منذ سنوات بعيدة كان شهر رمضان موسمـًا للدراما التلفزيونية، وأشبه بسباق تتنافس فيه القنوات وشركات الإنتاج والممثلون لتقديم أفضل ما لديهم للمشاهد العربي، ولكن صناعة الدراما تطورت مفاهيمها واختلفت عن السابق، فأصبحت تحكمها اقتصاديات السوق الشرس، الذي أصبحت لغة المال تتحكم فيه إلى حد كبير، وأصبحت نقطة البداية لا تنطلق من عند مؤلف العمل، بل تبدأ بالمعلن الذي يرغب في الأعلى مشاهدة والأكثر نجومية.
وبالطبع أثر ذلك في المحتوى المقدم، لأنه ليس من الضرورة أن يتوافر للنجم المرغوب فيه سيناريو عمل يليق بتقديمه له، أو بالأحرى فإن اللهاث خلف الربح، لا يتلاءم دائمـًا مع عمل جيد.
تسبب ذلك ‒ أيضـًا ‒ في “تفصيل” أعمال تدور في فلك النجم الأوحد، واختفت تدريجيـًّا البطولات الجماعية، ما حدا بنا إلى إيجاد حالة أسطورية حول بطل العمل، الذي يظهر في الغالب في دور صاحب الحق الذي ينتصر في النهاية على أهل الباطل.
من الظواهر الجديدة ‒ أيضـًا ‒ ارتفاع مستوى أجور الممثلين بشكل كبير، ما جعل بعض شركات الإنتاج تبحث عن الممثل صاحب الأجر الأقل، بعيدًا عن تقييم مستواه الفني.
وفي كل عام، تشعر كأن شركات الإنتاج تفاجأ بحلول شهر رمضان فتسرع في إنهاء العمل الذي يستمر تصويره أثناء شهر رمضان، ما يضع القائمين على عناصر العمل المختلفة يعملون تحت ضغط الوقت، ويتخلون عن كثير من عوامل الجودة مقابل إنجاز العمل في الوقت المطلوب، وهو ‒ أيضـًا ‒ من العوامل التي أضعفت من جودة الأعمال المقدمة.
لا ضير في أن يكون هناك تسابق وتنافس خلال شهر رمضان، من أجل تقديم إبداع جيد مبتكر ومغاير، بل إن المشاهد العربي ينتظر هذا الموسم ليستمتع عبر الشاشة الصغيرة بما يقدم له من وجبات درامية دسمة تتنوع بين الدراما الاجتماعية والكوميدية والتراجيدية.
لكن ما الذي حدث هذا العام في واحدة من أهم وأشهر البلدان العربية التي تقدم مسلسلات رمضانية متميزة، فالمسلسلات المصرية سقطت هذا العام في هوة التكرار والنمطية وعدم تقديم الجديد.
وهنا لابد من أن تشير أصابع الاتهام إلى غياب المؤلف الناضج الذي يتمكن من نسج حكايات تتسم بالقدرة على الحبكة الدرامية والحوار الجيد لكي يتيح للممثلين استعراض إمكاناتهم، ويسهل للمخرج طريق صياغة العمل فنيـًّا.
غاب هذا المؤلف، فغابت الصنعة والحرفية والمهارة، واكتفينا بمشاهدة أعمال بعضها مستقى من أعمال كثيرة شاهدناها من قبل أو على أقل تقدير تدور في نفس فلكها، والبعض الآخر اُتهم بأنه تقليد لأعمال أجنبية، بينما برز عدد ضئيل من المسلسلات لكنها أفضل السيئ لو صح التعبير.
كما شعرنا بقيمة الممثلين الكبار الذين غابوا عن ساحة السباق الرمضاني هذا العام، فترك كل من الفنانين يحيى الفخراني وعادل إمام مكانين شاغرين لم يتمكن أحد من سدِّ فراغهما، وهو ما أسهم في تقديم موسم باهت غير محفز على المتابعة.
