دليل علمي بمواصفات قياسية دولية
أصدرت هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية “الدليل الخليجي للعمل الآمن واستمرارية الأعمال خلال جائحة كورونا (كوفيد – 19)”، ويهدف الإصدار الأول من الدليل الصادر في أغسطس 2020م، إلى مساعدة المنظمات على تجنب الآثار المنعكسة من الجائحة من خلال آليات تساعد المنظمات على تطوير إجراءاتها؛ لتوفير الحماية اللازمة لموظفيها من الإصابة بعدوى الفيروس المستجد في بيئة العمل، وللتحقق المستمر من جاهزيتها لاستمرارية أعمالها.
الخصيبي: الدليل إسهام لمواجهة تحديات المنظمات الخليجية
وأوضح رئيس هيئة التقييس سعود الخصيبي أنه انطلاقـًـا من أهمية الدور الذي تمثله الهيئة باعتبارها منظمة خليجية تسهم في سلامة الإنسان الخليجي والبيئة والصحة العامة، ودعم الاقتصاد الوطني للدول الأعضاء، فقد بادرت الهيئة إلى إعداد هذا الدليل؛ للتعامل مع الأخطار والنتائج التي فرضتها الجائحة على كافة نواحي الحياة بما فيها بيئة العمل، وأصبحت المؤسسات والمنظمات الخليجية أمام تحديات كبيرة لمواجهة أثر هذه الجائحة التي باتت تتعدى الجانب الصحي لتشمل العديد من المجالات الاجتماعية والاقتصادية، والتي انعكست بدورها بشكل مباشر إلى داخل مقرات عمل المنظمات، وفرضت عليها اتباع البروتوكولات الوقائية للحد من انتشار (كوفيد – 19) بين موظفيها، وما يصاحب ذلك من إجراءات أخرى تضمن استمرارية أعمالها وخدماتها، وتجنبها الآثار السلبية التي قد تحدث من جراء تفشي الإصابة بعدوى (كوفيد – 19) بين الموظفين، مما قد يسبب التعطيل الجزئي أو الكلي لخدماتها وأنشطتها.
وأضاف “الخصيبي” أن هذا الدليل يقدم منهجيات وخطوات إرشادية وتدابير وقائية وقوائم تدقيق تساعد المؤسسات بخطوات عملية تسهم في كبح انتشار المرض، والحد من انتقال عدواه بين الموظفين، وكذلك استمرارية الأعمال بالمؤسسات وفق رؤية منهجية إدارة المخاطر وإدارة استمرارية الأعمال خلال الجوائح، وذلك في المدى الزمني المتوقع لانتهاء جائحة (كوفيد – 19)، وخصوصًا في ظل عدم وجود لقاح فعال أو دواء معتمد من الجهات المختصة حتى الآن، مشيرًا إلى أنه سيتم تحديث الدليل وفقـًا للمستجدات المتعلقة بآثار الجائحة، مشيرًا إلى أنه يمكن الوصول لأحدث إصدار من الدليل عبر الموقع الإلكتروني للهيئة.
توقيت وإستراتيجيات دليل العودة الآمنة للأعمال
صدر هذا الدليل بالتزامن مع قرارات العودة للعمل التي اتخذتها دول مجلس التعاون بعد أن دخلت في فترات الحجر الوقائي والتوعية بما يجب أن تكون عليه إجراءات العودة الآمنة، حيث تم تصميمه وفق منهجيتين رئيسيتين تستندان على المواصفات القياسية الدولية الصادرة من المنظمة الدولية للتقييس “الأيزو”، وهما “إدارة الأزمات” ونظام “إدارة استمرارية الأعمال”، وتمَّ إعداد محتويات الدليل بمنهجية علمية تتعامل مع مسار الجائحة وتراقبه بعناية، حيث صممت الإجراءات وفق ثلاث مراحل، حيث المرحلة الأولى وضع إستراتيجية لتقيل انتشار الفيروس في أماكن العمل، والثانية استمرارية الأعمال في حال وجود حالات إصابة في موقع العمل، والمرحلة الثالثة هي تعافي الأنشطة والعمليات بعد التأثر بالجائحة.
وتضمّن الدليل إجمالاً البروتوكولات الوقائية للحد من انتشار (كوفيد – 19) بين الموظفين ومرتادي المؤسسات والمنظمات الخليجية، واستهدفت الهيئة من خلال الدليل أهم وأنجع الأساليب التي من شأنها توضيح الإجراءات التي يؤدي تنفيذها إلى رفع الجاهزية وضمان استمرارية الأعمال، حيث تركز كل الهيئات الأعضاء والمنظمات الوطنية الخليجية على العودة الآمنة للعمل، باذلة شتى الوسائل لمنع انتشار الفيروس، ومن هذا المطلق يتيح دليل هيئة التقييس الخليجية للعمل الآمن خلال “كورونا” إمكانية استمرارية العمل والتكيف مع الوضع العام الذي فرضته الجائحة، وفق تخطيط إجرائي منظم يتضمن عدة إجراءات منها تقييم مستوى انتشار العدوى، واستخدام أسلوب العمل المرن، مع الأخذ بالإجراءات الاحترازية.
