نتطلع لمركز تدريبي شامل للصحفيين الخليجيين
الذكاء الاصطناعي لن ينال من مكانة الإعلامي
لم يكن خبر رئاستها لواحدة من منارات الإعلام في مملكة البحرين أمرًا عابرًا، بل وصفته الأوساط الإعلامية المحلية والإقليمية بأنه إنجاز يضاف لرصيد المرأة البحرينية التي حققت تفوقـًا ملحوظـًا وبصمات مشهودة منذ بداية ولوجها دهاليز العمل الإعلامي الإذاعي والمرئي والصحافة، كما أنه يعكس مدى الثقة التي تحظى بها المرأة البحرينية على مستوى الكفاءة والأداء لاسيما وقد سبق خبر فوزها، خبر آخر لافت عن فوز امرأة بحرينية أخرى كانت تعمل في مجال الإعلام أيضًا، وهي السيدة فوزية زينل برئاسة مجلس النواب.
لقد فازت الإعلامية البحرينية عهدية أحمد في انتخابات جمعية الصحفيين البحرينية مطلع العام الجاري وهي تحمل خبرة ربع قرن في السلطة الرابعة، إذ بدأت مشوارها الصحفي في عام 1991م محررة صحفية في صحيفة “جولف ديلي نيوز”، وكانت من أوائل الصحفيات البحرينيات اللاتي عملن بالصحافة الإنجليزية، ثم انضمت إلى صحيفة “ديلي تريبيون” في عام 1997م، وكانت من ضمن الطاقم التحريري المؤسس للتريبيون.
كما كانت عهدية أحمد مراسلة لقناة “السي إن إن” وصحيفتي “عرب نيوز” و”سعودي جازيت، وعملت ‒ أيضـًا ‒ كمحللة سياسية ومستشارة إعلامية في وزارة شؤون مجلس الوزراء ومستشارة أخبار دولية في وزارة شؤون الإعلام، وكاتبة عمود في عدد من الصحف المحلية والخليجية والدولية.
“إذاعة وتلفزيون الخليج” التقت برئيسة جمعية الصحفيين البحرينية عهدية أحمد، وسلّطت الضوء على آرائها حول عدد من الموضوعات المتعلقة بالساحة الإعلامية الخليجية، فكان الحوار كالتالي:
-بداية نهنئكم برئاسة جمعية الصحفيين البحرينية، وبودنا أن تصفي لنا كيف وجدتي تجربة الرئاسة بعد مضي عدة أشهر على وجودك في هذا المنصب الجديد؟
أعدُّ تجربتي بعد سبعة أشهر على رئاسة جمعية الصحفيين تجربة جديدة ومتميزة، فعلى الرغم من قصرها إلا أنني استطعت مع بقية أعضاء مجلس إدارة الجمعية أن نخطو نحو التقدم في إنجاز عدة مبادرات تخدم الإعلاميين البحرينيين على مستوى التدريب والأنشطة والفعاليات، لكن هدفنا الأول يتركز على تطوير النظام الأساسي للجمعية.
لكن هذا لا يعني أنني لم أواجه تحديات، أبرزها متابعة إصدار قانون الصحافة الجديد الذي نأمل أن يحقق الحماية المهنية للصحفي ويضمن ممارسات حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور، وكذلك متابعة قضايا بعض الصحفيين الذين يواجهون مصاعب شتى بسبب فقدان وظائفهم.
-ما ابرز المشاريع والخطط التي تسعين لتحقيقها فترة رئاستك للجمعية؟
من أبرز المشاريع التي وضعناها كمجلس إدارة جديد للجمعية إنشاء صندوق لدعم الصحفيين، وذلك لسد احتياجات الزملاء عند الأزمات والإشكالات التي قد تواجههم في مسيرتهم المهنية، وصندوق الدعم هو أشبه بالحلم أتمنى وقبل انتهاء فترتي أن يكون قد رأى النور وتحقق فعليـًّا، كما أن من خططنا الأخرى التي تصب في خانة دعم الزملاء الصحفيين أن نوجد حلولاً عاجلة لأي صحفي فُصِل من عمله ولأي سبب من الأسباب، فالهدف الكلي لهذه الخطط هو توفير الأمن النفسي والاستقرار المهني والاجتماعي لكافة أعضاء جمعية الصحفيين حتى يقومون بدورهم على الوجه الأكمل.
-كيف تصفين صورة المرأة في الإعلام الخليجي؟
لا شك في أن الصورة النمطية للمرأة في محيط خليجنا العربي قد تغيرت كثيرًا، فالنظرة السابقة كانت ترى أن المرأة مكانها فقط البيت وتربية الأطفال، الآن تغيرت المفاهيم هذه وانتقلت مجتمعاتنا الخليجية إلى عالم رحب من الفهم لأهمية دور المرأة، الآن أرى أن المرأة في الإعلام الخليجي صورتها جميلة جدًّا وواقعية لأنها وصلت لأعلى المراتب، والرجل بأمانة وقف إلى جانبها ودفعها للأمام كما حدث معي عند فوزي برئاسة جمعية الصحفيين، الذي لم يكن ليحدث لولا دعم زملائي الإعلاميين من الرجال والنساء معًا.
إن المجتمعات الخليجية مثقفة وعلى قدر كبير من الوعي، والرجل الخليجي مثقف جدًّا ويؤمن بالدور المهم والكبير الذي تؤديه المرأة في تطور الحياة، وكما تعلمون أن السنوات العشر الفائتة ومن خلال التطورات المعرفية والاجتماعية والثقافية والإعلامية التي حدثت في عالمنا أسهمت في تقدم المجتمعات الخليجية كثيرًا بالمقارنة مع العقود الماضية.
وأبرز مثال على ديناميكية المجتمعات الخليجية ما يحدث حاليـًا في المملكة العربية السعودية وخصوصًا التمكين الذي تحظى به المرأة السعودية على كافة الأصعدة من نيل الحقوق وتكافؤ الفرص وتمثيل المملكة في مختلف المحافل، تمامـًا مثلما حدث ولا يزال مع المرأة البحرينية التي حققت الريادة في مجالات التعليم والصحة والعمل الدبلوماسي والإعلامي حتى وصلت لمواقع صنع القرار كوزيرة وسفيرة ورئيسة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذه السنة تكلل مشوارها برئاسة مجلس النواب.
-ما أبرز التحديات التي تقف عائقـًا أمام الإعلامية الخليجية؟
لا اعتقد أن لدينا عوائق تقف أمام المرأة الإعلامية حاليـًا، إنما في السابق نعم كان لدينا مجتمع لا يتقبل ظهور المرأة على الشاشة كثيرًا، لكن بفضل إرادة وإصرار المرأة على العمل ونيل فرصتها استطاع المجتمع نفسه أن يتجاوز هذه المسألة، وكما ذكرت أن المجتمعات الخليجية حدثت فيها نقلة كبيرة في العقود الماضية على مستوى الوعي والإدراك لدور المرأة وطبيعتها الفاعلة مما أدى إلى زيادة الثقة في قدراتها ومضاعفة حجم التقدير والاحترام الذي تحظى به جهودها في مختلف الميادين، بما في ذلك العمل الإعلامي.
واعتقد أن المرأة الإعلامية وإن واجهت تحديات مهنية أو مالية أو غيرها، فهي تمتلك القدرة لتجاوزها بما لديها من إمكانات، لذلك نجد أن الأوساط الإعلامية الخليجية تزخر بوجود الإعلاميات الناجحات المتميزات ويشهد لهن بالكفاءة، ويجدن الترحيب والاحترام والتقدير من الجميع.
-برأيك هل استطاع الإعلام الخليجي أن يبرز جهود تمكين المرأة في المجتمع وما تحظى به من اهتمام رسمي على مستوى التكافؤ في منحها للفرص وإيصالها لمواقع صنع القرار؟
بالطبع إعلامنا نجح في إبراز جهود تمكين المرأة في المجتمعات الخليجية، وإبراز الاهتمام الذي توليه القيادات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لهذه الجهود وتحقيق التكافؤ في منحها للفرص والوصول بها إلى مواقع القرار، ولقد قامت الصحافة بدور كبير في إبراز صورة المرأة بالشكل الجميل والواقعي حقيقة.
لقد استطاع إعلامنا الخليجي أن يعكس ما تقوم به المرأة من أدوار في تنمية ونهضة بلدانها، لاسيما وإننا في الخليج ليس لدينا حواجز مع الإعلام لذا تقدمنا أكثر وأصبح العنصر النسائي هو مَن يقود العمل الإعلامي والصحفي، ولذلك نحن نتفاءل كثيرًا بالمستقبل وإسهامات المرأة في رسم ملامحه.
-ماذا عن مشاركتك في الملتقيات الإعلامية وكيف تقييمين تأثيرها في إبراز المرأة ومناقشة قضاياها واهتماماتها؟
أجد أن الملتقيات الإعلامية ممتازة، لكنني ضد التكرار فيما تطرحه من موضوعات وقضايا، فهناك قضايا يجب أن تطرح وهي في غاية الأهمية، لكن للأسف غائبة، على الرغم من أنه يجب الحديث عنها علنـًا لأنها قضايا تهم المرأة وحياتها ومستقبلها، وعلينا التفاعل مع ما يجري من قضايا وطرحها في الملتقيات الإعلامية حفاظـًا على مجتمعاتنا الخليجية ونمائها.
-هل تعتقدين أن الصحفي الخليجي يحظى بحصته الكافية من التدريب الإعلامي في ظل الطفرة التكنولوجية الهائلة وتسارع وتيرة العمل الإعلامي وتحدياته؟
الصحفي الخليجي لا يحظى بحصته الكافية والمستمرة من التدريب الإعلامي، وأنا أتمنى أن يكون لدينا مركز خليجي للتدريب الإعلامي معني بتوصيل الصحفي إلى أعلى مستوى في المهنية، فالصحفي الخليجي يحتاج للتدريب المتواصل من أجل مواكبة التطورات السريعة في الوسائط الإعلامية الجديدة.
إن منطقتنا الخليجية لديها تحديات كثيرة أمنية واجتماعية واقتصادية … إلخ، وبالتالي يجب أن يكون الإعلامي الخليجي على قدر هذه التحديات، حتى يقوم بدوره بالشكل المطلوب، ومن هنا تكمن أهمية استمرارية عملية التدريب للإعلامي الخليجي وإيجاد تلك المراكز والحاضنات التدريبية.
-مع مواكبة التطورات الإعلامية والحديث عن توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام، ماذا تتوقعين للعنصر البشري الذي يعمل في المجال الإعلامي هل سيتأثر دوره ويتلاشى؟
نعم أتوقع تأثر دور الإعلامي بخاصة في البرامج غير الحوارية مثل نشرات الأخبار، لكن في برامج اخرى لن يغيب عنها العنصر البشري، فالبرامج الحوارية والسياسية والتحليل والثقافة تستلزم وجود العنصر البشري الذي لديه القدرة على التفاعل مع الأحداث وإدراكها وتحليلها، وقبل ذلك مهارات التواصل والتخاطب والتبادل الشعوري بين المذيع وضيفه في نطاق المقابلات والحوارات المباشرة.
-أخيرًا ما نصيحتك للإعلاميين الجدد للنجاح في العمل الإعلامي والتميّز فيه؟
الإعلاميون الجدد لابد من أن يكونوا إعلاميين بمعنى الكلمة، فللإعلامي شروط معينة ومعايير تميزه عن الآخرين من حيث الدور الذي يؤديه في المجتمع خدمة لوطنه، وللنجاح والتميز في العمل الإعلامي لابد من أن يكون له شخصية متفردة بحيث لا يقلد الآخرين، كما يجب أن تكون لديه رسالة وهدف من كونه إعلاميًا.
فالإعلامي في نظري هو الشخص المتميز شكلاً ومضمونـًا وذو شخصية متفردة ومعرفة وثقافة عالية تُسهم في الارتقاء بالمجتمع.