النسخة الثانية من كأس العالم للرياضات الإلكترونية جوائز مليونية.. و”فالكونز” يتوّج بالبطولة

احتضنت العاصمة السعودية الرياض فعاليات النسخة الثانية من كأس العالم للرياضات الإلكترونية خلال الفترة من 8 يوليو إلى 24 أغسطس 2025م، أكبر حدث تنافسي في تاريخ الألعاب، يجمع نخبة بطولات الألعاب الإلكترونية تحت مظلة واحدة، وهي سلسلة بطولات دولية سنوية للرياضات الإلكترونية تديرها مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية (Esports World Cup)، وهي منظمة غير ربحية يمولها صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية.

وشهد اليوم الختامي لبطولة العالم للرياضات الإلكترونية 2025م، التي استمرت فعالياتها ثمانية أسابيع، تتويج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وسفير كأس العالم للرياضات الإلكترونية نجم كرة القدم كريستيانو رونالدو، فريق “فالكونز” (Falcons) الفائز بكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025م، وتصدر النادي المتوج ترتيب البطولة، ليحصد بذلك الجائزة الكبرى البالغ مقدارها (7) ملايين دولار.

استطاع فريق “فالكونز” السعودي فرض هيمنته على بطولة الأندية بكل قوة ليحصد الجائزة الذهبية، إلى جانب فضيتين وبرونزيتين، وذلك على الرغم من قوة وشراسة المنافسة التي شهدتها هذه النسخة، حيث نجح “فالكونز” في الدفاع عن لقبه، وقد أنهى كأس العالم للرياضات الإلكترونية برصيد (5200) نقطة، متقدمًا على “تيم ليكويد” (Team Liquid) برصيد (4200) نقطة، و”تيم فياتالتي” (Team Vitality) برصيد (4050) نقطة.

من المخضرمين إلى المواهب الصاعدة

في نسخة هذا  العام، ارتقى الحدث إلى مستوى غير مسبوق، بمشاركة من أهم الألعاب وأكثرها جماهيرية، وتقديم أكبر مجموع جوائز مالية على الإطلاق في تاريخ الرياضات الإلكترونية، فالبطولة لم تقتصر على المباريات، بل احتضنت منافسات الأندية بنظام فريد متعدد الألعاب، مع جوائز خصصت لأداء الأندية في كل لعبة، إضافة إلى جائزة شاملة لأفضل أداء على مستوى البطولة، ففتحت أبواب التأهل أمام الجميع، من الأبطال المخضرمين إلى المواهب الصاعدة، كما امتد الحدث إلى ما هو أبعد من التنافس، ليقدم تجربة ترفيهية عالمية في قلب الرياض، مليئة بالعروض الحية، والتجارب التفاعلية، والمفاجآت الجماهيرية.

جوائز هذا العام المالية تجاوزت (70) مليون دولار، وهي الكبرى في تاريخ هذه المنافسات، بمشاركة أكثر من (2000) لاعب يمثلون (200) نادٍ من (100) دولة، وتضمنت (26) حدثًا في (25) رياضة إلكترونية، وبهذا الحدث تؤكد السعودية عزمها على المضي قدمًا لتصبح مركزًا عالميًّا للألعاب الإلكترونية.

توسع بعدد البطولات وتنوعها

تميزت مجريات النسخة الثانية من كأس العالم للرياضات الإلكترونية، بالكثير عن سابقتها في التوسع بعدد البطولات وتنوعها، فقد شهدت بطولة صناع المحتوى المخصصة لأعضاء الفرق السعودية الذين يتمتعون بقاعدة جماهيرية تصل إلى مئات الملايين من المتابعين، وخصصت جائزة مالية تصل قيمتها إلى مليون ريال، نحو (266) ألف دولار ظفر بها فريق “باور”، الأمر الذي أسهم في جذب المزيد من المشاهدين لا سيما من منطقة الخليج، كما شهد الحدث  استضافة بطولة الشطرنج للمرة الأولى، التي فاز بها النجم النرويجي ماغنوس كارلسن، ممثلًا فريق “ليكويد”، ونال جائزة قيمتها (250) ألف دولار.

الرياضات الإلكترونية ركيزة أساسية

جرى هذا الحدث العالمي المهم في وقت غدا قطاع الرياضات الإلكترونية في السعودية ركيزة أساسية وليس هامشيًّا، وبات تأثيره المتنامي يضاهي رياضات تقليدية أخرى، كما يوفر هذا القطاع بُعدًا استثماريًّا يحقق عوائد مالية واضحة من خلال المشاركة الكثيفة في كأس العالم، والاستحواذ على الأندية، إلى جانب سوق لانتقال اللاعبين، فالبطولة تُعدّ عاملًا محفزًا للاقتصاد الرقمي، ومن شأنها الإسهام في نمو قطاع الألعاب الإلكترونية، الذي يتجاوز حجمه مائتي مليار دولار عالميًّا، وهو ما يتسق مع الرؤية السعودية المستقبلية بتنويع مصادر الاستثمار وزيادة الإنتاج المحلي.

المملكة تستضيف بطولات كبرى

باتت المملكة مركزًا لاستقطاب كبرى البطولات العالمية، بمشاركة أبرز اللاعبين المحترفين، وجماهير من مختلف القارات، فقد شهدت الأعوام الماضية استضافة المملكة العربية السعودية بطولات كبرى، مثل: (Gamers8) في الرياض، الذي يُعدّ أضخم حدث للألعاب والرياضات الإلكترونية على مستوى العالم، وقد لاقت هذه الفعاليات إشادة واسعة من المتابعين والمنظمين الدوليين، وأسهمت في تعزيز صورة المملكة كوجهة رائدة قادرة على تنظيم أحداث ضخمة بمستوى عالمي.

