عبدالرحمن العطية.. عراقة العلاقة بمجلس التعاون والتفكير بصوت عال لمصلحة الخليج

لا بد لنا ونحن نقرأ سجلات التاريخ لمجلس التعاون وهو يحتفل بعامه الأربعين، أن نتوقف عند اسم معالي الأستاذ عبد الرحمن بن حمد العطية، الدبلوماسي القطري الذي تولى الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لفترة تقارب العقد من الزمن، امتدت من 2002-2011م، وقد عرف المجلس خلالها تطوراً كبيراً في المجالات التنموية المختلفة، كما وصلت خلالها الدول الخليجية إلى مستويات غير مسبوقة من التنسيق والتكامل، كان للعطية دائماً بصمته فيها قبل أن يكون له حديثه عنها.

ولد العطية في الدوحة عام 1950م، وولدت علاقته بالمجلس مع بداية تأسيسه، حيث ترأس اللجنة المعنية بإعداد هيكل الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال بداية إنشاء المجلس، عامي 1981 -1982م، كما كان حاضراً في القمة الثانية التي عقدت في الرياض عام 1981م، هذه الخبرة المبكرة والقرب المباشر من أعمال المجلس ولجانه الوزارية على مدى سنوات عدة، جعلت العطية يعود إلى مجلس التعاون أميناً عاماً، وهو الذي يعرفه جيداً، مستمداً من مزايا هذه المعرفة مقومات نجاح التجربة.

تولى العطية منصب الأمين العام بعد مسيرة طويلة جعلته أحد أبرز الأسماء الخليجية والعربية على الساحة الدولية، فهو وزير الدولة الذي عمل سفيراً ومفوضاً لبلاده دولة قطر في عدة دول بجانب تمثيله لها مندوباً دائماً لدى عدة جهات منها على سبيل المثال لا الحصر، اليونسكو، الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وقد تميزت مسيرته باقترابها من عمل المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية وعلاقاتها، الأمر الذي منح العطية دراية كبيرة بمجال الاتفاقيات والمواثيق وبأهمية التنسيق بين الدول في إرساء الاستقرار وبلوغ الأهداف التنموية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وجميعها مجالات تتسق مباشرة مع مجالات وأهداف مجلس التعاون.

خلال عمله في الأمانة العامة، قاد العطية منظومة التعاون الخليجي منطلقاً من الرؤية السياسية والتنموية معاً، مدركاً حجم التطلعات، وقارئاً جيداً لواقع الأحداث، وقد كان هدفه أن يكون المجلس في أقوى حالاته كتكتل راسخ له تأثيره الإقليمي والدولي، كما حرص العطية خلال فترته على التطوير الإداري وتحسين ومتابعة آليات تنفيذ الاتفاقيات والقرارات، الأمر الذي انعكس بحراك واضح في مختلف أوجه العمل الخليجي المشترك، فضلاً عن اهتمامه الكبير ببناء الكفاءات الخليجية إيماناً بقيمة بناء الإنسان كأساس محوري للتقدم والنمو، وتركيزه على ضرورة فهم أهمية المرحلة واستثمار المقومات التاريخية والحضارية والبشرية والمادية في تشكيل تكامل اقتصادي وسياسي واجتماعي يجسد الوحدة الخليجية ويضمن مستقبلاً زاهراً للأجيال القادمة.

قائمة طويلة من الإنجازات سجلها العطية خلال عمله أميناً عاماً، وصفها الإعلام بالتحولات الجذرية في مجالات التعاون، لاسيما الاقتصادي منها، وكان من أهمها الاتفاق على الاتحاد الجمركي الخليجي والربط الكهربائي وشبكة السكك الحديدية وإقرار اتفاقية السوق الخليجية المشتركة ومنح المزيد من المزايا الاستثمارية وتحسين ظروف العمل في إطار المواطنة الخليجية ووضع الأساس لنظام العملة الخليجية الموحدة، وغيرها.

كما عرف الأستاذ العطية بحرصه على الاستفادة من التقارير التي ترصد التقدم في عمل المجلس بحيث تكون متاحة للإعلام وللباحثين وللرأي العام الخليجي، إيماناً بأهمية تقييم هذا العمل وأثره، ليؤكد بذلك مقولته “إننا في مجلس التعاون نفكر بصوت عال من أجل أمن واستقرار هذه المنطقة وشعوبها حتى ننتقل إلى أولويات أخرى تتعلق بالتنمية والتعليم وكل ما من شأنه أن يصب في مصلحة الشعوب والمنطقة الحيوية التي نعيش فيها”.