تحت شعار “كلمة للعالم”
احتضنت مدينة الشارقة الإماراتية فعاليات الدورة (41) من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي نظمته هيئة الشارقة للكتاب تحت شعار “كلمة للعالم”، وذلك خلال الفترة من 2 – 13 نوفمبر 2022م، في مركز “إكسبو الشارقة”.
ورحب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في كلمته بمناسبة افتتاح المعرض بضيوف معرض الشارقة للكتاب من العلماء والكُتَّاب والمثقفين، مشيرًا إلى أن المعرض شهد في العامين الماضيين إطلاق الأجزاء الأولى من المعجم التاريخي للغة العربية، معلنًا عن إطلاق الأجزاء الجديدة للمعجم، مباركًا هذا الإنجاز العلمي الكبير قائلاً: “أتوجه بالتهنئة إلى كل أبناء العربية على هذا الإنجاز الذي كنا ننتظره منذ أمد بعيد، وسعادتنا وسعادتكم اليوم كبيرة بهذه الأجزاء الـ(36) التي تؤرخ لـ(9) أحرف من حروف العربية”.
وتناول حاكم الشارقة أهمية وفوائد المعجم في البحث والتأريخ، وشموليته لكل المعارف اللغوية العربية وتفرده المعلوماتي، قائلاً: “إن المعجم التاريخي الذي ما أنجز منه متاح بشكله المطبوع والرقمي، ليس معجمًا كسائر المعاجم يشرح معاني كلمات العربية ويعرّف بمعانيها فقط، وإنما هو سجل هذه الأمة وتاريخها وديوان أشعارها وأخبارها وأمثالها، ابتداءً من عصر النقوش القديمة، ومرورًا بجميع أعصر العرب التاريخية، وصولاً إلى العصر الحديث”.
أسرار فعاليات المعرض على مدى (12) يومًا
أخذ معرض الشارقة الدولي للكتاب الجمهور إلى المعنى الجوهري لشعار فعالياته (كلمة للعالم)، حيث وجه رسالة للبشرية في كل مكان أكد فيها أن الكتب ليست لهواة الأدب والتاريخ والفكر وحسب، وإنما هي لكل من له اهتمام، ولكل صاحب هواية وشغف، فقد جمع المعرض نجوم السينما العرب، ونجوم الغناء، وحتى أعلام وكبار الرياضيين، واضعًا الثقافة في مكانها الحقيقي المرتبط بحياة الناس وتفاعلاتهم وممارساتهم لتفاصيل عيشهم اليومي.
(2213) ناشرًا من (95) دولة
استضاف معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية (2213) ناشرًا من (95) دولة، منهم (1298) دار نشر عربية و(915) أجنبية، ونظم المعرض (123) عرضًا فنيًّا، قدمها (22) مشاركًا من (8) دول، منها (6) برامج جديدة أقيمت لأول مرة، إضافة إلى أكثر من (30) فعالية قدمها أبرز طهاة المنطقة والعالم، وشارك في فعاليات المعرض (150) مشارك من كبار الكُتَّاب والمفكرين والمبدعين والفنانين العرب والأجانب من (15) دولة، قدموا (1500) فعالية وجلسة حوارية متنوعة.
أرقام قياسية وإصدارات للطلبة
جسد المعرض رسالته في بناء أجيال جديدة من القراء، حيث استقبل على مدار (12) يومًا (218) ألف طالبًا وطالبة، مثّل المعرض لهم وجهة ثقافية مهمة لتزويد مكتباتهم بجديد الإصدارات العربية والأجنبية، وحدثـًا للالتقاء بكتّابهم المفضلين، والشخصيات المؤثرة، من مبدعين، وأدباء، وصانعي محتوى.
وسجل «معرض الشارقة الدولي للكتاب» رقماً قياسياً جديداً بـ2.17 مليون زائر من 112 دولة؛ منهم 54.2% من الرجال، و45.8 % من النساء، و40.8 % من الفئة العمرية بين 16 و25 سنة، و35.1 % من الفئة العمرية بين 26 – 45 سنة.
