الجامعة العربية تناقش دور الإعلام في التصدي لأفكار التطرف والإرهاب

إذاعة وتلفزيون الخليج ‒ دبي

-منى المري: “الإعلام مسؤول عن التعريف بخطر الإرهاب”.
-د. فوزي الغويل: “تهدف الجامعة إلى أن يبقى الإعلام العربي منبرًا للمعرفة والتسامح”.
-ضرار الفلاسي: “الإعلام المتوازن قادر على ترسيخ قيم الاعتدال والوسطية”.

نظمت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية فعاليات الاجتماعات الدورية لمناقشة دور الإعلام في مكافحة الإرهاب ونبذ الكراهية، والتي استضافتها دولة الإمارات العربية المتحدة في إمارة دبي خلال الفترة من 17 – 19 نوفمبر 2019م، بالتعاون مع “نادي دبي للصحافة” و”مؤسسة وطني الإمارات”، ضمن الفعاليات الدورية التي تعقدها الأمانة العامة للجامعة لمناقشة موضوعات وقضايا حيوية تلامس حياة المجتمعات العربية وتؤثر فيها.
وفي مستهل فعاليات اليوم الأول رحّبت رئيسة نادي دبي للصحافة منى المري، خلال كلمتها بجميع المشاركين وتوجهت بالشكر للأمانة العامة لجامعة الدول العربية لاختيار دبي كمقر لعقد ثلاثة من الاجتماعات الدورية للجامعة، وقالت: “إن اختيار الجامعة العربية لدولة الإمارات، لاستضافة هذه الفعاليات يحمل دلالات مهمة لاسيما وأنها تُعقد في دبي التي اختارها وزراء الإعلام العرب في يوليو 2019م عاصمة للإعلام العربي للعام 2020م”.
وأثنت “المري” على الهدف الذي عُقدت من أجله هذه الاجتماعات والمتمثل في بحث دور الإعلام في مكافحة الإرهاب ومسؤوليته عن رفع مستوى وعي المجتمع بأخطاره.

ثماني أوراق عمل بحثت سُبل نجاح الإعلام في التصدي للتطرف ودعم الخطاب الوسطي
شهد اليوم الأول للاجتماعات ورشة عمل بعنوان: “دور الإعلام في الترويج للخطاب الديني الوسطي ومكافحة الإرهاب”، قدمت خلالها دول: الإمارات، ومصر، والعراق، بالإضافة إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو”، أربع أوراق عمل تمحورت حول التصدي للإرهاب ونبذ الكراهية والتحريض، وتفعيل الخطاب الديني الوسطي.
ترأس ورشة العمل معالي الوزير المفوض الدكتور فوزي الغويل، مدير إدارة الأمانة الفنية لمجلس وزراء الإعلام العرب بجامعة الدول العربية، وبمشاركة ضرار الفلاسي، المدير التنفيذي لمؤسسة وطني الإمارات، الذي قدم ورقة العمل الإماراتية، كما قدم صالح الصالحي، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في جمهورية مصر العربية ورقة العمل المصرية، أما ورقة العمل العراقية فقدمها عصام أمين، مدير قسم المصادر العلنية بوزارة الدفاع العراقية، وقدم ورقة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” محمد الطناحي، رئيس قسم البحوث والدارسات في المنظمة.

خطاب الاعتدال والوسطية
أوضح “الغويل” أن تنظيم جامعة الدول العربية لهذه الفعاليات يأتي انطلاقًا من إيمانها أن الإعلام يحمل على عاتقه مسؤولية تجاه الترويج للخطاب الديني الوسطي، ومكافحة الخطاب المتطرف، ليبقى الإعلام منبرًا للمعرفة والتنوير وبناء جسور المحبة والتسامح بين الشعوب، مؤكدًا حرص مجلس وزراء الإعلام العرب على تعزيز دور الإعلام في مكافحة الإرهاب، وهو ما يتجسد في قرارات المجلس وخطط عمله وإستراتيجياته المتعلقة بدور الإعلام في هذا الصدد، وفي مقدمتها “الإستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب”، والتي أقرها المجلس في عام 2014م، والقائمة على تكثيف استخدام وسائل الإعلام لتنمية الوعي الوطني والقومي العربي.

التسامح منهاج حياة
قدم المدير التنفيذي لمؤسسة “وطني الإمارات” ضرار الفلاسي، ورقة تحت عنوان: “كيف جذّرت الإمارات ثقافة التسامح في مجتمعها بين المواطنين والمقيمين”، أشار خلالها إلى أهمية نشر وتعزيز ثقافة التسامح، مضيفًا أن تجربة دولة الإمارات أثبتت أن الإعلام المتوازن هو الأقدر على نشر التسامح، ونبذ الكراهية، ومساعدة الدول والمجتمعات على مكافحة الإرهاب والتصدي لأي فكر يشوبه التطرف، وقبل ذلك تعزيز التلاحم المجتمعي، وترسيخ أسس الوئام بين الناس.

