أطلقت شركة “هيوماين” السعودية، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، تطبيق “هيوماين تشات” (HUMAIN Chat) التفاعلي باللغة العربية، الذي يأتي كجيل جديد من حلول الذكاء الاصطناعي، مدعومًا بنموذج (علّام B34) ، وهو النموذج اللغوي العربي الأساسي للشركة، والذي يعتبر الأفضل عالميًّا بين النماذج اللغوية العربية الكبيرة.
وقال طارق أمين، الرئيس التنفيذي لشركة الذكاء الاصطناعي السعودية “هيوماين”، هيومين شات جرى تدريبه وفقًا للقيم والثقافة والدين والبيئة العربية، ليكون أول منصة محادثة قائمة على الذكاء الاصطناعي تمنح الأولوية الكاملة للغة العربية، مضيفًا في لقاء مع “سي إن بي سي عربية”: إن هذا الإطلاق يمثل بداية مرحلة جديدة تجعل من المملكة لاعبًا رئيسيًا في سباق تطوير النماذج اللغوية عالميًّا، مشيرًا إلى أن إطلاق التطبيق يمثل فخرًا للمملكة، وإنجازًا تاريخيًّا في السعي لبناء تقنيات ذكاء اصطناعي محلية تجمع بين التقدم التقني والأصالة الثقافية”، مؤكدًا أن هذا التطبيق ليس المحطة الأخيرة، بل مجرد بداية لمسيرة تهدف إلى خدمة المملكة والعالم العربي ثم العالم بأسره.
مزايا متقدمة
التطبيق متوفر حاليًّا في السعودية مجانًا على الموقع الإلكتروني وأنظمة “أي أو إس” (IOS) و”أندرويد” (Android)، مع خطط للتوسع في منطقة الشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم، مستهدفًا خدمة أكثر من (400) مليون متحدث باللغة العربية و(2) مليار مسلم حول العالم، والذين لم تلب تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية احتياجاتهم بشكل كافٍ حتى الآن.
ووفق موقع الشركة، صُمم “هيوماين تشات” خصيصًا للمتحدثين باللغة العربية، ليمثل خطوة مهمة نحو بناء تقنية ذكاء اصطناعي محلية تراعي العمق الثقافي، وتضمن التكافؤ اللغوي، وتعزز التنافسية عالميًّا، وهو يحمل مزايا متقدمة تشمل”:
– بحث فوري على الإنترنت: للحصول على أحدث المعلومات.
– الإدخال الصوتي: باللغة العربية، مع دعم لهجات متنوعة.
– التحويل السلس: بين اللغتين العربية والإنجليزية في المحادثة الواحدة.
– مشاركة المحادثات: لتسهيل التعاون والاستفادة منها مرة أخرى.
– الالتزام ببنود نظام حماية البيانات الشخصية السعودي.
– استضافة التطبيق بالكامل: على البنية التحتية لشركة “هيوماين” في المملكة.
نموذج (علّام B34)
يعتمد نموذج (علّام B34) التابع لشركة هيوماين على النماذج السابقة التي طورها المركز الوطني للذكاء الاصطناعي، في إطار الاختصاص الوطني للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، ويُعتبر وهو أحدث وأقوى نموذج لديها، الأفضل عالميًّا بين النماذج اللغوية العربية الكبيرة التي تم تطويرها في العالم العربي.
صُمم النموذج ليكون باللغة العربية في الأساس، ولكنه يعمل بشكل ممتاز باللغتين العربية والإنجليزية، وجرى تدريبه باستخدام أحد أكبر مجموعات البيانات العربية في التاريخ، بمساهمة أكثر من (600) خبير و(250) مقيّمًا، ما أدى إلى إتقان غير مسبوق للغة العربية ووعي عميق بالثقافة الإسلامية والشرق أوسطية.
وقد شارك في بناء النموذج أكثر من (120) متخصصًا في مجال الذكاء الاصطناعي، بينهم (35) شخصًا يحملون درجة الدكتوراه، مع نسبة متساوية بين الجنسين، وتم تطويره بالكامل في المملكة بأيدي وكفاءات سعودية بمشاركة نخبة من الخبراء العالميين.
عودة إلى نشأة “هيوماين”
شركة هيومان هي إحدى الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، وهي شركة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي تعمل على توفير حلول متكاملة في تغطية أربعة مجالات رئيسية: مراكز البيانات المتطورة، والبنية التحتية فائقة الأداء والمنصات السحابية، بالإضافة إلى نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والتي تشمل أحد أكثر النماذج اللغوية العربية المتعددة الأنماط تطورًا في العالم، وحلول الذكاء الاصطناعي المبتكرة التي تجمع بين الرؤية العميقة للقطاع والتنفيذ العملي.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يرأس مجلس إدارتها، أعلن إطلاق الشركة في مايو هذا العام 2025م، بهدف تطوير وإدارة حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والاستثمار في منظومة القطاع، لتقديم أحدث نماذج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن ذلك تطوير أحد أفضل النماذج اللغوية الكبيرة باللغة العربية، إلى جانب الجيل الجديد من مراكز البيانات، والبنية التحتية للحوسبة السحابية، كما تسهم الشركة في تمكين وتعزيز القدرات في مجال تطوير وتقديم تطبيقات وحلول الذكاء الاصطناعي محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، وفتح آفاق جديدة في الاقتصاد الرقمي.