وتضمن معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية إصدارات عديدة تناولت المناهج المدرسية بمختلف مجالاتها العلمية والأدبية، والتي زخرت بها العديد من دور النشر المشاركة في المعرض، فقد وفرت دار المجموعة العربية للتدريب والنشر سلسلة إصدارات تحت مسمى “تجارب سهلة حقيقيّة”، شملت مواد “الفيزياء، الكيمياء، الأحياء، والجغرافيا”، قدمت تلك التجارب أفكارًا ومشاريع مدرسية مثيرة وممتعة، كما قدّمت ذات الدار باللغتين العربية والإنجليزية سلسلة “1001 فكرة”، والتي ضمت الرياضيات والعلوم بأشكالها.
كما أصدرت دار الكتب والدراسات العربية العديد من الإصدارات التي تعالج التحديات التي يواجهها الطلبة فيما يتعلق بعلوم اللغة العربية، وشملت هذه الإصدارات “فنيات البلاغة العربية”، “فن الكتابة الإبداعية”، “فن الإنشاء”، “الزهور الندية في قواعد اللغة العربية”، “فن الكتابة وقواعد الإملاء”، و”تبسيط النحو”، وغيرها.
إيطاليا ضيف شرف “الشارقة للكتاب”
احتفى معرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام بدولة إيطاليا كضيف شرف لدورته الحالية، وقدمت المدربة الإيطالية وعازفة البيانو الكلاسيكي الكاتبة كارلا باربرا كوبي للأطفال من فئات عمرية مختلفة ورشة عمل على شكل عرض تفاعلي، تضمن بث معزوفات متنوعة من مختلف ألوان الموسيقى الفلكلورية الإيطالية عبر شاشة إلكترونية، وأردفت المدربة المقاطع بتقديم لمحة عن كل لون موسيقي للتعريف به وبتاريخه والرقصات المصاحبة له.
شخصية العام الثقافية
احتفى المعرض في دورته الحالية بالبروفيسور المؤرخ السوداني يوسف فضل الحسن، شخصية العام الثقافية، ووضع حاصدي كبرى الجوائز الأدبية، وكبار الأدباء والمفكرين والمترجمين في حوار متواصل على مدار أيامه، حيث استضاف الكاتب السريلانكي شيهان كاروناتيلاكا الفائز بجائزة البوكر العالمية للرواية لعام 2022م، والروائي واسيني الأعرج، والكاتب الروائي أحمد مراد، والشاعر سلطان العميمي، والشاعرة خلود المعلا، وغيرهم الكثير من الأدباء والمفكرين والمثقفين.
تجارب إفريقية وعربية وعالمية
سلط المعرض هذا العام الضوء على التجربة الإفريقية في الأدب، واحتفى بأدباء المهجر المعاصرين، ببرنامج فعاليات خاصة استضاف خلالها كتَّاب وأدباء، كما فتح المجال أمام زواره ليطلعوا بعمق على تاريخ وحاضر المشهد الثقافي الإيطالي، فلم تكن الكتب الإيطالية والأدباء الإيطاليين حاضرين وحسب، وإنما كان الفن والطهي والأزياء والموسيقى حاضرة بسلسلة عروض وأنشطة متواصلة.
دعم غير محدود لدور النشر الإماراتية
قدم المعرض نموذجًا في دعم المكتبات وتفعيل أثرها في صناعة المعرفة في الإمارات، إذ وجه سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بتخصيص منحة قدرها (4.5) مليون درهم لتزويد مكتبات الشارقة العامة والحكومية بأحدث الإصدارات من دور النشر المشاركة في المعرض.
لقاءات مع صناع المحتوى في وسائل التواصل
فتح المعرض المجال أمام الجمهور للقاء أبرز صناع المحتوى المعرفي والإبداعي على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استضاف اليوتيوبر المصري أحمد الغندور، المعروف بـ(الدحيح)، والدكتور خالد غطاس، والمصرية صاحبة (ماذا لو) إيمان صبحي، وغيرهم من المؤثرين والمبدعين، كما خصص المعرض ركنًا لمواقع التواصل الاجتماعي، نظم خلاله فعاليات وورش حول تقنيات صناعة المحتوى، ومهارات التواصل مع الجمهور، وغيرها.