على الجانب الآخر فإن الدراما الخليجية بدت هذا العام أكثر تماسكـًا، محافظة على الأنماط التي يميل إليها المشاهد، سواء المسلسلات الاجتماعية التي تتحلق حولها الأسرة، أو التاريخية التي تناقش تاريخ وتراث بعض البلدان أو الكوميدية التي اتسمت هذا العام بمناقشة القضايا الراهنة.
كان المحتوى الدرامي للأعمال الخليجية جيد في معظمه، ما أتاح فرصة لبزوغ نجم الممثلين المشاركين في هذه الأعمال، فلم تخلُ شاشة خليجية من عمل أو أكثر على قدر كبير من التميـّز، وهو ما يجعلنا نشعر أن صناعة الدراما في الخليج تسير نحو الأفضل، ربما يعود ذلك إلى وجود جيل جديد من الكتـّاب الذين أثبتوا وجودهم على الساحة، إلى جانب دخول الدولة بقدر كبير في الصناعة وهو ما يسهم في التخلي عن إعلاء قيمة الربحية على حساب الجودة.
شارك معظم النجوم الخليجيين في الأعمال الرمضانية هذا العام، وكان لكل منهم صولاته وجولاته، ما أسهم في إحداث زخم لائق.
ممثلو الكويت كاملو العدد
ظلت المسلسلات الكويتية لعقود ذات تأثير واضح في الدراما العربية بشكل عام، وعلى المستوى الخليجي بوجه خاص، فالكويت الشهيرة بنجومها وكتـّابها ومخرجيها، قدمت هذا العام ما يقرب من (12) مسلسلاً خلال الموسم الرمضاني، وكان السياق الاجتماعي هو الأبرز، فناقشت غالبية الأعمال قضايا اجتماعية محلية وإنسانية.
لم يغب فنانو الكويت عن السّباق الرمضاني، بل كان لكل منهم حظـّه في المشاركة في الأعمال التي شاركت في رمضان هذا العام، فشاهدنا الفنانة حياة الفهد والفنان أحمد الجسمي في مسلسل “حدود الشر”، أما الفنانة سعاد عبد الله، فشاركت بمسلسل “أنا عندي نص”، الذي يدور في إطار كوميدي اجتماعي.
وفي “مسلسل أمنيات بعيدة”، نجد الفنانة هدى حسين التي تقوم بدور الأم التي تعتمد على ابنها في كل شيء بسبب وظيفته المرموقة وشخصيته المهابة، كما ظهر الفنانون سعد الفرج، وهدى الخطيب، وفيصل العمري، في مسلسل “إفراج مشروط”، وننتقل إلى أحد المسلسلات التراثية الكويتية، وهو مسلسل “الديرفة”، بطولة الفنان محمد المنصور مع النجوم: “بثينة الرئيسي، وحسين المهدي، وأسمهان توفيق، وهيفاء عادل”.
وشارك الفنان داود حسين في بطولة مسلسل “موضي قطعة من ذهب” إلى جانب عدد من نجوم الشاشة الخليجية، ومنهم: “أسمهان توفيق، ونور الكويتية، ولمياء طارق، وحسين المهدي، وفهد العبد المحسن، وشهد ياسين”، يحكي المسلسل علاقة الزوج بزوجته وأولاده والصراعات والصعاب في مقابل تكوين أسرة، ويضم أحقابًا زمنية متعددة، يبدأ من الثمانينيات مرورًا ببداية الألفية ووصولاً لعام 2018م.
من جهة أخرى شارك الممثل المصري بيومي فؤاد في مسلسل “سبع أبواب”، إلى جانب الفنانين: “سعد الفرج، وهيفاء عادل، وإبراهيم الحربي، وجاسم النبهان، وهدى الخطيب، وزهرة الخرجي، وهبة الدري، وبثينة الرئيس، وطيف، وهنادي الكندري”، ويدور العمل حول كثير من الأحداث الاجتماعية من خلال مجموعة قصص متنوعة.
وبشكل عام يُعدُّ هذا الموسم أفضل من سابقيه من حيث المضمون والموضوعات التي تناولتها المسلسلات، وكذلك من حيث أداء الممثلين الذين تميـّزوا من خلال أعمالهم.