علاوة على ذلك تعمل على دعم وتنسيق مختلف المبادرات المتعلقة بمراكز البيانات والأجهزة، وتسريع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، مع توفير منظومة متكاملة للحلول المرتبطة بالاقتصاد الرقمي في مختلف القطاعات الإستراتيجية، مثل الطاقة والرعاية الصحية والصناعة والخدمات المالية.
وتعزز الشركة جهود التطوير المحلية مع الحرص على الملكية الفكرية للابتكارات، وتحقق تطلعات المملكة في قطاع البيانات والذكاء الاصطناعي، ومنها ترسيخ موقع المملكة كمركز عالمي لتمكين أفضل تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي، وجذب الفرص الاستثمارية وأفضل الكفاءات في القطاع من المملكة والعالم.
آراء الخبراء والمختصين
ويرى خبير في تقنيات “البلوك تشاين” والذكاء الاصطناعي في “بي بي سي”، معاذ خليفات، أن إطلاق هذا النموذج بمثابة إغلاق لفجوة رقمية عمرها سنوات، مشيرًا إلى أن المستخدمين العرب يتعاملون مع نماذج مُدربة بالأساس على اللغة الإنجليزية التي بطبيعتها لا تفهم السياق الثقافي والديني للمنطقة، موضحًا أن وجود نموذج ذكاء اصطناعي مُدرّب عربيًّا ويفهم الصياغات الفصيحة والمحكية ويستوعب الحسّ الثقافي والديني والاجتماعي، سيرفع بالتأكيد من دقة المخرجات.
وفيما يتعلّق بحماية بيانات المستخدمين، يقول خليفات: إن تطبيق “هيوماين تشات” يمتثل لنظام حماية البيانات الشخصية السعودي، كما تنص سياسة الخصوصية على ضوابط شديدة لنقل البيانات للخارج عند الضرورة وفق متطلبات الجهة المختصة في السعودية.
ويتحدث الدكتور نادر غزال، رئيس المجلس الإفريقي الآسيوي للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، عن سياسة الخصوصية قائلًا: إن التخزين السحابي لنموذج “علّام” موجود في السعودية لا خارجها، مقارنة بنماذج لغوية عربية أخرى تستخدم التخزين السحابي لشركة مايكروسوفت، وذلك في إشارة إلى وجود ضمانات بالحفاظ على خصوصية بيانات المستخدم، مضيفًا: أن ما يميز النموذج اللغوي “علّام” عن النماذج العربية الأخرى، أنه يراعي الثقافة العربية والإسلامية بشكل كبير، إضافة إلى اعتماده على الكتب كمراجع بصورة أكبر من غيره، حيث يعتمد نموذج “علّام” على أكثر من (394) ألف كتاب باللغة العربية، وفق ما تفيد شركة “هيوماين”.
من جانبه يرى خليفات، أن “هيوماين تشات” سيدخل بمنافسة قوية في الأسواق العالمية إذا ما استمر بخطة التطوير المُعدّة له للسنوات الخمس المقبلة، حتى مع بقاء التفوّق العام للنماذج العالمية في بعض المهام العريضة، مؤكدًا أن المنافسة المباشرة صعبة على أي نموذج جديد، لكن “هيوماين” تبنّى ميزة سيادية واضحة هي: “بناء نموذج عربي”، وإنشاء بنية رقمية داخل المملكة، مع شراكات ضخمة لتمكين القدرة الحاسوبية”، مشيرًا إلى أن أكثر القطاعات المستفيدة من هذه النماذج، هي المدن الذكية، وقطاعات الطاقة والرعاية الصحية والتصنيع والخدمات المالية.
صندوق الاستثمارات العامة والذكاء الاصطناعي
الجدير بالذكر أن صندوق الاستثمارات العامة، وعددًا من شركات محفظته، يعملون على تعزيز منظومة الذكاء الاصطناعي من خلال الاستثمار والشراكات الدولية، مع الاستفادة من المزايا التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية، ومنها الموقع الجغرافي الإستراتيجي بين ثلاث قارات، مما يسهّل الربط بين شبكات التواصل.
وتهدف إستراتيجية الصندوق في قطاع الذكاء الاصطناعي إلى تعزيز تنافسية المملكة عالميًّا، وذلك في إطار أهدافه بدعم جهود التنمية والتنويع الاقتصادي محليًّا، وكانت المملكة قد تصدرت معيار الإستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي عالميًّا على المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي عام 2024م.