التباعد الاجتماعي أولاً وأخيرًا
وقسم الدليل بحسب إستراتيجية محتواه إلى ثلاثة فصول تتبعت المراحل القياسية الثلاث المذكورة قبل وأثناء وبعد رصد الإصابات في مواقع العمل، حيث ركز الدليل في توجيهاته الإرشادية الوقائية لجهات العمل على اتباع أفضل سياسات الجهة للحد من انتشار (كوفيد – 19) في مقر العمل، مستعرضًا في هذا الإطار خطوات وآليات مهنية إدارية يجب اتباعها في مثل هذه الظروف ومنها: اختيار مَنْ يجب عليه الذهاب إلى العمل، والتذكير بأهمية النظافة والتباعد الاجتماعي أثناء فترات العمل، وكذلك سياسات التعامل مع الزوار أو مستفيدي الخدمة، وارتداء الكمام، وهي برتوكولات صحية أخذت واقعها اليوم ووجب الالتزام بها، وفي الجانب الإداري –أيضـًا – لم يغفل الدليل أهمية جهود التدريب وبناء القدرات لفريق الاستجابة والتعامل اللحظي مع ظروف الجائحة، وأساليب التواصل الداخلي والخارجي التي تسهم في مواجهتها والحد من انتشارها، خصوصًا في حال اكتشاف حالات إصابة في موقع العمل، وما يجب اتباعه حينها، إذ إن تشكيل فرق استمرارية الأعمال خلال الجائحة يحقق مبدأ الاستمرارية متى ما اتبعت الإجراءات والاحتياطات العملية بهدف عدم تعطل خدمات وعمليات الجهة ما قد ينعكس سلبًا على المستفيدين من خدماتها أفرادًا كانوا أم جهات عمل مشتركة أخرى؛ لأن الإدارة المحترفة تأخذ بالأسباب وتحاول عمليًا وبجهد ملتزم منع تفشي الفيروس في مقراتها.
التخطيط الاستباقي والمتابعة الدائمة
وركز الدليل – أيضًا – على أهمية تحليل تأثر الأعمال وتقييم المخاطر وإستراتيجية العمل عن بـُعد، ومراقبة الأداء، حيث توصي مخرجات الدليل بوضع خطة الإعداد المسبق لاستمرارية العمل، ورفع جاهزية كوادر الجهة للتعامل مع أي مستجدات، وتعيين منسق إدارة أزمات ونائبـًا له؛ لوضع خطة للاستمرارية في حال غياب صناع القرار، وكل ذلك بهدف المتابعة الدائمة الجائحة.
وقدم دليل العمل الآمن كذلك إستراتيجيات جهات الأعمال عند استئناف الأنشطة والعمليات بعد التأثر بالجائحة، متضمنـًا جهود التوعية التي تقدم لكل من الموظفين والمستفيدين، مع وجوب استهداف آليات زمن استجابة محدد لاستئناف الأعمال وتقييم المخاطر وفـَهم التهديدات ونقاط الضعف، وقدم الدليل ضمن ملاحقه عددًا من النماذج المتعلقة بجائحة (كوفيد – 19) لتقييم مدى اتباع البروتوكولات وتطبيق الإجراءات، وهي مصنفة كالتالي: نموذج بيان سياسة مواجهة (كوفيد – 19) في مقر العمل، ونموذج الإقرار الذاتي للموظف، ونموذج استبانة الزوار، والتي من شأنها أن تسهل على إدارة الأزمات وفرق الاستجابة الأخذ بنتائجها ووضع الإجراءات وتصدير القرارات للحد من انتشار الفيروس بشكل منهجي وتخطيط واضح.
ويعدُّ إسهام هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بهذا الدليل الإرشادي مبادرة علمية عملية لحماية الصحة العامة لجميع الأجهزة الخليجية العاملة تحت مظلة مجلس التعاون، كما وضع الدليل في متناول كافة الأجهزة الوطنية الراغبة في مواكبة الجهود الخليجية للخروج بسلام من أثر هذه الجائحة، وتؤكد الهيئة بهذه المبادرة أن علم التقييس أحد العلوم التي قدمت كثيرًا من الحلول والمعالجات في مثل هذه الأزمات الناشئة، ويسهم بشكل ملموس في الحدِّ من الخطورة التي تفرضها الجوائح، لضمان استمرارية أعمال المنظمات باختلاف قطاعاتها وتنوع أنشطتها، من خلال منهجية علمية بحتة.
جهود هيئة التقييس واحتياجات القطاعات الخليجية
تجدر الإشارة إلى أن هيئة التقييس لدول مجلس التعاون تمارس نشاطها في مجالات التقييس المختلفة على مستوى دول المجلس؛ لتلبي احتياجات القطاعات خصوصًا في مثل هذا الوقت الذي يحتم تضافر كافة الجهود وتعزيز العمل الخليجي المشترك، وتهدف في أعمالها إلى توحيد أنشطة التقييس المختلفة ومتابعة تطبيقها والالتزام بها بالتعاون والتنسيق مع أجهزة التقييس بالدول الأعضاء، وبما يسهم في حماية المستهلك والبيئة والصحة العامة، وتشجيع الصناعات والمنتجات الخليجية لدعم الاقتصاد الخليجي وضمان انسيابية السلع في السوق الخليجية المشتركة.