الدراما الإماراتية بين التاريخ والمجتمع
لا تزال الأعمال الدرامية المأخوذة عن روايات أدبية تتخذ مذاقـًا مختلفـًا من حيث التناول، والفكرة التي تخرج عن الصندوق المعلب الذي تقع في فخه غالبية الأعمال.
فكرة
جديدة حملها مسلسل “ص. ب 1003″، الذي دارت أحداثه حول مسؤول عن صناديق
البريد، يأخذه الفضول لفتح إحدى الرسائل لينتهي به المطاف بمراسلة
“علياء” وانتحال شخصية حبيبها المتوفي “عيسى”، والقصة مستوحاة
من رواية
“ص. ب. 1003” للكاتب سلطان العميمي.
بينما عبر مسلسل “مقامات العشق” عن الدراما التاريخية من خلال تناول سيرة الشيخ “محي الدين بن عربي”، وما زخرت به مسيرته من مواقف وحكايات.
وفي الجانب الاجتماعي فقد بدا واضحًا في مسلسل “قديمك نديمك”، حيث نجد زمن النقاء والفطرة الحياتية، التي تؤدي إلى اصطدام أبطال المسلسل بالواقع المعاش.
أما مسلسل “فتنة” فهو عمل يستلهم حياة البداوة بكل طقوسها وأجوائها.
وهنا نلفت النظر إلى النظام الإداري الذي يحكم صناعة الدراما في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال شركة أبو ظبي للإعلام التي تمكنت من المزاوجة بين تحقيق الأهداف الاقتصادية الإنتاجية والمستوى المتميز للأعمال المنتجة، هذا الأسلوب يضرب فكرة احتكار السوق، وتوظيفه لصالح أهداف معينة، كما أنه يتيح للدولة أن تقوم بدورها تجاه مواطنيها لتقديم وجبات إبداعية متميزة تنتصر للقيمة، وتفتح آفاقـًا جديدة لموضوعات لم يتمّْ تناولها من قبل.
سعوديـًّا .. الكوميديا الهادفة تتميز
حفلت الدراما السعودية بعدد من الأعمال الرمضانية هذا العام، لكن أبرزها مسلسل “العاصوف (ج 2)” بطولة ناصر القصبي، والمسلسل يؤكد أن الممثل الكوميدي المتمكن لا ينحصر دوره في الترفيه فقط، ولكنه يستطيع ‒ أيضـًا ‒ مناقشة قضايا اجتماعية وسياسية وتاريخية مهمة، وهو ما أثبته المسلسل، والذي تعرض لقضايا وأحداث مرّت بالمملكة العربية السعودية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وحظي بمتابعة كبيرة، وتعليقات من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومن الجدير بالذكر أن مسلسل “العاصوف” تناول في الجزء الأول الذي عُرض في شهر رمضان الماضي، التغيرات التي طرأت على مدينة الرياض، حيث رصد ما يعرف بالطفرة والتحولات الفكرية التي طالت بعض المجتمع في فترة الستينيات، ويحسب للفنان ناصر القصبي جسارته في تقديم هذا العمل.
كذلك الحال في مسلسل “شباب البومب” الجزء الثامن، الذي ناقش قضايا تهم شباب الوطن العربي بطريقةٍ كوميدية، فهناك حلقة عن لعبة (PUBGE)، وأخرى عن تقنية (VAR) المتبعة في مباريات كرة القدم، بالإضافة إلى حلقات في أجواء من الفانتازيا.
أما مسلسل “يلا نسوق” فهو مسلسل كوميدي، يناقش حال المرأة السعودية بعد صدور قرار قيادة المرأة للسيارات في المملكة، حيث تدور أحداث المسلسل داخل معهد لتعليم القيادة للسيدات.
ويستمر مسلسل “بدون فلتر” الذي عُرض الجزء الأول منه في رمضان العام الماضي، في مناقشة قضايا اجتماعية تهم المجتمع السعودي في قالب من الكوميديا، وعاب على العمل انخفاض جودته، وبرر منتج العمل وبطله الفنان عبد الله السدحان ذلك بسبب تأخر التعميد واستمرار تصوير العمل خلال شهر رمضان.
