عقد أصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، اجتماع الدورة التاسعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون في 9 ديسمبر 2018م، بمدينة الرياض.
وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في كلمته التي افتتح بها أعمال الدورة أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد قام من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والنماء والازدهار والرفاه لمواطني دول المجلس، لأنهم الثروة الأساسية وبهم تتحقق الرؤى والآمال، مضيفـًا: «أثق في أننا جميعـًا حريصون على المحافظة على هذا الكيان وتعزيز دوره في الحاضر والمستقبل». وأشار خادم الحرمين الشريفين إلى أن الله − عز وجل − قد حبا دولنا بثروات بشرية وطبيعية عززت دورها الحضاري في المنطقة والعالم، الأمر الذي يتطلب منا جميعـًا تسخير طاقاتنا لخدمة شعوب المجلس والحفاظ على أمن واستقرار دولنا والمنطقة.
وأوضح خادم الحرمين الشريفين أن المنطقة تمرُّ بتحديات وتهديدات، قائلاً: «لا تزال القوى المتطرفة والإرهابية تهدد أمننا الخليجي والعربي المشترك ولا يزال النظام الإيراني يواصل سياساته العدائية في رعاية تلك القوى والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهذا يتطلب منا جميعـًا الحفاظ على مكتسبات دولنا، والعمل مع شركائنا لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، مشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية تواصل الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية، وتحتل القضية الفلسطينية مكان الصدارة في اهتماماتها وتسعى لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة بما في ذلك إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتناشد المملكة المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الشعب الفلسطيني من الممارسات العدوانية الإسرائيلية التي تعدُّ استفزازًا لمشاعر العرب والمسلمين وللشعوب المحبـّة للسلام».
وأكد الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أن دول التحالف حرصت بطلب من الحكومة الشرعية في اليمن على إنقاذ اليمن وشعبه من فئة انقلبت على شرعيته وعمدت إلى العبث بأمنه واستقراره، كما عملت دول التحالف على إعادة الأمل للشعب اليمني من خلال برامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية، كما تواصل دول التحالف دعمها لجهود الوصول إلى حلّ سياسي للأزمة اليمنية وفقـًا لقرار مجلس الأمن (2216)، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ونتائج الحوار الوطني اليمني الشامل، كما تدعو المملكة لحلّ سياسي يخرج سوريا من أزمتها ويُسهم في قيام حكومة انتقالية تضمن وحدة سورية وخروج القوات الأجنبية والتنظيمات الإرهابية منها، مضيفـًا: حرص المملكة على بناء علاقات متينة وإستراتيجية مع الشقيقة العراق التي تشكل ركنــًا أساسيـًّا في منظومة الأمن العربي.
من جانبه أكد سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت رئيس الدورة السابقة، في كلمته خلال الاجتماع، حرص الجميع على مجلس التعاون ودعمه والسعي المتواصل للحفاظ عليه، معربًـا عن سعادته بمناسبة تزامن انعقاد هذه الدورة مع ذكرى تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود مقاليد الحكم.
وأضاف سمو أمير دولة الكويت قائلاً: إن انعقاد هذه الدورة لمجلسنا الموقر في موعدها المحدد على الرغم من الظروف التي نمرُّ بها يؤكد حرصنا جميعـًا على مجلس التعاون واستمرار انعقاد دوراته, كما يجسد إدراكنا لحجم الإنجازات التي تحققت لنا في إطاره وسعينا للحفاظ على هذه المنجزات باعتبارها تحقيقـًا واستجابة لتطلعات وطموح أبناء دول المجلس.
وتابع سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح يقول: إننا ندرك الأوضاع التي تعيشها منطقتنا والتحديات الخطيرة التي تواجهها وتصاعد وتيرتها المقلق، الأمر الذي يدعونا أن نجسد وحدة كياننا وأن نعزز عملنا المشترك لدعم مسيرتنا، ولعل أخطر ما نواجهه من تحديات الخلاف الذي دب في كياننا الخليجي واستمراره لنواجه تهديدًا خطيرًا لوحدة موقفنا وتعريضـًا لمصالح أبناء دولنا للضياع، وليبدأ العالم وبكل أسف بالنظر لنا على أننا كيانــًا بدأ يعاني الاهتزاز، وأن مصالحه لم تعدّْ تحظى بالضمانات التي كنا نوفرها له في وحدة موقفنا وتماسك كياننا، وفي سياق حديثنا عن التحديات التي نواجهها فلا بد لنا من التأكيد على قلقنا من تنامي ظاهرة الإرهاب واستنكارنا لها مشددين على ضرورة تضافر جهودنا للتصدي لها وتخليص العالم من شرورها.
وأكد سمو أمير دولة الكويت أنه انطلاقـًا من حرصنا على الحفاظ على وحدة الموقف الخليجي وسعيـًا منا لتدارك الأمر في وضع حد للتدهور الذي نشهده في وحدة هذا الموقف وتجنبـًا لمصير مجهول لمستقبل عملنا الخليجي، فإننا ندعو إلى وقف الحملات الإعلامية التي بلغت حدودًا مست قيمنا ومبادئنا، وزرعت بذور الفتنة والشقاق في صفوف أبنائنا وستدمر كل بناء أقمناه وكل صرح شيدناه .
من جهته قال معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني: إن هذه الدورة تنعقد في ظل أوضاع إقليمية حساسة وتحديات صعبة تتطلب من دول مجلس التعاون مزيدًا من التضامن والتلاحم، وقدرًا كبيرًا من العمل الجاد لمواصلة الجهود لتعزيز التنسيق والتكامل والترابط بين دول المجلس، وترسيخ القواعد التي قامت عليها هذه المنظومة الشامخة التي أصبحت، بفضل من المولى القدير وبجهودكم وقيادتكم الحكيمة ورؤيتكم الثاقبة، محط أنظار وتقدير دول العالم الشقيقة والصديقة والحليفة.
وأكد معاليه أن ما حققته مسيرة مجلس التعاون من إنجازات بارزة وملموسة على مختلف المستويات ستظل ثمرة من ثمار دعم قادة المجلس ومساندتهم لهذه المسيرة، ونتيجة للتفاني والإخلاص والولاء والوفاء الذي يعبر عنه مواطنو دول المجلس، الذين ينظرون بعين الأمل والتفاؤل إلى المستقبل الزاهر المنشود، في ظل مجلس التعاون ومسيرته المباركة, مشيدًا بحرص واهتمام قادة دول المجلس بمسيرة العمل الخليجي المشترك وتطويرها باستمرار لضمان تحقيق أهدافها النبيلة، وعزمهم الصادق على أن يظل مجلس التعاون كيانـًا متماسكـًا راسخًـا، معبرًا عن عمق العلاقات الأخوية والروابط المتينة والمصالح المشتركة، وحصنـًا منيعـًا لحفظ الأمن والاستقرار والدفاع عن مكتسبات وإنجازات دوله ومواطنيه وضمان أمن واستقرار المنطقة، وواحة للنماء والازدهار والرخاء.