قمة الدوحة.. تعاون وثيق وسياسات راسخة

تحقيقاً للطموحات وتصدٍ للتحديات

عقد قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قمة الدورة (44) للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، في 5 ديسمبر 2023، بالعاصمة القطرية الدوحة، وذلك تلبية لدعوة كريمة من صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، الذي ترأس أعمال الجلسة الختامية للدورة (44) للمجلس الأعلى، والتي عقدت بمشاركة أصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء وفود دول المجلس، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك ممـلكة البــحرين، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية، السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عمان، الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح وزير الخارجية ممثل أمير دولــة الكويت، كما شارك في القمة جاسم محمد عبدالله البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبحضور فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الشقيقة؛ كضيف على القمة الخليجية.

بحثت القمة الخليجية تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، ومواصلة الجهود لتحقيق طموحات شعوب دول مجلس التعاون، إضافة إلى أهم القضايا والتطورات الإقليمية والدولية، والجهود المشتركة المبذولة تجاهها.


عمق التعاون وقرارته الحكيمة
وقد أكد صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، خلال القمة، اعتزازه بما تم خلال الدورة (44) للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، معبرًا عن سعادته «بما ساد فيها من روح أخوية تـميزت بالتفاهم والـحرص على الـموضوعية في الـمناقشات، والحكمة في صياغة القرارات الصائبة التي أسفرت عنها، والتي نأمل أن تسهم في تحقيق الخير والازدهار لدولنا وشعوبنا الشقيقة والإسهام في خدمة قضايا أمتينا العربية والإسلامية».
كما أكد سموه «أن المتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة تحتم تعزيز التشاور والتنسيق لتجنب تبعاتها»، معرباً عن ثقته في قدرة دول مجلس التعاون على الإسهام في حل القضايا الإقليمية.


فلسطين وازدواجية معايير المجتمع الدولي
‏وأضاف سموه قائلاً: «إن القمة تنعقد في ظل استمرار المأساة والكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة»، مشدداً على أن مبدأ الدفاع على النفس لا يجيز ما ترتكبه إسرائيل من جرائم إبادة وأن إسرائيل انتهكت المعايير الإنسانية والأخلاقية في القطاع، داعيًا مجلس الأمن الدولي إلى القيام بمسؤولياته لإنهاء الحرب، مؤكدا أن الأمن في المنطقة لا يتحقق دون سلام دائم، والسلام الدائم غير ممكن دون حل للقضية الفلسطينية.
وأكد سموه إدانته لإستهداف المدنيين من جميع الجنسيات والقوميات والأديان، مشددًا سموه على ضرورة توفير الحماية لهم وفقا لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، داعيًا الأمم الـمتحدة إلى ضرورة إجراء تحقيق دولي بشأن الـمجازر التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.


المكانة الرفيعة والثبات أمام التحديات
إثر ذلك، ألقى الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، كلمة قال فيها: «حينما وضعَ أصحاب الجلالة والسمو آباؤنا المؤسسون لبناتِ المجلس، ونصب أعيّنهم طموحٌ نقيس وزنه بالجبال، فمضت مسيرتنا المبجلة تحقق نجاحًا تلو النجاح، كما كان أمام مرمى بصرهم الثاقب مخاطر وأزمات تحدّق بدولنا، فنهضوا بهذا المجلس العظيم بقوامٍ من التعاون لمجابهة هذه التحديّات، وها نحن اليوم نجد أنفسنا محاطين بشدائد شاخصة، خاصة ما نشهده من جرائم دموية جسيمة تقترف بحق الشعب الفلسطيني في غزة».
وأضاف: «إنه لمن المهم بمكان الإشادة بمواقف دول مجلس التعاون الراسخة والثابتة لنصرة الشعب الفلسطيني، تلك المواقف التي أسهمت في تخفيف معاناة هذا الشعب الشقيق، لا سيما وأن هذه المواقف الخليجية تأتي استكمالاً للمواقف السابقة لدول مجلس التعاون، واستسمحكم أصحاب الجلالة والسمو والمعالي بأن أعيد التأكيد للعالم أجمع على ما تضمنه أول بيان ختامي للمجلس الأعلى صاغته ألبابٌ حكيمة، في 26 مايو 1981 بمدينة أبوظبي، حيث جاء في بيان أصحاب الجلالة والسمو المؤسسين لمجلس التعاون – رحمهم الله – ما يلي، وأقتبس «أن ضمان الاستقرار في الخليج مرتبط بتحقيق السلام في الشرق الاوسط الأمر الذي يؤكد على ضرورة حل قضية فلسطين حلا عادلا يؤمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما فيه حقه في العودة إلى وطنه وإقامة دولته المستقلة ويؤمن الانسحاب الاسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي طليعتها القدس الشريف».
وأكد الأمين «البديوي» خطورة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته، داعياً المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته.
وقال: «لقد حققت منظومة دول مجلس التعاون وبفضل السياسات الحكيمة والمتوازنة التي تتبناها دولنا، مكانةً إقليمية ودولية رفيعة المستوى، وأمست منظومتنا قِبلةً للعديد من الدول والمنظمات التي ترغب في توطيد علاقاتها مع دول المجلس، والدخول في شراكات استراتيجية وإياها، حيث إن الأمانة العامة وبالتنسيق المباشر مع دول مجلس التعاون، تعمل بشكل دؤوب محتفظة بتركيزها على تحقيق مصالح وأهداف دول المجلس؛ لتعزيز الشراكات مع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، متطلعين أن تُشيد جسورا جديدة للتواصل، وتمهّد لروافدٍ متينة للتعاون، وتُرسخ المكانةً المرموقةً لمنظومة مجلس التعاون على المستويين الإقليمي والدولي».