بينما يرصد مسلسل “هايبرلوب” بشكل ساخر الأحداث الاجتماعية والتغيرات الاقتصادية في سلسلة من الفقرات، التي تحتوي على العديد من الحديث الغنائي في قالب كوميدي.
كل هذه المسلسلات لا تخلو من هدف نبيل وراءها تقدمه في قالب كوميدي، لكنها تواجه مشكلات تحيط بالمجتمع وينبغي التنبه لخطورتها وتقديم حلول لمعالجتها وهو ما جعل من الكوميديا رسالة اجتماعية مهمة.
التميـّز الأردني
تعاني الدراما العربية بشكل عام من ضعف في إنتاج الأعمال التاريخية، ولا يمكن التذرع بالأسباب الإنتاجية، إذ إن أجور بعض الممثلين في الوقت الحالي تكفي لإنتاج أعمال تاريخية متميزة، وربما نعزي السبب إلى غياب المؤلف القادر على صياغة عمل تاريخي، والتقاط اللحظة التاريخية التي يمكن معالجتها، إلى جانب هروب بعض الممثلين من التصدي لمثل هذه الأعمال التي تتطلب جهدًا كبيرًا في الأداء، ناهيك عن عناصر العمل الأخرى بخاصة الديكور والأزياء والماكياج.
أردنيـًّا برز المسلسل الأردني التاريخي “العاشق: صراع الجواري” بطولة الفنان غسان مسعود، وهو عمل تاريخي تدور أحداثه في عصر الخلافة العباسية الثانية وما شهدته تلك الفترة من اضطراب في تداول السلطة.
المسلسل بطولة كوكبة من النجوم، في مقدمتهم الفنان غسان مسعود ومنذر رياحنة وركين سعد وفاطمة ناصر، ومن تأليف الكاتب أحمد المغربي والمخرج على محيي الدين.
ومن الجوانب الإيجابية في الدراما الأردنية اهتمامها الدائم بالمسلسلات التاريخية والبدوية، وهي عناصر تميّز تحسب لها، وتجعلها تغرد منفردة في فضاء الدراما العربية.
الدراما المصرية .. غاب النصِّ فتراجع الإبداع
عدد من المسلسلات المصرية توزع على القنوات الفضائية هذا العام، وتنوع ما بين التشويق والإثارة والكوميديا، في ظل غياب صارخ للدراما الاجتماعية التي كانت مثار جذب المشاهد في الأعوام الماضية.
ومن الملفت هذا العام ‒ أيضـًا ‒ قلة عدد البطولات الجماعية والانتصار لفكرة البطل الأوحد، حتى أن الأمر صار أقرب إلى تعاقد الشركة المنتجة مع البطل قبل الحصول على رواية تلفزيونية تعرض عليه، وصرنا أقرب إلى الكتابة وفقـًا لأهواء البطل وتطلعاته.
عدد كبير من المسلسلات اعتمد على أسلوب التشويق والإثارة بحثـًا عن لفت نظر المشاهدين وضمان متابعتهم للمسلسل، لكن هذه الحيلة لم تفلح في غالبية الأعمال، لأنها بدت غير مقنعة، وأصبحت أكثر ميلاً لاختلاق خطوط درامية زائدة عن الحاجة، والميل إلى الترهل الذي بات سمة تسببت في ملل المشاهد وفراره من المتابعة، إلا أن بعض المسلسلات نجح إلى حد ما في إقناع المشاهدين بهذا الأسلوب، من بينهم يأتي مسلسل “قابيل”، الذي دارت أحداثه حول تولي أحد محققي الشرطة التحقيق والبحث في جريمة خطف فتاة، حيث يحاول الوصول لمكانها وأيضـًا تحديد هوية الخاطف، والعمل من بطولة الفنانين الشباب محمد ممدوح، ومحمد فراج، وأمينة خليل، ويُعدُّ المسلسل ذا طابع خاص في التمثيل وفي الأجواء التي تميزت إخراجيـًّا.
