Media Hackathon

من المؤكد أن التسارع والتوسع الكبير في مجالات الإعلام وتأثيرها في ثواني وتفاصيل الحياة البشرية لم يكن ليتحقق إلا بالاعتماد على التقنية ووسائل الاتصال الرقمي، لتكون هي المحرك الأساسي لحياة الإنسان.

ولا شك في أن تأثير التقنية لم يعدّْ كالبدايات بعد أن أصبحت تطوراتها متسارعة جدًّا، مما أدى إلى بروز أنماط إعلامية واتصالية وتقنية جديدة منها: الذكاء الاصطناعي، والواقع المعزز الذي يدمج بين المحتوى الرقمي والواقع الحقيقي، وصحافة البيانات، والإنتاج الإعلامي المعتمد على استخدامات التطبيقات ووسائل الاتصال، ومنها: صحافة الموبايل، والجرافيك، وبرمجيات تحسين الصوت والصورة، وغيرها كثير.

كل هذه المستجدات تحتم العمل على تجمع مهني مبدع لدفع آلاف الموهوبين من شباب وشابات الخليج لإظهار قدراتهم ونشر إبداعاتهم مع نظرائهم من العالم، بل ومنافستهم في ساحة تتسع لكل إبداع، علمًا بأن كبرى شركات التقنية ومواقع إنترنت الأشياء بالعالم يقودها شباب من آسيا وأوروبا الشرقية.

فكرة (الهاكاثون) تقوم على تجمع يبتكر ويتبنى الأفكار المبدعة في مجالات تطوير البرمجيات التي هي المحرك الأساس للمستقبل.

ولا ننسى أن المملكة العربية السعودية نظمت في عام 2018م (هاكاثون الحج) بمشاركة نحو ثلاثة آلاف مبرمج من خمسين دولة بهدف تطوير تطبيقات وتقنيات تسهل أداء الحجاج لمناسكهم وتطور الخدمات المقدمة لهم، وبالفعل كان حدثــًا عالميًّا كبيرًا جعله أكبر تجمع هاكاثون في العالم ودخوله في موسوعة جينس للأرقام العالمية القياسية.

قد يرى البعض أن هناك العديد من الملتقيات والمنتديات الإعلامية الكبرى في المنطقة، لكنها تظلّ ساحة مغلقة لتبادل الأفكار والتجارب بشكل سردي لا يعتمد على التنافس أو الابتكار، مع الأخذ في الاعتبار مبادرة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بإقامة “هاكاثون الإعلام”، والتي اطلقتها خلال فعاليات منتدى أسبار الدولي عام 2019م، ويُنتظر أن تكون مهنية عملية لا نظرية أكاديمية.

أعتقد أن إقامة (هاكاثون الإعلام الخليجي) سيحقق التطوير والريادة في عصر تتسيده التقنية التي تسيطر على العالم، حتى أن مفهوم الجيوش التقليدية تبدل إلى حروب إعلامية وإلكترونية وبرمجيات تؤثر وتعطل وتسيطر.

الأحلام الكبيرة تتحقق بفكرة صغيرة تتحول إلى واقع يقرأ الحاضر ويستشرف المستقبل. أراهن أن شباب وشابات الخليج يحتاجون إلى الدعم والتشجيع والتمكين، فهم يفكرون بإيجابية وإبداع وتميّز، وعلينا دعم أفكارهم وتحويلها إلى واقع مؤسس لمستقبل أفضل وأجمل، فكأنهم يتبعون الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت عندما قال: “أنا أفكر إذًا أنا موجود”.