ما بين رواية “طواحين الهواء” للكاتب الإسباني “ميغيل سابيدرا” وبطلها الباحث عن بطولات خيالية بحصان هزيل،
(دون كيشوت) وبين رواية “الرقص مع الذئاب” للكاتب (مايكل بلاك) وتركيزها على الصراع بين المكونات البشرية الأمريكية، تعددت الأسماء والرقص واحد.
الإعلام أحد أهم عناصر الحياة، ولهذا لو تعمقنا في الروايتين في إطارهما العام لوجدنا أن الإعلام بطبيعته يُعلّم الإنسان على الرقص بين المتناقضات والحقائق والأوهام والتجاذبات.
لا شك في أن الإعلام برمته وسيطرته وأساليبه أمريكية، وتعدد وسائله بين إعلام تقليدي أو رقمي أو تواصل اجتماعي، انعكس على الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، فتحول الإعلام القادر على التأثير والتغيير والتجييش إلى أدوار استبدال الصور وإسقاط القيادات أمريكيًّا وعالميًّا متنقلاً بين الحروب العالمية إلى الحرب الباردة إلى حرب فيتنام إلى فضيحة ووترجيت إلى حرب النجوم ثم إلى إسقاط الدول والأنظمة وإبراز الحركات المتطرفة، وأخيرًا إلى صراعات كورونا والمنظمات الدولية وقرصنة الكمامات والقفازات وصولاً إلى حادثة “لا أستطيع أن أتنفس” التي حولت الساحة العالمية عمومًا والأمريكية خصوصًا إلى صراعات عرقية وحقوقية وسياسية وانتخابية.
وإذا كان الذئب عوى في فيلم “الرقص مع الذئاب” رافضًا التدمير بين البشر، فإن البطل يختم مغامراته وتحدياته قائلاً: “سأرحل بحثـًا عن أناس يمكن أن يصغو إليّ”.
ما يحدث حاليًّا في الولايات المتحدة الأمريكية هو استقطاب كبير وحاد بين الحزبين السياسيين الجمهوري والديموقراطي لما قبل استحقاق الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر 2020م.
لا شك في أن الصراع تحول إلى كسر عظم بين الحزب الجمهوري والرئيس (دونالد ترامب) من جهة والحزب الديموقراطي ومرشحه (جون بايدن) واليسار والإعلام الأمريكي المؤثر في الجهة المضادة.
“ترامب” اعتمد على تكرار (Fake News) ضد وسائل إعلامية أمريكية وتجاهل أسئلة مندوبيها بسبب التنافس الحزبي ومعارضتها لسياساته الداخلية، لكنها توسعت إلى مواجهات وخلافات سياسية وقانونية بين الرئيس الأمريكي وأهم المواقع الإعلامية، مثل: “تويتر، وفيسبوك” مهددًا باتخاذ إجراءات قانونية تصل إلى وقفها بعد حادثة حذف تغريداته ومشاركاته في هذه الوسائل.
الإعلام شريك أساسي في المؤسسات الأمريكية وصوت قوي ومؤثر في تشكيل الرأي العام، ولكن الرئيس “ترامب” – أيضـًا – ظاهرة قيادية غير مسبوقة في التاريخ الأمريكي، ولهذا تحول الصراع إلى قوة تراقص الشارع بأجندات سياسية وانتخابية يرقبها العالم بحذر واهتمام متابعًا مسرحية تراجيدية ودراما سوداء.
العام الطويل (2020م) وضع العالم على مسرح كبير ليراقص الهواء على أحلام اللقاح الموعود المفقود، وصراعات السياسة ليغني لهم (كوفيد 19) بتحدي “الليل عاده بأوله”، ثم يرد مجازًا “الفيروس لا يزال فيروسًا أكثر من اللازم”.