ومن الأعمال التي تميزت ‒ أيضًا ‒ مسلسل “زي الشمس”، ويأتي تميـّزه في الحقيقة من الأداء المقنع لأبطاله، بخاصة الفنانة ريهام عبد الغفور التي قامت بدور (فريدة)، على الرغم من التكلف الواضح لمؤلف العمل من أجل إدخال حدث غير متوقع في نهاية القصة.
موسم سقوط النجوم
مَن المسؤول عن إخفاق بعض المشاهير في تحقيق معدلات مشاهدة عالية، والظهور في ثوب غير مقنع دراميـًّا؟ّ!
يبدو أن الإجابة ستكون هي موضوع العمل، فلم يكن مسلسل “ولد الغلابة” الذي يقوم ببطولته الفنان أحمد السقا، مقنعـًا في أحداثه، إذ إن محاولة إضفاء هالة على شخص يرتكب العديد من الآثام ويسعى المؤلف إلى كسب تعاطف المشاهدين له، أمرًا يمكن أن يمرَّ على ذائقة المشاهد ووعيه، فالمثالية أمرٌ غير موجود على أرض الواقع، فكيف تحاول الدراما إقناعنا بها، ناهيك عن تسلسل الأحداث غير المنطقي، وغياب المنطق المقنع لهذه الأحداث.
وقد لاقى المسلسل هجومـًا بعد ما ردده بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي من وجود تشابه بينه وبين المسلسل الأمريكي “بريكنج باد”، حتى أن “ماكياج” أحمد السقا يتشابه مع ماكياج بطل المسلسل الأمريكي.
وهو أمرٌ يستدعي التوقف عنده، فالعديد من المسلسلات هذا العام مقتبسة من أعمال أجنبية، بعضها تمَّ التصريح به رسميـًّا من صناع العمل، والبعض الآخر تناوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الحالتين، تشعر وكأن قضايانا المحلية نضبت، ولم تعدّْ هناك أفكار جديدة، فصرنا نستورد الأفكار والأحداث البعيدة تمام البعد عن بيئتنا ذات الخصوصية الشديدة.
محمد رمضان يسقط في “زلزال”
نفس الأمر يتكرر مع الفنان محمد رمضان، الأعلى أجرًا في السوق الدرامي، والأكثر نجومية بين أقرانه، وينتظر المتابعون كل عام ما سيقدمه على الشاشة التلفزيونية، ولكن لم يحظ مسلسل “زلزال” الذي قام ببطولته بالشعبية نفسها والجماهيرية المعتادة لمسلسلات رمضان، فالقصة التي ألفها الكاتب عبد الرحيم كمال، وهو أحد الكتـّاب المتميزين، تنصل منها عبد الرحيم، بعدما اتهم المخرج إبراهيم فخر، بتغيير العديد من الأحداث، وإضافة شخصيات لم تكن موجودة في العمل، بل وتغيير النهاية التي وضعها المؤلف، ما أدى إلى تشويه العمل إلى حد كبير.
ممثلون في الأسر
قدم الفنان مصطفى شعبان لسنوات عديدة دور الشخص المزواج، الذي تدور حياته بين زوجاته وأبنائه، وفي هذا العام شارك شعبان بمسلسل “أبو جبل” الذي أوقع شعبان في أسر الشخصية المسلوب حقـّها، والتي تبحث عن انتزاع هذا الحق، وهي تيمة مكررة جعلت المسلسل على هامش السـّياق.
ويتكرر نفس الأمر مع الفنان ياسر جلال الذي نجح خلال الأعوام الماضية من إثبات نفسه كممثل قادر على تحمل مسؤولية بطولة عمل بمفرده، وبرز دوره في مسلسل “ظل الرئيس”، لكنه هذا العام يعود بمسلسل “لمس أكتاف” الذي يتورط في أعمال إجرامية، وعندما يقرر التوبة، يواجه مشكلات كبرى مع عصابات كبيرة، وهي صياغة عادية مكررة لم تضف شيئـًا إلى رصيد ياسر جلال لدى المشاهد، وإن كانت قد برزت إلى حد كبير الفنانة حنان مطاوع في هذا العمل من خلال أدائها المتميز.
