تمكنت المملكة العربية السعودية من استشراف المستقبل واستباق تأثير الذكاء الاصطناعي على كافة المجالات السعودية، فأنشأت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، وهي الهيئة التي تعمقت في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتطويعه لخدمة المجتمع السعودي.
حاورت “إذاعة وتلفزيون الخليج، الدكتور ماجد الشهري، المتحدث الرسمي للهيئة للتعرف عن قرب على أنشطتها، وكذلك لمناقشة تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام بشكل عام، وفي المملكة العربية السعودية على وجه التحديد، وإليكم نص الحوار:
- متى أُنشئت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي؟
أُنشئت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” بموجب الأمر الملكي رقم (أ/471) وتاريخ 29/12/1440هـ، وترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، ويرتبط بها تنظيميًّا: مكتب إدارة البيانات الوطنية، والمركز الوطني للذكاء الاصطناعي، ومركز المعلومات الوطني، وتتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال الإداري والمالي. - تعد المملكة العربية السعودية من أوائل الدول العربية التي أنشأت هيئة مختصة في هذا المجال.. ما السبب؟
جاء إنشاء “سدايا” كنتيجة حتمية للتطور التقني في العالم وبروز تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي واستخداماتها، كما تعد خطوة مهمة في مواكبة هذا التطور العالمي، تسعى من خلاله “سدايا” إلى إطلاق القيمة الكامنة للبيانات باعتبارها ثروة وطنية لتحقيق طموحات رؤية السعودية (2030م) عن طريق تحديد التوجه الإستراتيجي للبيانات والذكاء الاصطناعي والإشراف على تحقيقه عبر حوكمة البيانات، وتوفير الإمكانات المتعلقة بالبيانات والقدرات الاستشرافية، وتعزيزها بالابتكار المتواصل في مجال الذكاء الاصطناعي، كما أن المملكة العربية السعودية قد تكون الدولة الوحيدة بالعالم التي تميزت بدمج البيانات والذكاء الاصطناعي تحت مظلة حكومية واحدة. - ما مجالات الأنشطة التي تضطلع بها الهيئة؟
من أنشطة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” تنفيذ عدد من الأنشطة المحورية تشمل تطوير السياسات والأطر التنظيمية للبيانات والذكاء الاصطناعي، وإنشاء بنية تحتية رقمية متقدمة تشمل السحابة الحكومية التي استطعنا من خلالها استضافة (268) مركز بيانات حكوميًّا، وبنك البيانات الوطني الذي مكننا من دمج بيانات أكثر من (360) نظامًا حكوميًّا ضخمًا في بحيرة البيانات وتطوير المنصات الوطنية ودعم اتخاذ القرار من خلال التحليلات المتقدمة والنماذج التنبؤية، وتعزيز الابتكار وبناء القدرات الوطنية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة. - ما أحدث التطورات التي توصلتم إليها في هذا المجال؟
شهدت المملكة تطورات نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي، تمثلت في تحقيق إنجازات ملموسة على الصعيدين المحلي والدولي من أبرزها:
محليًّا: - إطلاق عدد من المبادرات الوطنية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي مثل: “إطلاق إطار تبني الذكاء الاصطناعي، ومشروع الوسوم التحفيزية، وإنشاء مكاتب للذكاء الاصطناعي في الجهات الحكومية، ومبادرة سماي مليون سعودي للذكاء الاصطناعي”.
- تأسيس بنية تحتية تقنية متقدمة تشمل تشغيل أكثر من (5000) معالج ذكاء اصطناعي، وتوسيع سعة مراكز البيانات إلى (90) ميجاوات.
- تطوير التطبيق الوطني الشامل “توكلنا” الذي سهل الوصول إلى أكثر من (1000) خدمة رقمية حكومية.
دوليًّا: - تنظيم “سدايا” للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسخها الثلاث بمدينة الرياض.