الخطاب التحريضي
تناولت الورقة العراقية التي قدمها عصام أمين، بعنوان: “الخطاب التحريضي ودوره في تنمية موارد الإرهاب” الخطاب التحريضي لتنظيم داعش الإرهابي الذي وصفه بأنه أقوى خطاب تحريضي، موضحًا أنه ما زال موجودًا في العالم الافتراضي، ما يضع المنطقة والعالم أمام مجموعة من التحديات أبرزها تحدي تزييف الحقائق فيما يتعلق بالدين الإسلامي، ومواجهة العنف الناجم عن هذا الخطاب ومنع استمراره، مستعرضًا العديد من الأمثلة للخطاب الداعشي، وطرق ترويجه للأفكار الخبيثة المضللة.

الإعلام ومكافحة الإرهاب
أما الورقة الثالثة فكانت ورقة العمل المصرية  التي تناولت: “دور الإعلام في الترويج للخطاب الديني الوسطي ومكافحة الإرهاب”، والتي قدمها صالح الصالحي عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بجمهورية مصر، حيث شدد فيها على أن دور الإعلام يتلخص في عدة مسؤوليات من أهمها: توضيح ماهية مصطلح الخطاب الديني، ورصد التطور في الخطاب الإعلامي الديني لرصد الواقع وتحديد نقاط القوة والضعف في البرامج والمواد المقدمة، والاهتمام بالشباب وقضاياهم، وتوعيتهم بالمفاهيم الإسلامية الصحيحة.

التطرف الديني
الورقة الرابعة والأخيرة في اليوم الأول، قدمتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وعرضها رئيس قسم البحوث والدارسات محمد الطناحي، تطرق خلالها إلى: “مفهوم التطرف وأنواعه ومظاهره”، موضحًا أن تكنولوجيا الإعلام أسهمت في دفع الشباب للانتماء للتنظيمات المتطرفة بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث اتجه المتطرفون إلى الاستفادة من وسائل التكنولوجيا الحديثة في عرض أفكارهم.

دور القوة الناعمة والمناهج التربوية في مواجهة الفكر المتطرف
عُقدت ضمن فعاليات اليوم الثاني 18 نوفمبر 2019م، الحلقة النقاشية البحثية السابعة، وترأسها الوزير الغويل، وتمَّ تقديم أربعة أوراق عمل لكل من: الإمارات، والعراق، والمغرب، مصر.

القوة الناعمة الإيجابية
خلال ورقة العمل الإماراتية الثانية والتي جاءت تحت عنوان: “دور القوة الناعمة في مكافحة الإرهاب”، استعرض سعيد حسن، من إدارة مكافحة الجريمة المنظمة في شرطة دبي، دور القوة الناعمة في مكافحة الإرهاب، مُعددًا الأدوات التي يمكن توظيفها في تحقيق القوة الناعمة الإيجابية التي عرّفها بأنها: “القدرة على التأثير إيجابيًّا في سلوك الآخرين للحصول على النتائج المرغوبة”، وقال: إن السياسة الخارجية للدول، وإمكاناتها السياحية والثقافية، وكذلك الفعاليات الرياضية، من الممكن أن تمثل أدوات فعالة للقوة الناعمة.

الإعلام وداعش
تناولت الورقة البحثية العراقية التي قدمها أسعد علي، تحت عنوان: “الإعلام وتنامي تنظيم داعش في العراق”، اعتماد التنظيمات الإرهابية ومنها “داعش” على وجه الخصوص في توسعها على الإعلام من خلال تجنيدها جيشًا اعلاميًّا في كافة الاختصاصات، لشن حرب إعلامية ونفسية، مستخدمين كل الأساليب من خلال بناء إستراتيجية إعلامية.
كما تضمّنت الورقة العراقية بعض الوسائل التي يستخدمها تنظيم داعش في الترويج لنفسه، ومنها: الإذاعات المحلية، والمدونات الإلكترونية، وبث الصور والفيديوهات عبر مواقع التواصل.

الإعلام والمناهج التربوية
تحت عنوان: “أثر التوعية الاعلامية والمناهج التربوية في مواجهة فكر الإرهاب” كانت الورقة الثانية لجمهورية مصر العربية، والتي تضمنت أهمية الإعلام والمناهج التربوية باعتبارها من العناصر الرئيسة في إستراتيجية مواجهة الإرهاب، وأن الإعلام والمناهج التربوية يستطيعان إيجاد درع مجتمعي ضد الإرهاب، من خلال ترسيخ القيم النبيلة ونقل الأخبار والمعلومات، وتوظيفها لمواجهة عمليات التضليل الإعلامي.

مقاربات إعلامية
أما الورقة البحثية للمملكة المغربية فعرضها الدكتور عبد اللطيف بن صفية، مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال  في الرباط، بعنوان: “مقاربات إعلامية لمواجهة أشكال الفعل والإعلام الإرهابي في الوطن العربي”، وتحدث خلالها عن استناد الإرهاب إلى استخدام العنف في أبشع صوره لتحقيق غايات سياسية أو إيديولوجية.
ولفت “بن صفية” النظر إلى التحوّل الجذري الذي حدث في المقاربات الإرهابية، وتغير الفضاءات التي ظلت تعتبر مقرات سرية لنشر الأفكار المتطرفة، واحتلت مكانها قوة الإنترنت التي أصبحت وسيلة اتصال آمنة تتيح للتنظيمات المتطرفة التواصل والتجنيد.

الجامعة توصي بالتركيز على الخطابين الديني والإعلامي
اختتمت الفعاليات في 19 نوفمبر 2019م، بعقد الاجتماع (22) لفريق الخبراء الدائم المعني بمتابعة دور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، والذي ترأسه الوزير فوزي الغويل، حيث جرى مناقشة واعتماد التوصيات المرفوعة من خلال أوراق العمل المُقدمة من الوفود المشاركة خلال اليومين الأول والثاني للاجتماعات.
وتضمنت التوصيات التركيز على الخطابين الديني والإعلامي وجعلهما أدوات للتفكير وتهذيب السلوك بين أفراد المجتمع، ودعوة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) لمخاطبة وزارات التربية والتعليم والجهات المعنية في الدول الأعضاء لمراجعة محتوى المناهج الدراسية بما يضمن ترسيخ قيم التسامح ونبذ كل ما يدعو للأفكار المتطرفة لدى الطلاب، وحثّ وسائل الإعلام العربية على تعزيز الاهتمام الإعلامي ببرامج المناصحة.

الأمن القومي الإعلامي العربي
أكدت التوصيات ضرورة التزام القنوات الفضائية باختيار الشخصيات الدينية التي تعزز المفهوم الصحيح الذي يحصّن المشاهد، والتصدي لفوضى الفتاوى المتضاربة التي تدعو للتطرف، وتكليف الدول الأعضاء لمراكز البحوث والدراسات المعنية بالإعلام لموافاة الأمانة العامة برؤاها حول استحداث مفهوم “الأمن القومي الإعلامي العربي” ومدى إمكانية تجسيده والنظر في عدم تعارضه مع حرية الرأي والتعبير، وتنظيم حلقة نقاشية بحثية لمناقشة هذا الموضوع.
وتضمنت التوصيات كذلك، الدعوة لتوظيف الإعلام الجديد في نشر الوعي بمخاطر التعامل مع المواقع التي تشجع على الإرهاب، وتكثيف جهود الدول لإزالة منصاتها، ودعوة الدول الأعضاء إلى الاستفادة من المراصد والمواقع الإلكترونية العربية الرسمية واعتمادها كمركز موحد للمعلومات الصحيحة، والاستعانة بمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، بهدف التوعية ومواجهة الفكر بالفكر، ودعوة مؤسسات الإعلام إلى الامتناع عن عرض أو وصف الجرائم الإرهابية، بكافة أشكالها، بطريقة تضفي البطولة على مرتكبيها.

معالجة جوانب الضعف الإعلامي
خرجت التوصيات بتعميم الأمانة العامة للجامعة لورقة العمل المتضمنة تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في استخدام القوة الناعمة في مكافحة الإرهاب، وذلك بهدف الاستفادة منها والاسترشاد بها.
وحثت التوصيات على مواجهة جوانب الضعف الإعلامي التي تستغلها الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وتعزيز أداء الإعلام العربي مهنيًّا وفق مستويات: المواكبة المجتمعية، وتنظيم الممارسة الإعلامية، والتربية الإعلامية.

مواصلة النقاش البنّاء
دعت التوصيات لتنظيم حلقة نقاشية بحثية حول: “المصطلحات المتعلقة بقضايا التربية الإعلامية، والإعلام التربوي، والأمن الإعلامي، والإعلام الأمني، والتطرف والإرهاب”، لعرضها ضمن جدول أعمال الاجتماع القادم.