الأكشن يكسب
على صعيد آخر حقق مسلسل “كلبش” في جزئه الثالث نجاحـًا استثمره من نجاح الجزأين السابقين، وتمكن البطل أمير كرارة من أن يصبح اسمه بين أبطال الدراما الرمضانية سنويـًّا.
بينما نشاهد الفنان محمد إمام في مسلسل “هوجان”، وهي محاولة لإبراز البطل كواحد من الخارقين، وإن كانت هذه النوعية من الأعمال لم تعدّْ تتناسب ‒ أيضـًا ‒ مع الشهر الفضيل وما يقدم فيه، وكأننا لا زلنا في إطار إضفاء هالة غير منطقية على بطل العمل.
الكوميديا هذا العام خارج الخدمة
عدد قليل من نجوم الكوميديا شارك هذا العام، وجاءت الأعمال الكوميدية المشاركة خالية من المذاق الجديد، بل اضطر بعض الفنانين إلى اجترار نجاحاتهم السابقة، ولكن من دون جدوى.
دخل الفنان أحمد فهمي السباق هذا العام بمسلسل “الواد سيد الشحات” حيث شاركه البطولة الفنان محمد عبد الرحمن والفنانة هنا الزاهد، وحاول فهمي استغلال نجاحه العام قبل الماضي ليبحث عن تيمة مشابهة من خلال التعرض لأحداث ومواقف عديدة تتيح له مساحات مواقف كوميدية متعددة، لكنه لم يفلح هذه المرة في تحقيق ذلك.
أما الفنانة دنيا سمير غانم فقد حاولت الخروج من صندوق الأفكار المعتادة من خلال تقديم ثلاث شخصيات تكون محورًا لأحداث تنتهي كل قصة في عشر حلقات، حيث يدور المسلسل حول ثلاث قصص مختلفة، ولم تتمكن دنيا من القفز فوق مسلسلي “لهفة”، و”نيللي وشريهان”، وظلت أسيرة حالة من الارتباك الفني الذي بدأ العام الماضي في مسلسلها “في اللالا لاند” ومسلسل هذا العام ‒ أيضـًا ‒ الذي حاولت خلاله استكمال مسلسل “لهفة” لكن محاولتها لم تفلح.
وفي ذات الصدد فإن مسلسل “فكرة بمليون جنيه”، بطولة الفنان علي ربيع وكريم عفيفي وصابرين وصلاح عبد الله، خلا من المواقف المضحكة والمقنعة، وكان أسيرًا لفكرة تحقيق الحلم بالثراء، الذي لا يكون مرتبطـًا ببذل الجهد والعناء من أجل الوصول إليه.
وفي تكرار متعدد لفكرة الحلم بتحقيق الشهرة نشاهد مسلسل “شقة فيصل” للفنان كريم محمود عبد العزيز الذي شاركته بطولته آيتن عامر، حيث تدور أحداث المسلسل في إطار كوميدي اجتماعي، يحلم “ميزو” بالغناء والشهرة وعلى الرغم من الظروف القاسية التي يعيشها، يسعى لتحقيق حلمه.
لم يفلت من هذه الأطر النمطية غير مسلسل “السهام المارقة” الذي تناول مشكلة الإرهاب، بخاصة تنظيم داعش، واستعرض كل ما يدور داخل هذا التنظيم الإرهابي.
ختامـًا، يظل التساؤل: لماذا نصنع مسلسلات؟ هل من أجل تحقيق إبداع ممتع للجمهور، والإسهام في توعية المجتمع، والترفيه عنه أيضـًا؟
أم أن الأمر أصبحت أهدافه مالية فقط؟! فالمنتج يسعى لتحقيق أقصى الأرباح، ويختار الممثل الأكثر نجومية فيدفع له مقابلاً ماليـًّا ضخمـًا، لتشتري القنوات الفضائية أعمالاً حسب نجوم العمل، ويدفع المعلن لها أموالاً طائلة، ليس لدينا تحفظ على اقتصاديات هذه الصناعة، لكن الهدف الأسمى يبدو أنه تراجع أمام المال!!.