تطويرًا لأدواتهم وسعيًا لضمان مقاعدهم في الرحلة

هيثم السيد

الهواة المحترفون في مهنة البحث عن متاعب التحديات الرقمية

عبر عقود من الزمن، رسمت مهنة الإعلام لنفسها مساراً خاصاً يختلف عن غيرها، ليس فقط من حيث كونها لا ترتبط مباشرة بوجود التأهيل العلمي المتخصص، بل لأن أغلب النماذج الناجحة فيها كانت من غير المتخصصين فيها علمياً أو أكاديمياً، وإن كانت الصحافة مثلا تسمى بمهنة البحث عن المتاعب فهي جديرة كذلك بأن تسمى بمهنة الهواة المحترفين!

رافق هذا الاعتقاد قناعة راسخة لدى الكثيرين بأن طبيعة مهنة الإعلام تختلف عن غيرها من المهن، فهي تقوم بالدرجة الأولى على شغف اكتشاف المعلومة والإبداع في إعادة تقديمها للمتلقي، ولهذا شاعت عبارة مثل “الحس الصحفي” للدلالة على مقدرات إنتاج ونقد المادة الإعلامية، وهذا “الحس” قد يكون موجوداً فيصقل بالتجربة، لكن لا يمكن تدريسه لأحد.

لا يمكن أن نتجاوز هذه الجزئية دون أن نتطرق إلى كونها فتحت مجالاً من العشوائية التي تسببت في دخول الكثيرين إلى تصنيف أصحاب المهنة دون امتلاك صفات يمكن الاستدلال عليها بالعين المهنية المجردة، لاسيما بعد أن جاءت المنصات الجديدة لتبشر بمرحلة “المتلقي الصحفي” وتتحدث عن “الحساب المنبر”، هذا الواقع أنتج خلال السنوات الماضية جدلية أثارت حفيظة الصحفيين من أبناء المجال الذين تعلموه وتعلموا منه وعملوا فيه، والذين طالبوا بوضع معايير محددة يتم من خلالها وصف شخص بأنه “إعلامي” أو عدم وصفه بذلك.

التغريبة الإعلامية في زمن “السناب”

ظل الإعلامي الهاوي ينجح مع تطور مراحل الإعلام التقليدي، لكنه بدأ يواجه تحديات من نوع آخر عندما ظهرت الأنماط الحديثة من الإعلام التفاعلي، فالموهبة قد تختلف من شخص لآخر، ولكنها لن تسعف الجميع دائماً، وبخاصة حينما تتغير قائمة المتطلبات الأساسية للإعلامي، فتصبح مهارات تحليل الخبر أهم من مهارات كتابته، ولا يغني الإلمام المعقول بالتقنية عن الضرورة القصوى لإتقان استخدامها، ولا يتوقف الأمر هنا، فحتى الإعلامي الموهوب يحظى بفرص عمل أقل اليوم مقارنة مع إعلامي لا يملك الموهبة ولكن لديه عدد أكبر من المتابعين، هذا كله فضلاً عن أن المتغيرات الجذرية التي طالت المؤسسات الإعلامية وأنماط عملها، طالت كذلك الإعلامي لتحتم عليه التحول إلى صانع محتوى، ليس فقط لكي يبدع، بل لكي يستمر.

هذه الحالة الجديدة ستحتم على الإعلامي كذلك أن يكون مستعداً لمنافسة أشخاص آخرين قادمين من خلفيات مختلفة وجميعهم يطلق عليهم “صناع محتوى”، كما سيكون عليه أن ينمي حاسة التعلم المستمر ليفهم كيف يضع مجهوده في المكان الصحيح ويحدد هدفه بشكل واضح، فالجمهور اليوم يختلف عن رواد المنتديات الإلكترونية قبل عشرة أعوام، وعن قراء الصحف الورقية قبل عشرين عاماً، كما أن نجومية اليوم يمكن أن تتحقق في مصادفة تحدث دون تخطيط، وليست شيئاً يتم بناؤه على مدى أرشيف كامل من المواد الصحفية المكتبية والميدانية، أو التقارير التلفزيونية والإذاعية، رغم أن هذا لم يمنع بروز نماذج لصحفيين وإعلاميين عرفتهم المهنة عبر مسيرة طويلة، وعادوا ليبرزوا كصحفيين أيضاً ولكن عبر حسابات التواصل، أو بالتغطيات المباشرة من خلال منصات تفاعل يومية مثل “سناب شات” أو أكثر رصانة كـ”اليوتيوب”.