وفي الوقت الذي تشهد فيه الرياضات الإلكترونية نموًا كبيرًا وشعبية متزايدة حول العالم، يرسّخ كأس العالم للرياضات الإلكترونية في الرياض مكانته كأكبر حدث في هذا القطاع من حيث الحجم، والأنظمة المبتكرة، والمحتوى الرائد، والتجارب الجماهيرية التفاعلية غير المسبوقة، كما يقدّم هذا الحدث دليلًا واضحًا على أن الرياضات الإلكترونية لم تعد رياضة مخصصة ومحدودة الجماهيرية؛ بل أصبحت رياضة عالمية، حيث أصبحت هذه الألعاب جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس، إذ يشارك أكثر من (3.4) مليار شخص حول العالم بانتظام في أنشطة الألعاب.

لقد وصل عدد مشاهدي الرياضات الإلكترونية في العالم إلى أكثر من (574) مليون مشاهد عالمي في عام 2024م، ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من (640) مليون مشاهد بحلول عام 2027م، واستقطب القطاع عالميًّا استثمارات ضخمة في البنية التحتية للصالات، ومرافق التدريب، والفرق، والأكاديميات في السعودية وحول العالم، وفقًا لتقارير من مصادر مثل (Deloitte) و(Newzoo).

ضمن رؤية السعودية (2030م)

يُعد قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية واحدًا من (13) قطاعًا يتم إعطاؤها الأولوية ضمن رؤية السعودية (2030م)، التي تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة التي تعد الدولة الأكثر تصديرًا للنفط على مستوى العالم وتعتمد عليه بشكل رئيسي في اقتصادها.

ومن بين تلك الأهداف، أن تصبح المملكة مركزًا عالميًّا للألعاب والرياضات الإلكترونية، إذ تتقدم الرياض بخطوات ثابتة نحو هذا الهدف بفضل سلسلة من المشاريع الاستباقية، والاستثمارات الذكية عبر المنظومة، واستضافة بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية التي تعتبر أحد هذه المشاريع.

وتُعد المملكة أول دولة في العالم تطلق إستراتيجية وطنية للألعاب الإلكترونية، بهدف إتاحة (39000) وظيفة جديدة وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار (50) مليار ريال سعودي بحلول عام (2030م).

ويُمثّل كل من كأس العالم للرياضات الإلكترونية ومؤتمر الرياضة العالمية الجديدة، بداية حقبة جديدة للألعاب والرياضات الإلكترونية، ليس فقط على مستوى المملكة، بل على الصعيد العالمي، إذ فتح الحدثان التاريخيّان آفاقًا واسعة لنمو قطاعي الرياضة والترفيه، واضعًا المملكة في صدارة الدول الرائدة في هذا المجال.

ومن الجدير بالذكر أن أول إعلان عن بطولة كأس عالم للرياضات الإلكترونية جاء بتاريخ 8 ربيع الآخر 1445هـ الموافق 23 أكتوبر 2023م، من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خلال مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة، الذي استضافته المملكة وبحضور من قيادات وكبار الشخصيات في القطاع الرياضي وقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية حول العالم، وأُعلن خلال المؤتمر عن إنشاء مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية لتكون منظمة غير ربحية تتولى إدارة وتنظيم البطولة بالتعاقد مع العديد من الشركاء المحليين والعالميين والجهات المعنية بمنظومة الألعاب والرياضات الإلكترونية.

مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية

في هذا السياق، أعلن مجلس الوزراء السعودي، في الثاني من سبتمبر 2025م، عن تشكيل مجلس أمناء مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ولمدة ثلاث سنوات، ويأتي هذا القرار ضمن الجهود المستمرة للمملكة لترسيخ موقعها كعاصمة عالمية للرياضات الإلكترونية في ظل النمو المتسارع لهذه الصناعة على المستويين الإقليمي والدولي.

سيضطلع المجلس بدور رئيسي في رسم السياسات العامة لمؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية والإشراف على تنظيم البطولات، وتطوير البنية التحتية اللازمة بما يواكب الطموحات الوطنية، كما يتوقع أن يعمل المجلس على دعم الكفاءات السعودية الشابة، وتمكينها من المنافسة عالميًّا، فضلًا عن تعزيز التعاون مع شركات الألعاب الكبرى، والمؤسسات الاستثمارية لضمان بناء صناعة متكاملة ومستدامة.

يأتي هذا القرار متسقًا مع أهداف رؤية المملكة العربية السعودية (2030م)، التي تركز على تنويع مصادر الدخل الوطني، وتوسيع نطاق الاقتصاد الرقمي، فالرياضات الإلكترونية لم تعد مجرد ترفيه، بل أصبحت صناعة عالمية تقدر بمليارات الدولارات، وتشكل جسرًا لجذب الاستثمارات وإتاحة فرص عمل جديدة، ومن شأن مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية أن تكون منصة محورية لتسريع هذا التحول.

ويتطلع خبراء القطاع والمستثمرون إلى أن يسهم المجلس الجديد في فتح آفاق أوسع أمام الشباب السعودي والعربي للمشاركة في هذه الصناعة المتنامية، كما يتوقع أن يضع المجلس خططًا طويلة المدى تضمن نقل التجربة السعودية إلى مصاف الدول الرائدة، وتحويل المملكة إلى مركز جذب دائم للاعبين والمستثمرين والشركات العالمية في مجال الألعاب الإلكترونية.