دعا لاستكمال تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين وشكر أبطال “كورونا”
احتفاءً بالذكرى التاسعة والثلاثين لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي وافقت الخامس والعشرون من شهر مايو 2020م، وجه معالي الأمين العام لمجلس التعاون، الدكتور نايف الحجرف، كلمة استذكر فيها التاريخ المجيد لمجلس التعاون، ومسيرته المباركة التي رسمها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول الخليج العربية منذ عام 1981م، مستعرضًا منجزات المجلس والتحديات التاريخية التي واجهته وتجاوزها بفضل الله ثم بتكاتف البيت الخليجي، وما أثمرته جهود العمل الخليجي المشترك لتحقيق أمن المنطقة واستقرارها.
واستهل معالي الأمين كلمته مهنئـًا مواطني دول مجلس التعاون بعيد الفطر السعيد الذي تزامن مع الذكرى السنوية التاسعة والثلاثين لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية وانطلاق مسيرتنا المباركة من مدينة أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، في 25 مايو 1981م، التي نستذكرها اليوم كخليجيين بكل الفخر والاعتزاز، ونستذكر بالإجلال والعرفان الآباء القادة المؤسسين – يرحمهم الله – الذين وضعوا الأساس المتين لهذا الصرح المبارك”.
حكمة القادة دفعت المسيرة وحفظت المنجزات
أشار معالي الأمين “الحجرف” في كلمته إلى متانة مجلس التعاون ومنجزاته التاريخية، وحكمة قادته في مواجهة التحديات منذ تأسيسه، قائلاً:
“لقد واجهت مسيرة التعاون المشترك كثيرًا من التحديات خلال الأربعة عقود الماضية، كما شهدت كثيرًا من الإنجازات والمكتسبات التي تحققت في مجالات عدة، وعلى أكثر من صعيد، وبفضل من الله ثم بحكمة ورؤية أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس – حفظهم الله – تمكن المجلس من تجاوز تلك التحديات، وفي الوقت ذاته تمكن من الحفاظ على مكتسباته ومنجزاته لما فيه خير ونماء وأمن وازدهار دوله ومواطنيه”.
مكانة الخليج نموذجًا عالميًّا للتقدم والتوازن
استشرف معاليه مستقبل المنطقة وشعبها الخليجي بما يملك من مقومات النمو والتقدم، وما رسّخت قيادته بجهودها من منجزات صنعت المكانة المهمة التي تحظى بها دول مجلس التعاون عالميًّا، حيث قال:
“إن الشعوب الحية لا تقف عند الماضي إلا لاستلهام الدروس والعبر، وبما لا يعطل أو يؤثر في ثبات مسيرتها نحو المستقبل بكل ما يحمله من طموحات و آمال، متوكلة على الله سبحانه، ومرتكزة على جملة من الثوابت المشتركة، ومؤمنة بقدرها وخيارها الإستراتيجي، فدول المجلس (شعبًا وقيادة) تقدميّة في فكرها، توّاقة للأفضل، ترتكز على إرث زاخر من الإنجازات، تحققت بسواعد أبنائها وبوّأتها مكانة متميزة إقليميًّا ودوليًّا، فأصبحت مثالاً وأنموذجًا للتنمية الشاملة في وسط محيط مضطرب، واضطلعت بدورها مع المجتمع الدولي بوعي ومسؤولية فأضحت صوتــًا للحكمة والسلم، والتوازن على الساحتين الإقليمية والدولية”.
مواجهة التحديات برؤية خادم الحرمين الشريفين
ودعا معالي الأمين الحجرف إلى الالتفاف أكثر من أي وقت مضى حول المجلس لتنفيذ متطلبات نظامه الأساسي، وما تضمنته رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – في عام 2015م، التي وضعت الأسس اللازمة لاستكمال منظومة التكامل بين دول المجلس، وقال:
“إن مجلس التعاون وهو على مشارف العقد الخامس من مسيرته المباركة ليواجه تحديات غير مسبوقة في نوعيتها وتشعبها، تتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى التفكير الجماعي والتعاون المشترك لمواجهتها والتعامل مع تداعياتها، تنفيذًا لما ورد في النظام الأساسي الصادر في عام 1981م، وما تضمنته رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله ورعاه – لعام 2015م، وما ورد في البيان الختامي لقمة الرياض في ديسمبر عام 2019م”.