التعلم الإعلامي .. مدى الحياة

الهواة بحكم الموهبة، المحترفون بحكم الخبرة، أصبح عليهم مواكبة التطور الذي يحدث في الإعلام، والذي لن يعتمد التميز فيه على الاكتساب فقط، خصوصاً حين نتحدث عن إعلام رقمي له قواعده التي تبدأ بكيفية توظيف البيانات والصورة والتصميم ولا تنتهي بفهم طبيعة المتلقي والتناغم مع اتجاهات الرأي المتغيرة باستمرار، وإذا استبعدنا عناصر الاجتهاد والقدرات الشخصية والمهارات المهنية الخاصة، فسيجد الإعلامي هنا نفسه أمام السؤال الأهم “هل أنتجت التحولات الإعلامية المتسارعة مواد معرفية وتعليمية متواكبة معها؟!”

الإعلام هو جزء من مجالات الحياة المختلفة التي يتحدث العالم اليوم عن ضرورة تعلمها وفق تطبيقاتها الجديدة وليس بناء على ما تم الاعتياد عليه، “التعلم مدى الحياة” عبارة متداولة بشكل كبير في عصرنا الراهن، كما أن الأعذار لا تبدو وجيهة لعدم المبادرة إلى هذا التوجه في ظل توفر عناصر المعرفة ومصادرها بشكل غير مسبوق، فبمجرد محاولة واحدة ستكتشف أن أكبر جامعات العالم تتيح في اللحظة الحالية برامج تطوير وتدريب ودورات في شتى المجالات، يمكن الحصول على كثير منها دون مقابل، وعن طريق الدراسة عبر شبكة الإنترنت فحسب، وفكرة كهذه تبدو عادلة جداً، فالتقنية التي صنعت التحديات، هي التي تصنع الحلول أيضاً.

المنهج الأكاديمي.. الوثائقي

انطلاقاً من السؤال السابق، سنجد أن الكثير من المناهج الأكاديمية في كليات الإعلام مازالت تعتمد على نظريات تعود إلى عقود مضت، الأمر الذي جعل بعض المواد تبدو كفيلم وثائقي حين تتم مقارنتها بواقع الإعلام الراهن، في حين تبدو مواد أخرى أشبه بمسابقات لاختبار ذاكرة الطالب، أكثر من كونها معارف حقيقية يمكنه اكتسابها وتطبيقها عملياً في مجال العمل.

مع تخريج الآلاف سنوياً من طلاب كليات الإعلام، كان عدد من ينضمون منهم إلى العمل الإعلامي قليلاً مقارنة بمن يتجهون إلى مجالات أخرى كالعلاقات العامة والتسويق، في حين أن نسبة غير يسيرة من الذين يعملون في الإعلام واجهوا صعوبة في الاستمرار فيه، يبدو هذا منطقياً حين يتعلق الأمر بطالب قد لا يمتلك الموهبة التي تمثل عنصراً حاسماً في هذا المجال، بجانب أنه يتلقى مادة تعليمية تنتمي إلى زمن، ويجد أن واقع المهنة الإعلامية في زمن آخر.

التدريب.. يتسع للجميع حرفياً

هذه الفجوات المعرفية والتطبيقية التي لا تردمها الموهبة ولا يغطيها التعليم الأكاديمي، أوجدت حالة طارئة من إنتاج مواد وبرامج تعليمية وتدريبية ذات عناوين براقة يتم تفصيلها من أدبيات الإعلام الجديد، ووفقاً لما يلائم ملف السيرة الذاتية الذي قد يحتاج الشخص اليوم إلى تقديمه إلى جهات العمل المختلفة في القطاع الإعلامي بمختلف تصنيفاته.

علينا أن نتذكر أيضاً أن الحدود قد تلاشت أكثر من أي وقت مضى، بين الوظائف الإعلامية والاتصالية، فإعلامي اليوم هو من يضع استراتيجيات المواقع الإلكترونية، ويشرف على حسابات التواصل الاجتماعي، وهو كذلك من يفترض به صنع المحتوى التسويقي والإعلاني، والتفاعل المباشر مع الجمهور بكل فئاته، وهذه المتوالية من المهارات بدورها أوجدت موادها التدريبية التي قد يتم دمجها جميعاً في دورة واحدة قد لا تتجاوز أياماً معدودة، وقد لا تتجاوز فائدتها مدة انعقادها، كما أن عناوينها اللافتة قد لا تكون كافية لبناء معرفة حقيقية.

وإن كان قطاع التدريب قد أتاح ظهور أسماء تقدم دورات إعلامية رغم أنه لم يسبق لها ممارسة الإعلام، أو أن خبرتهم لا تسعفهم للترقي لمرتبة “خبير تدريبي”، إلا أنه في الوقت نفسه أتاح للكثير من أصحاب الخبرة الإعلامية، ممن يملكون مهارات تعليم الآخرين، تقديم تجاربهم في برامج تدريبية وتطبيقية كانت بمثابة فرصة لنقل معرفتهم التي تعززت بالتجارب العملية، وتعاملت مع مختلف الظروف المهنية، وهؤلاء يملكون كذلك النظرة الناقدة والتحليلية لواقع الإعلام الجديد، والنصائح المناسبة للنجاح فيه.

تحرك الجامعات للحاق بالزمن

مع الوقت، تشكلت ملامح المعادلة التي يحتاجها التأهيل العلمي المطلوب للإعلاميين اليوم، فعصر السرعة قد لا ينتظر تعطيل عجلة التعلم على أمل إنتاج مناهج أكاديمية جديدة بالكامل، ولهذا يبدو من المعقول أن يحصل الإعلامي على مواد معرفية وتطبيقية تنتمي إلى الواقع الجديد للمهنة، يقدمها إعلاميون حقيقيون، لأشخاص يمتلكون الحس والموهبة والشغف، غير أن هذا الجهد لا ينبغي أن يبقى حصراً على اجتهاد الأفراد، كما أنه لا يجب أن يغني الجامعات وكليات الإعلام عن إعادة إنتاج مناهجها التعليمية وفقاً للمتطلبات الحديثة، ولو بالتدريج.

والخبر الجيد هنا أن عجلة التحرك المؤسسي والجامعي قد بدأت الدوران بالفعل، فقد أطلقت جامعة الملك فيصل في المملكة في يونيو 2020م برنامجاً للدراسات العليا يتناول الصحافة والنشر الرقمي والاتصال الاستراتيجي، كما أعلنت جامعة الملك عبد العزيز في يونيو 2021م عن برنامج الماجستير التنفيذي في الإعلام الرقمي، فيما انطلق في سبتمبر 2021م ماجستير إدارة وسائل الإعلام في جامعة ميدلسكس في دبي، وقدمت جامعة السوربون في أبو ظبي برنامجاً للدراسات العليا يجمع التسويق والإعلام والإدارة معاً، انطلاقاً من تكامل دورها.

وبجولة سريعة، فسنجد أن جامعات خليجية عدة قد دشنت تخصصات وكليات إعلامية جديدة خلال السنوات الخمس الماضية فقط، بمعنى أنها نشأت في أثناء عصر الإعلام الجديد، ومنها كلية الإعلام في جامعة قطر، وإعلان جامعة الكويت عن خطة تحويل قسم الإعلام إلى كلية مستقلة، وبرنامج الدبلوم الذي أطلقه معهد البحرين للتدريب بشهادة رسمية تحت مسمى (الصحافة والإعلام)، كما سنجد أن الأخبار الصحفية التي تنقل أنباء هذه البرامج تتحدث عادة عن كونها جاءت لتواكب متغيرات واقع الإعلام، في حين نرى أن عدداً غير قليل من كتاب الرأي كانوا قد طالبوا بهذه الخطوات منذ وقت طويل، فيما يرى بعضهم حتى اليوم أن ما قامت به الجامعات حتى اليوم مازال محدوداً جداً، بالمقارنة مع ما حدث من تحولات جذرية في الإعلام.

أدوار مساندة بتأثير واضح

إذا كان هناك من يرى أن الجامعات تتحرك ببطء باتجاه تطوير وتحديث المعرفة الإعلامية، ففي المقابل، ومن باب الإنصاف، سنجد أن مؤسسات وكيانات ذات طبيعة إعلامية لعبت ومازالت تلعب دوراً مهماً في سد مساحات مقدرة من الفراغ التأهيلي الذي عانى منه صحفيون وإعلاميون، فضلاً عن تعزيز مهاراتهم، وحين نعود بالذاكرة إلى العام 1999م مثلا فسنجد أنه شهد تأسيس نادي دبي للصحافة، الذي مثل منصة لالتقاء أبناء المهنة وتطويرهم، سواء كان ذلك بالفعاليات ذات الإثراء المعرفي مثل منتدى الإعلام العربي، أو بالبرامج التدريبية على مدار العام، أو بالمنافسات والجوائز التي تعد أبرزها جائزة الصحافة العربية، وقد سبقه مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون، الذي انطلق في الثمانينات الميلادية، في منح الجوائز للبرامج الإذاعية والتلفزيونية للأعمال المتميزة، مسهمًا بذلك في تحفيز المبدعين في الإنتاج الإعلامي المرئي والمسموع في دول مجلس التعاون وفي سائر الدول العربية.

وحين ننتقل بالزمن إلى السنوات الخمس التالية لتأسيس نادي دبي للصحافة، تحديداً إلى العام 2004م وفي المملكة العربية السعودية، فقد تم إنشاء أكاديمية الأمير أحمد بن سلمان للإعلام التطبيقي، كاستجابة لاحتياج عدد من الإعلاميين لدراسة وتعلم مهارات تتصل بحاضر ومستقبل سوق العمل الإعلامي، ومازال المعهد اليوم يقدم هذه المواد والبرامج التي يتم تحديثها باستمرار.

ولأننا في سياق الاستجابة المؤسسية لمتطلبات التأهيل الإعلامي الحديث، فمن المهم أن نشير إلى تجربة بارزة نشأت في الخليج العربي، وتحديداً في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أطلق سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، أكاديمية الإعلام الجديد في شهر يونيو 2020م، لتكون منصة تهدف بشكل مباشر لتخريج جيل جديد من رواد العالم الرقمي عبر ثلاث خدمات أساسية وهي: التعليم، وتطوير المبدعين، وإنتاج المحتوى، وفي الغالب فإن الأكاديمية تمثل أنموذجاً خاصاً من حيث استهدافها لتطوير الإعلام الذي يتم بثه على شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك بطريقة علمية وببرامج مخصصة لهذا الهدف.

من جانبه، ينفذ جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج، منذ العام 2005م، استراتيجية لتدريب الإعلاميين في مجالات متجددة، وذلك في تجربة يتم التواصل فيها مع المدربين المتخصصين من جميع دول المجلس لوضع خطط وبرامج تدريبية نوعية يتم تحديثها سنوياً وفقاً لمتطلبات سوق العمل ومعايير تطوير الكوادر الإعلامية الخليجية، وقد شملت هذه البرامج مؤخرًا “صناعة المحتوى الإعلامي، وإدارة وتنظيم الفعاليات، والتسويق الرقمي، وتقييم المحتوى، والإعلامي الإذاعي الشامل، والتصوير التلفزيوني، والأرشفة الرقمية، والمونتاج”، بالإضافة للدورات التي تقرأ المستقبل وتخطط له، ومنها: “الذكاء الاصطناعي في الإعلام، والأمن السيبراني في الإعلام، والتخطيط الاستراتيجي، وإدارة الأزمات”، وغيرها من الدورات التي استفاد منها مئات الشباب والشابات من المتخصصين والمهتمين بالإعلام في دول المجلس.

الدراسات العليا.. والتفكير بواقعية

من وقت لآخر، تصلنا نماذج الدراسات والاستطلاعات التي يقوم بها طلاب دراسات عليا في مجال الإعلام، أو قد نصادف أشخاصاً مشغولين بكتابة رسائل وطروحات للماجستير، أو يستعدون لمناقشة الدكتوراه، هذا الواقع يعكس اهتماماً متزايداً بالحصول على شهادات متقدمة في مجال الإعلام الذي أصبح مغرياً بالنظر إلى حجم ونوعية تطوره وتأثيره، هذا بالإضافة إلى أن الكثير من الجهات أصبحت تبحث عن متخصصين مؤهلين لصياغة سياساتهم الإعلامية والاتصالية وقيادة توجهاتهم في البيئة الرقمية حيث لم يعد الأمر يتصل بمجرد منصة لعرض ومشاركة المحتوى، ولكنه كذلك يتعلق بمكان لإنشاء مشاريع حقيقية وبناء صور ذهنية وعلامات تجارية في سوق يتميز بتنافسية عالية، ولا يتوقف عن التجدد الجاذب.

هذا التوجه نحو الدراسات العليا تحركه رغبة الباحثين عن الشهادات المتقدمة في الحصول على ميزات إضافية في عملهم، أو توسيع نطاق منافستهم في سوق العمل، وأحياناً الاستجابة، لأن بعض الجهات والشركات تشترط وجود شهادة أكاديمية في المجال الإعلامي ولا يمكن إقناعها فقط بمجرد وجود الخبرة والموهبة، أما أبرز التحديات التي تواجه الراغبين في الحصول على الماجستير أو الدكتوراه في الإعلام، فتتمثل في أن بعض الجامعات لا تقبل سوى من يحملون البكالوريوس في المجال ذاته، وهؤلاء يمثلون جزءاً بسيطاً من المتقدمين لنيل هذه الشهادات، إشكالية كهذه انتبهت لها جامعات أخرى فتخلت عن هذا الشرط، غير أن الإشكاليات لم تنته عند هذا الحد، فوجود أغلب الموظفين على رأس العمل مازال يمثل حائلاً دون حصولهم على برامج الدراسات العليا التي تتطلب الدراسة الحضورية، ومشكلة كهذه يمكن لها بالتوسع في برامج التعليم الجامعي عن بعد، والتي تتسق مع حركة التحول التقني التي عرفها العالم خصوصا بعد جائحة كورونا المستجد، كما أنها تواكب أسلوب حياة الجميع.

الشهادات الوهمية تتاجر بالمأزق!

من ذلك المأزق الذي يحاول طلاب دراسات الإعلام العليا التعامل معه، يتسلل عدد كبير من البرامج والشهادات الوهمية التي يتاجر بها البعض باعتبارها حلاً عملياً لأولئك الباحثين عن الشهادة مع الحفاظ على التزامهم اليومي بالعمل، فما أن تضع كلمة “ماجستير إعلام عن بعد” أوزارها في محرك البحث، حتى يجد المستخدم نفسه أمام خيارات لا تنتهي من الجامعات الافتراضية والمواقع الإلكترونية التي تحمل أسماء لكليات لا يعرف عنها أحد شيئاً، ولكن بعضها يملك من الثقة بحيث يتحدث عن كونه الحل المتوافق مع التقنية الحديثة، والذي سيكفل لك الحصول على شهادات عليا عالمية، لكنه لن يخبرك أنها شهادات وهمية لا يعترف بها أحد، بل قد تضعك أمام مشكلات قانونية تتعلق بالنزاهة والمصداقية إذا قدمتها لنيل منصب ما.

هذه المواقع لا تتضمن الكثير منها شرحاً واضحاً عن نوعية المواد أو البرامج الأكاديمية ولكنها في الغالب ستقودك إلى أرقام اتصالات أو عناوين بريد إلكتروني للتفاهم بشأن الشهادة المطلوبة، والاتفاق على متطلباتها التي لا تتعلق غالباً بقضاء ساعات تعليمية، وإنما بإنفاق مبالغ نقدية!! وهذا يعيدنا بلا شك لـ”مربط الفرس”، تطوير برامج ومسارات وأنظمة التعليم والتأهيل والتدريب الإعلامي بما يحقق المستهدف ويمنع التسرب ويسدّ الثغرات.