- إنشاء المركز الدولي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (ICAIRE) تحت مظلة اليونسكو في الرياض.
- الانضمام إلى توصية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشأن الذكاء الاصطناعي وتوقيع شراكات مع كبرى شركات التقنية العالمية.
- إحراز المملكة مراكز متقدمة في المؤشرات الدولية من بينها تصنيفها ضمن العشر الأوائل عالميًّا في عدد من معايير الذكاء الاصطناعي.
كما حازت “سدايا” على أكثر من (20) جائزة عالمية من منظمات دولية مرموقة، مثل الأمم المتحدة (UN)، والاتحاد الدولي للاتصالات (ITU).
وتواصل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” مسيرة الإنجازات النوعية عبر إطلاق برامج ومشروعات طموحة تعزز من تنافسية المملكة عالميًّا، وترسّخ مكانتها كمركز رائد في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، وتسعى الهيئة من خلال هذه الجهود إلى تمكين مختلف القطاعات من تبني التقنيات الحديثة، وتطوير الكفاءات الوطنية، واستقطاب الاستثمارات النوعية، بما يواكب مستهدفات رؤية المملكة (2030م)، ويُسهم في ترسيخ مكانة المملكة ضمن الدول الرائدة عالميًّا في مجال الذكاء الاصطناعي، ويجعل من الذكاء الاصطناعي رافدًا رئيسًا لدعم الاقتصاد الوطني وتحسين جودة الحياة.- هل هناك تعاون مع جهات أجنبية من أجل تطوير الذكاء الاصطناعي في المملكة؟
نعم، هناك تعاون واسع بين المملكة وعدد من الجهات والمنظمات الدولية بهدف تطوير منظومة الذكاء الاصطناعي وتعزيز مكانة المملكة عالميًّا في هذا المجال، حيث تعمل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” على بناء شراكات إستراتيجية مع منظمات دولية رائدة، مثل: “الأمم المتحدة، واليونسكو، والاتحاد الدولي للاتصالات، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ومجموعة البنك الدولي وغيرها”.
يشمل هذا التعاون مجالات متعددة منها دعم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والمشاركة في المؤشرات العالمية وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات، وتنظيم فعاليات دولية مثل القمة العالمية للذكاء الاصطناعي (GAIN).
كما تستضيف المملكة مراكز دولية متخصصة مثل المركز الدولي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي بالشراكة مع اليونسكو، وتشارك في إعداد تقارير أممية وتطوير أدوات تنظيمية وتقنية تعزز الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع رؤية السعودية (2030م).
وتؤكد هذه الجهود التزام المملكة بدورها المحوري في صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، من خلال الإسهام في وضع الأطر التنظيمية الدولية، وتبنّي مبادرات تسهم في بناء قدرات الدول النامية، وتطوير معايير مشتركة تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التقنيات، كما يعكس هذا التعاون رؤية المملكة في أن تصبح مركزًا عالميًّا لتطوير وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، بما يعزز مكانتها الريادية ويُسهم في دفع عجلة الابتكار والتقدم العلمي لخدمة الإنسانية جمعاء. - في رأيكم.. ما مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام؟
الذكاء الاصطناعي يُحدث تحولًا جذريًّا في صناعة الإعلام، حيث أصبح أداة مركزية لإنتاج وتوزيع المحتوى بشكل أسرع وأكثر تخصيصًا، ويسهم في تحسين جودة المحتوى وتمكين التفاعلية وزيادة كفاءة العمليات التحريرية التي يقوم عليها الأشخاص المختصون، كما يتيح للمؤسسات الإعلامية تحليل سلوك الجمهور بدقة وتقديم محتوى يتوافق مع اهتماماته، ما يرفع معدلات النقر والتفاعل ويسهم في نمو الإيرادات وتحقيق تجربة إعلامية أكثر فاعلية وشمولًا ورفع كفاءة الإنتاجية. - هل هناك تأثير متوقع على الإعلام بالمملكة العربية السعودية؟
نعم من خلال شراكات “سدايا” مع الأكاديمية السعودية للإعلام ومع منتدى السعودي للإعلام في إقامة معسكرات ودورات إعلامية في الذكاء الاصطناعي. - ما المجالات المتوقع تأثرها في الإعلام بشكل عام؟
من أبرز المجالات المتوقع أن تتأثر بتقنيات الذكاء الاصطناعي:
1- إنتاج المحتوى، مثل الكتابة والتحرير وتوليد النصوص والصور والفيديوهات تلقائيًّا.
