إذاعة وتلفزيون الخليج – خاص
مطلوبات التحول الرقمي في الأرشفة والفهرسة
تعمل التطورات الرقمية في الأرشيف على تغيير كيفية حفظ المواد وسجلاتها والوصول إليها واستخدامها، وتستفيد من هذه التطورات التكنولوجية لتعزيز إدارة المواد الأرشيفية وإمكانية الوصول إليها والحفاظ عليها، وتعمل هذه التطورات الرقمية على إحداث ثورة في الأرشيفات، مما يجعلها أكثر سهولة في الوصول إليها وأكثر تفاعلاً ومرونة في مواجهة التغير التكنولوجي.
تشمل التطورات إنشاء بيانات التعريف تلقائيًا بأدوات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها إنشاء بيانات تعريف ونسخ المستندات المكتوبة بخط اليد، وحتى التعرف على الكائنات في الصور مواد الفيديو، فضلاً عن تحليل المحتوى، فخوارزميات التعلم الآلي يمكنها تحليل وتصنيف كميات كبيرة من البيانات.
رقمنة الأرشيف التلفزيوني
بالنسبة للمحطات التلفزيونية، يعتبر واجبًا حتميًّا عليها الحفاظ على الأرشيف المرئي في الوقت الذي حققت فيه الرقمنة والذكاء الاصطناعي تحولاً كبيرًا في الأرشفة والفهرسة، مما يتيح إمكانية استخدام المكتبة التلفزيونية واستثمارها في إثراء الإنتاجات الحديثة وإعادة البث والبث التلفزيوني أو إنتاج برامج جديدة تعتمد على البرامج القديمة، وربما توليد موارد مالية إضافية للمؤسسة.
فوق ذلك كله يعتبر الاحتفاظ بميراث وثائقي واسع النطاق ذو أهمية وطنية على محركات الأقراص المختلفة، ولا سيما على الأفلام وأشرطة الفيديو والأقراص المدمجة ومحركات الأقراص الصلبة، وما إلى ذلك، وهو أمر يتطلب تنظيمًا جادًا، وفي المحطات التلفزيونية القوية يتم خلال عملية الرقمنة استخدام أفضل معدات تنظيف الأفلام وترميمها ومعالجتها وتحريرها لضمان جودة الأرشفة والحفظ ومن ثم إعادة الاستخدام.
عادةً ما تكون رقمنة مواد الفيديو في التنسيقات القديمة “الأشرطة الممغنطة، وأشرطة الفيديو كاسيت، وما إلى ذلك)”، هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى محتواها، علاوة على ذلك، فإن بعض الأشرطة القديمة تمر بمرحلة ما من التدهور وستفقد إلى الأبد إذا لم تتم إعادة تنسيقها كل ما تيسر ذلك بشكل يضمن بقائها.
ولأنه عادة ما تستغرق عملية رقمنة الفيديو وقتًا طويلاً ومكلفة، لذا فإن أفضل طريقة للبدء هي اختيار عينة تمثيلية من المواد من المكتبة لإعادة تنسيقها، يجب أيضًا جرد الملفات الرقمية بنفس طريقة جرد العناصر المطبوعة والتناظرية حتى يعرف القيمون أو مديرو المحتوى ما لديهم بالضبط.
دور البيانات الوصفية
هنا تؤدي البيانات الوصفية (Metadata)، وهي ببساطة مجموعة من البيانات التي توفر معلومات حول البيانات الأخرى، تؤدي أدوارًا مهمة في مؤسسات الإعلام؛ نظرًا لعدة عوامل على رأسها التحول الرقمي، ففي مواجهة طبيعة تنافسية مستمرة لصناعة الإعلام، لا بد للقناة من الاستفادة القصوى من محتوى الأرشيف الخاص بها.
ويمكن حصر أهمية البيانات الوصفية في أنها تحتوي على وصف شامل ودقيق للمحتوى المؤرشف، مثل العنوان والملخص والمؤلف، والكلمات المفتاحية، مما يجعل عملية البحث أسهل، ودقة استرجاع المعلومات أكبر.
كما أنها تساعد على تسريع عملية البحث، وذلك بوجود كلمات دقيقة، تم تكشيفها من قبل متخصص في أرشفة المواد التلفزيونية، علاوة على تسهيل التمييز بين مصادر المعلومات المتشابهة، وتحديد ما هو ذا صلة بموضوع البحث، وما هو ليس بصلة به.
تعمل البيانات الوصفية – أيضًا – على تسريع عملية تحديث البيانات القديمة بكفاءة وسرعة عالية، واستخلاص المفيد منها، والمساعدة في نمو البيانات، وذلك من خلال إتاحة وسهولة عرضها لأغراض البحث، وتحتوي على معلومات دقيقة، تسهل على الجميع باختلاف أعمارهم الوصول إلى المعلومات التي يريدون معرفتها.
وهي تقدم وصفًا لخصائص مصادر المعلومات، وتحديد مصدرها ومحتوياتها، وزيادة السهولة في تخزين المعلومات ومصادرها المختلفة، وتنظيمها وحفظها بشكل أكثر فاعلية وكفاءة، بجانب توثيق المعلومات، والمحافظة على حقوق التأليف والنشر، وشروط الترخيص، والاستخدام، والتداول.
وما يلي إدارة الحقوق الرقمية، يتم بفضل التطورات التكنولوجية الهائلة ضمان استخدام المواد الرقمية وفقًا لقوانين حقوق النشر والملكية الفكرية، علاوة على القدرة العالية على تنفيذ التدابير المطلوبة لحماية المعلومات الحساسة داخل الأرشيفات الرقمية، وتحقيق التوازن بين إمكانية الوصول والاعتبارات الأخلاقية.
ومع التطورات المتسارعة تمكن البيانات الوصفية القائمين على المحطة التلفزيونية من استرجاع المعلومات بشكل سريع وفعال، عن الشخصيات المشاركة في الفيديو ومواقع التصوير، والسياق السردي، فضلاً عن حقوق النشر وتواريخ انتهاء الصلاحية والأوصاف الصوتية وغير ذلك من معلومات.
مهمة شاقة لكنها ضرورية
وفي ظل وجود مواد أرشيفية مكدسة، يمكن إدراك أن المهمة التي تستغرق وقتًا طويلاً لرقمنة وتنظيم محتوى الأرشيف يمكن أن تكون أكثر فائدة إذا تمت إضافة البيانات الوصفية، وهذا يضمن محتوى أفضل للقنوات بما يسمح لها بالبقاء في المقدمة في المشهد التنافسي لخدمات البث والإنتاج الرقمي.
وكلما زاد عدد البيانات الوصفية (وصف المحتوى) التي يمكنك توفيرها لعنصر رقمي، أصبح من الأسهل على أمناء الأرشيف إنشاء أداة مساعدة في البحث تمكن الباحثين عن مواد الفيديو من الوصول إليها عبر شبكة داخلية، وسواء كان من الممكن إتاحة الملف الرقمي للبث العام أم لا، يمكن للأرشيفات إدراج سجل العنصر حتى يعرف الباحثون على الأقل أنهم يمتلكونه.
وفي وقت لم يعد يعتبر استثنائيًا أو غير عادي أن تقوم مكتبات التلفزيون برقمنة مجموعاتها الخاصة، حيث يعد نشاطًا متوقعًا للمؤسسات التي لديها مواد فريدة كبيرة، يجب أن نعرف أن هذه العملية تتطلب موارد كبيرة لتنفيذها، وحتى لو انخفضت تكاليف البنية التحتية، فإن الرقمنة تتطلب وقتًا طويلاً من الخبراء، ويعرف أي شخص شارك في أحد هذه المشاريع أن الوقت والخبرة المتضمنة في إنشاء البيانات الوصفية أو النسخ أو أي محتوى وصفي آخر يتجاوز بكثير ما تم إنفاقه على الرقمنة نفسها.
ومع بدايات التحول الجاري، كان يُنظر إلى رقمنة مواد الفيديو على أنها شيء لا يمكن للمحطات التلفزيونية في بعض دول العالم غير المقتدرة أن تسعى إليه إلا إذا تمكنت من الحصول على تمويل خاص، حيث تم تنفيذ العديد من مشاريع الرقمنة المبكرة في محطات التلفزيون التي تتبع للدول الفقيرة من خلال المشاريع الممولة بالمنح.
ولم يكن الهدف من العديد من هذه المشاريع هو رقمنة مجموعة معينة فحسب، بل أيضًا بناء القدرات من حيث المعدات والخبرة للعمل المستمر بعد انتهاء مدة المنحة، لكن حاليًا تجاوز العالم تلك الظروف التي كان يمكن فيها اعتبار عملية رقمنة المكتبات عملاً قد يجذب انتباه منظمات المنح، وللأسف هذه نظرة قاصرة، فالمحطات التلفزيونية التي تسعى للحصول على تمويل خارجي للرقمنة تعمل بجد أكثر من أي وقت مضى لتقديم حجج مقنعة.
أخيرا تتطلب مواد الفيديو المرقمنة جهدًا كبيرًا لضمان الحفاظ عليها على المدى الطويل، فأي وسيط تخزين يستخدم للملفات الرقمية قد يكون له متوسط عمر متوقع يقاس بالسنوات أو ربما بالعقود، ولكن بالتأكيد ليس بالقرون، والملفات الرقمية هشة وتتطلب اهتمامًا مستمرًا إذا أريد لها أن تستمر على المدى الطويل، لذلك يعتمد إتاحة المحتوى الرقمي للمنتجين وغيرهم، في المستقبل، على سلسلة ثابتة وغير منقطعة من عمليات النقل إلى وسائط التخزين الجديدة وتنسيقات الملفات وعناصر التحكم لضمان وتصحيح سلامة جميع البتات التي تتكون منها كل منها، كائنا رقميًّا.