهائي.
ونوه العباس بأن المغامرة بالدخول في مشروع فيلم سينمائي رسوم متحركة، كان أمرًا غير واقعي، لدرجة أن كل من سمع عن التجربة وهي في مهدها، كان يعتبره تجربة حالمة.
أما بشأن تصميم الشخصيات فقد لفت إلى أن جميع الشخصيات تمَّ تصميمها وتحريكها بأيد مصرية عربية، وهي مواهب تستحق التقدير، وقال: “صناعة هذا الفيلم أدت إلى تأسيس صناعة عربية للرسوم المتحركة”.
يضم الفيلم (7) أغان استعراضية، وضع ألحانها الموسيقار هيثم الخميسي، الذي ألف الموسيقى التصويرية أيضًا، وهو مؤلف موسيقي ومنتج مصري، قام بتأليف موسيقى العديد من المسرحيات والأفلام الروائية والتسجيلية والبرامج والمسلسلات التلفزيونية.
أما مونتاج الفيلم فهو للمونتيرة المصرية سلافة نور الدين، التي تخرجت في المعهد العالي للسينما، وقامت بالمونتاج في العديد من الأفلام المصرية.