2- التحرير الصحفي والتلخيص، بما في ذلك التحقق من الأخبار وترتيب الأولويات.
3- تخصيص المحتوى عبر التوصيات الذكية والتسويق المستهدف بحسب سلوك وبيانات المستخدم.
4- إدارة المنصات الإعلامية، من خلال أتمتة المهام الروتينية وتنظيم المحتوى.
5- تحليل البيانات الإعلامية لفهم الاتجاهات وتوقع سلوك الجمهور والتخطيط المستقبلي. - كيف يمكن تطويع الذكاء الاصطناعي لخدمة مجالات الإعلام؟
يُعد الذكاء الاصطناعي أداة محورية لدعم العاملين في قطاع الإعلام، إذ يُسهم في تحسين جودة المحتوى، ورفع الكفاءة التشغيلية، وتمكين المؤسسات الإعلامية من تقديم محتوى مخصص يواكب اهتمامات الجمهور وتفضيلاته، ومن أبرز مجالات الاستخدام: إنشاء وتحرير المقالات والمواد البصرية بشكل مبتكر، وتخصيص التوصيات للمستخدمين، وتحليل البيانات الضخمة لرصد اتجاهات الجمهور وتحسين الإستراتيجيات الإعلامية، إضافة إلى أتمتة المهام الروتينية مثل التصنيف والتحرير، ودعم التفاعل عبر بوتات المحادثة.
كما يعزز الذكاء الاصطناعي قدرات الترجمة الآلية والتعليقات الفورية، ويوفر أدوات متقدمة لتحسين تجربة المشاهدة والقراءة، مما يفتح آفاقًا جديدة لتطوير المحتوى الإعلامي وتوسيع انتشاره عالميًّا، بما ينسجم مع رسالة المملكة في تطوير قطاع الإعلام واستثمار التقنيات الحديثة لخدمة المجتمع. - ما تطلعاتكم المستقبلية لأنشطة الهيئة؟
دعم جهود المملكة نحو تسخير البيانات والذكاء الاصطناعي وتحقيق الاستفادة المثلى منها، وذلك بما يتماشى مع تطلعات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، ومستهدفات رؤية السعودية (2030م)، الرامية إلى الارتقاء بالمملكة ضمن أفضل الاقتصادات العالمية القائمة على البيانات والذكاء الاصطناعي، علاوة على تنمية الاقتصاد الرقمي وزيادة جودة الحياة من خلال استثمار آفاق التقنيات المتقدمة في تطوير الكفاءة التشغيلية للخدمات الحكومية عبر عدد من التطبيقات الرقمية مثل: التطبيق الوطني الشامل “توكلنا”، الذي يسهل على المواطن والمقيم الوصول إلى الخدمات الحكومية من خلال تطبيق حكومي موثوق، وتطوير رأس المال البشري في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون الدولي لضمان سلامة استخدام تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي، ورفع مستوى الوعي تجاه التعامل معها، وبناء القدرات البشرية في العالم في هذا المجال، وذلك بما يتماشى مع الجهود الوطنية في دعم الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق مستهدفات رؤية التنمية المستدامة للأمم المتحدة (2030م). - ما الكلمة الأخيرة التي يمكن أن توجهونها للقراء في هذا المجال؟
نتمنى للجميع التوفيق والسداد وأن يحققوا الفائدة من استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول.