في يوم 26 مايو 1981م، ومع بداية الخطوات الأولى لمجلس التعاون الخليجي، برز اسم الدكتور عبد الله يعقوب بشارة كأول أمين عام لهذا المجلس الذي أخذ على عاتقه بناء تحالف سياسي هو الأول من نوعه في المنطقة، ليستمر بعدها على العقود الأربعة التالية، وحتى اليوم.
يمثل الدبلوماسي الكويتي معالي عبدالله بشارة، المولود في نوفمبر 1936م، أحد أبرز الشخصيات الخليجية وأكثرها خبرة في العمل الدبلوماسي، وبرغم تخرجه من كلية الآداب في جامعة القاهرة مع نهاية الخمسينات الميلادية، إلا أنه سرعان ما اختط لنفسه طريقاً حافلاً في مجال العلوم السياسية، وهو ما قاده فيما بعد للعمل في وزارة الخارجية الكويتية، وخلال سنوات قليلة عرفه العالم سفيراً وممثلاً لبلاده في عدة دول ومحافل عالمية.
وقد جاء بشارة إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون محملاً بتجربة ثرية في مجال العلاقات الخارجية، عززها بالدراسة الأكاديمية في هذا المجال خلال فترة الستينات والسبعينات، التي شهدت تشكل الكثير من المعطيات الدولية، وأسهمت فترة وجوده في الولايات المتحدة الأمريكية وعمله ممثلاً دائماً للكويت في الأمم المتحدة لمدة (10) سنوات في اكتساب بشارة علاقات مميزة مع قادة العالم وفي امتلاكه فهماً عميقاً لمجريات الشؤون السياسية وتوازنات القوى واتجاهات الاقتصاد، وهي الخبرة التي توجت باختياره رئيساً لمجلس الأمن في فبراير 1979م.
وبحكم طبيعة المهمة وتاريخها، كان على أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي أن يخوض تجربة نوعية تجمع بين وضع الأسس واستكشاف سبل النجاح وتجاوز العقبات، منطلقاً في ذلك من وجوده على درجة عالية القرب من تفاصيل ميلاد المجلس وقادته المؤسسين، الأمر الذي جعله فيما بعد أحد أهم الشخصيات التي تعرف الكثير من المعلومات عن تاريخ إنشاء المجلس، وقد جمع ذلك في كتاب أسماه (عبدالله بشارة بين الملوك والشيوخ والسلاطين) ليقدم نفسه بذلك، ليس فقط كأمين عام للمجلس، وإنما كمؤرخ حاضر، وكشاهد عيان على تطور الحدث من قلب الحدث.
لقد كان بشارة بمثابة البشارة لنجاح المهمة الأولى لأول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي، معاصراً خلال فترته التي امتدت لاثنتي عشر عامًا عدداً من أبرز الأحداث والمتغيرات الإقليمية والدولية، كان من أبرزها دوره خلال أزمة احتلال العراق لبلاده الكويت في أغسطس 1990م، وقد كانت خبرته السياسية والدبلوماسية حاضرة بقوة في هذه المواقف لتعزز المواقف الخليجية وتضمن صلابة عملها المشترك انطلاقاً من اتحاد الدوافع والمصالح والمصير.
معالي عبد الله يعقوب بشارة، عميد أمناء مجلس التعاون الخليجي وعضو الهيئة الاستشارية لمجلسه الأعلى، يرأس اليوم المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية، فضلا عن عضويته في منتدى الفكر العربي، كما قدم ويقدم خلاصة تجربته ومعرفته عبر محاضرات في أعرق الجامعات والمنظمات العالمية، بجانب مقالاته التي يتناول فيها أهم الأحداث السياسية والاقتصادية ذات العلاقة بدول الخليج العربي والشرق الأوسط.