الخلاف الخليجي
وأشاد الدكتور الحجرف بدور صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت – حفظه الله – وما يبذله في تقريب وجهات النظر واحتواء الخلاف الخليجي في ظل التحديات الحالية وتداعياتها:
“إن الخلاف الخليجي الذي يقترب من عامه الثالث ليشكل تحديًا لمسيرة التعاون الخليجي، كما يمثل همًّا مشتركـًا لجميع دول المجلس، وهو الخلاف الذي ينهض بحمل ملفه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت
– حفظه الله ورعاه – منذ اليوم الأول، وتحظى مساعي سموه بدعم خليجي ودولي، وإن إيماننا كبير بإذن الله بمعالجة هذا الخلاف في إطار البيت الخليجي الواحد وطي صفحته، وضمان آلية عادلة للتعامل مع أي خلاف قد يطرأ في المستقبل لا سمح الله، تأكيدًا على حيوية وديمومة مجلس التعاون الخليجي”.
مجلس التعاون والاستعداد لتحديات “كورونا”
استعرض الأمين العام الأثر الذي تفرضه جائحة كورونا عالميًّا، وأن الخليج ليس بمعزل عن تداعياتها على كل الأصعدة، وأن التحديات القادمة تتطلب الكثير من منظومة مجلس التعاون، حيث قال:
“التحدي الآخر الذي يواجه مسيرة مجلس التعاون، هو ما فرضته جائحة كورونا (كوفيد 19) المستجد من تحديات كبيرة طالت جميع مناحي الحياة، وأثرت علي البشرية جمعاء، الأمر الذي يتطلب منا جميعًا – كمنظومة مجلس التعاون – تعزيز العمل المشترك، والاستعداد الجماعي للتعامل مع عالم ما بعد كورونا بأبعاده الاقتصادية والصحية والاجتماعية والأمنية والعمالية والإستراتيجية، حماية لشعوبنا وصونــًا لمكتسباتنا وتعزيزًا لمسيرتنا المباركة وضمانــًا لمستقبلنا”.
الاتفاقية الاقتصادية الخليجية وعالم ما بعد “كورونا”
أكد الأمين العام على ضرورة استكمال تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الخليجية كأحد مشاريع التكامل الاقتصادي في ظلِّ ما يشهده الاقتصاد العالمي من آثار الجائحة الوبائية “كورونا” والتي قد تستمر لسنوات قادمة، وقال:
“إن عالم ما بعد كورونا وما يشهده من تغيرات كبيرة يتطلب منا استقراء المشهد العالمي الجديد، والاستعداد كمنظومة للتعامل مع معطياته وتحدياته، وذلك ضمانــًا وتعزيزًا لمكانة مجلس التعاون الإستراتيجية وحماية وصونــًا لمكتسبات دوله وشعبه، وتحصينـًا ودعمًا لاقتصاده وأمنه، والاستعداد للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والتي تمثل أكبر تحدٍ يواجه العالم، والمتوقع استمرارها لسنوات قادمة لن نكون بمعزل عنها، الأمر الذي يحتم استكمال تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية وتسريع مشاريع التكامل الاقتصادي”.
“المجلس” خيارنا الإستراتيجي وسنتجاوز التحديات بثبات
أكد معاليه أن رعاية قادة دول مجلس التعاون ووعي أبنائها تدعمان جهود المجلس، وتمهدان الطريق للمستقبل المشرق الذي ينتظره:
“بتوفيق من الله، ثم بحكمة ورعاية أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس حفظهم الله ورعاهم، ووعي أبناء الخليج، سنتجاوز تلك التحديات أكثر ثباتـًـا وأقوى عزيمة وأشد منعة، محافظين على مكتسبات المجلس، ومجددين لأفكاره، ومطورين لآليات عمله، لنضمن دوام فاعليته وريادته، استعدادًا لمتطلبات مستقبل مجلس التعاون، الذي سيبقي دائمًا الخيار الإستراتيجي لدوله، فهو كالشجرة المباركة أصلها ثابت وفرعها في السماء”.
شكراً لأبطال “كورونا” ومنسوبي الأمانة وأمنائها السابقون
ختم معالي الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور نايف الحجرف، كلمته بشكر أبطال الخليج الذين وقفوا درعـًا لحماية أوطانهم من سطوة الجائحة العالمية، وكذلك مسنوبي الأمانة وأمنائها السابقين الذي خدموا العمل الخليجي:
“في الختام لا يفوتني أن أسجل كلمة شكر وتقدير وإجلال لجميع العاملين في الصفوف الأمامية في مواجهة جائحة كورونا من جميع القطاعات والجهات الرسمية والأهلية والتطوعية، كما لا يفوتني شكر جميع منسوبي الأمانة العامة، ومكاتبها وبعثاتها على ما يقومون به من جهود كبيرة ومقدرة؛ لتعزيز مسيرة التعاون الخليجي المباركة والدفع بها إلى الأمام، مستذكرًا بالتقدير والإجلال مـَن سبقني بتولي الأمانة العامة من أصحاب المعالي الإخوة الأمناء العامون السابقون وإسهاماتهم الكبيرة عبر مسيرة المجلس المباركة”.