وحقق المعرض حضورًا وتفاعلاً كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث شهد أكثر من (38) مليون تفاعل، ووصلت منشورات المعرض إلى أكثر من (7) مليون مستخدمًا، وعلى المواد المرئية من منشورات المعرض بلغ عدد المشاهدات أكثر من (18) مليون مشاهدة، فيما بلغ عدد المتفاعلين مع وسم المعرض (#sibf22) أكثر من (78) مليون تفاعل، أما المنشورات باستخدام الوسم نفسه باللغتين العربية والإنجليزية فوصلت (8400) منشور.
الشارقة للكتاب يحتضن مؤتمر الناشرين العرب السادس
في سياق المناسبة ذاتها، عقد اتحاد الناشرين العرب مؤتمر الناشرين العرب السادس تحت عنوان: “صناعة المحتوى العربى وتحديات ما بعد الجائحة” يومى 2 و3 نوفمبر 2022م، وبتنظيم مشترك ما بين اتحاد الناشرين العرب وجمعية الناشرين الإماراتيين، وبدعم هيئة الشارقة للكتاب كشريك إستراتيجى، برئاسة رئيس الاتحاد محمد رشاد، وبحضور جامعة الدول العربية كضيف شرف.
وبدأ المؤتمر أعماله في يومه الأول بكلمات من إيمان شيبة، نائب رئيس جمعية الناشرين الإماراتيين، ومحمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، ثم الشيخة بدور القاسمي، ثم نورة الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب، وتم بث كلمة مسجلة بالفيديو لأحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وكان من محاور هذا المؤتمر “معرض الكتاب في زمن الرقمنة”، و”أثر الرقمنة على حقوق النشر”، و”مستقبل المكتبات العربية وحرية التعبير”.
وفي اليوم الثانى، انطلقت الجلسة الأولى من المؤتمر مع محمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، وكل من الدكتور حسام بدراوى، عضو مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية في جمهورية مصر العربية، والدكتور سليمان العسكري، مدير المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج العربية بالكويت، وحسن ياغي، مؤسس ومدير دار التنوير في لبنان، لمناقشة “تداعيات أزمة كورونا على صناعة النشر والتعليم”.
بينما تناولت الجلسة الثانية موضوع “واقع اللغة العربية وتأثير الكاتب والناشر العربي المعاصر عليها”، وتحدث فيها كل من محمد الفريح، مدير إدارة النشر والترجمة في شركة العبيكان للتعليم بالمملكة العربية السعودية، والدكتور هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب في جمهورية مصر العربية، والكاتبة الإماراتية الدكتورة نسيبة العزيبي، وسالم البوسعيدي.
وفي نقاشهم حول “مستقبل المكتبات العربية وحرية التعبير”، تحدث الدكتور حسن السريحي، رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات بالمملكة العربية السعودية، والدكتور زين عبد الهادي، رئيس قسم المكتبات والمعلومات بكلية الآداب جامعة حلوان في جمهورية مصر العربية، وإيمان بوشليبى، مديرة إدارة مكتبات الشارقة العامة في دولة الإمارات، والكاتب والبروفيسور المصري خالد عزب.
فيما استضافت جلسة “أزمة التوريد العالمية وأثرها على قطاع النشر” كلا من سعيد عبده، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، وفهد المعمري، رئيس جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، ويونس بن عمارة.
توصيات المؤتمر
واختتم المؤتمر أعماله بمجموعة من التوصيات، كان منها: الاهتمام بالمحتوى العربي المتاح رقميًّا من حيث النوعية والجودة والقيمة الثقافية، مع منح اهتمام خاص بإبراز جماليات اللغة العربية، وإتاحة المحتوى بما يخدم تراثها ويرسخ مكانتها في وجدان القارئ في الحاضر والمستقبل، إضافة إلى تكليف اتحاد الناشرين العرب بإعداد دراسة متكاملة، مستعينًا في ذلك بخبراء أجانب، لتقييم ودراسة فرص الاستفادة من بيع وشراء حقوق نشر المحتوى الرقمي، وتكليف اتحاد الناشرين العرب بدراسة تجارب الناشرين الأجانب في بلدان العالم المختلفة، خاصة في الهند وقارة إفريقيا، بهدف التعرف على ما يحصلون عليه من حصة سوقية في قطاع الكتب بقطاع التعليم والتدريب.