بحثت التوجهات والتحولات العالمية الكبرى
احتضنت مدينة دبي الإماراتية خلال الفترة من 11 – 13 فبراير 2025م، فعاليات الدورة (12) من القمة العالمية للحكومات تحت شعار “استشراف حكومات المستقبل”، بمشاركة واسعة تشمل رؤساء دول وحكومات ومنظمات دولية وإقليمية، بالإضافة إلى نخبة من الخبراء وقادة الفكر العالميين.
أجندة موسعة وفعاليات نوعية
ضمت دورة هذا العام أجندة موسعة بفعاليات نوعية شملت (21) منتدى عالميًّا، لبحث التوجهات والتحولات المستقبلية العالمية الكبرى في أكثر من (200) جلسة تفاعلية، تحدث فيها أكثر من (300) شخصية عالمية من الرؤساء والوزراء والخبراء والمفكرين وصناع القرار، إضافة إلى انعقاد أكثر من (30) طاولة مستديرة واجتماعًا وزاريًّا، بمشاركة أكثر من (400) وزير.
القمة استضافت أبرز قادة قطاع التكنولوجيا والرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا العالمية العملاقة، وقادة قطاع الصحة الذين يديرون الشركات الأكثر تأثيرًا في تطور هذا القطاع عالميًّا، وقادة قطاع الإعلام العالمي، وكذلك قادة قطاع الطيران والنقل وقطاع السياحة، حيث مثلت هذه القطاعات الحيوية جانبًا مهمًا وموسعًا من النقاشات على أجندة القمة، للتعرف على حجم الفرص فيها وتسريع نموها بحلول مبتكرة.
محاور القمّة
وشملت أجندة القمة (6) محاور رئيسية، تناولت الحوكمة الفعالة والمسؤولية، والاقتصاد العالمي وتمويل المستقبل، ومرونة المدن ومواجهة الأزمات والمناخ، ومستقبل البشرية وتطوير القدرات، وتحولات الصحة العالمية، والآفاق المستقبلية للتوجهات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المدفوعة بالاستدامة.
وقد ضمت الفعاليات الاجتماع العربي للقيادات الشابة، ومنتدى المالية العامة للدول العربية، ومنتدى القيادات العربية الشابة، ومنتدى مستقبل التنقل، ومنتدى الذكاء الاصطناعي، ومنتدى الخدمات الحكومية، ومنتدى مستقبل التعليم، ومنتدى تبادل الخبرات الحكومية، ومنتدى مستقبل العمل.
علاوة على ذلك، شهدت القمة منتدى الاقتصادات الناشئة، ومنتدى أهداف التنمية الشاملة، ومنتدى الإدارة الحكومية العربية، ومنتدى تصفير البيروقراطية الحكومية، ومنتدى التعاون من أجل التنمية، ومنتدى مستقبل الاقتصاد، ومنتدى التكنولوجيا الجغرافية والسياسات، فضلًا عن منتدى الصحة العالمي، ومنتدى التغير المناخي، ومنتدى التوازن بين الجنسين، ومنتدى مستقبل الاتصال الحكومي، والمنتدى العالمي للتشريعات، كما ركزت على استشراف المستقبل في العمل الحكومي والقطاعات الحيوية وشهدت عدة جلسات نقاشية، منها جلسة “الحكومات في عصر الذكاء الاصطناعي”.
وفي إطار دورها المحوري الأكثر تأثيرًا عالميًّا، أطلقت القمة (30) تقريرًا إستراتيجيًّا في مختلف القطاعات، ضمت أهم المؤشرات والنماذج والحلول المبتكرة لتسريع أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز الجاهزية والمرونة والكفاءة الحكومية في التعامل مع المتغيرات، وترسيخ مزيد من التعاون على مستوى دول وحكومات العالم، حيث تم إطلاق هذه التقارير بالتعاون مع شركاء المعرفة من مراكز الفكر والمؤسسات الأكاديمية والبحثية.
الاقتصاد العالمي والتوجهات المستقبلية
تناولت القمة عدة قضايا تتعلق بالاقتصاد العالمي والتوجهات المستقبلية، مثل “الثورة الاقتصادية القادمة برؤية إفريقية”، والتي شارك فيها كل من رئيس وزراء سيراليون ورئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، كما ناقشت القضايا الجيوسياسة المستقبلية والتحالفات الاقتصادية وتأثيرها على النفوذ العالمي.
وقد استضافت القمة جلسات حول “الكفاءة الحكومية”، ومنها: جلسة بعنوان: “كيف يمكن للحكومات تصفير البيروقراطية؟”، وجلسة بعنوان: “من البيانات إلى القرارات.. الكفاءة الحكومية في وقت الأزمات”، وفي سياق تعزيز التعاون الحكومي، شهدت القمة “منتدى تبادل الخبرات الحكومية”، بمشاركة عدد من القادة من دول مختلفة.
المنتدى العالمي للتشريعات الحكومية
شهدت أعمال القمة إطلاق النسخة الأولى من “المنتدى العالمي للتشريعات الحكومية”، وذلك بحضور عدد من معالي الوزراء والمسؤولين الحكوميين والأكاديميين والمختصين في قطاع التشريعات، بهدف توفير منصة متكاملة لمناقشة أفضل النماذج والأطر المتعلقة بسَنِّ التشريعات وتقييم أثرها ونتائجها على مختلف قطاعات العمل.
وامتدت فعاليات المنتدى على مدى يوم كامل، حيث شملت أربع جلسات حوارية رئيسية، وكانت الجلسة الأولى للمنتدى بعنوان: “هل يمكن بناء أنظمة قانونية مرنة ومستدامة؟”، أما الجلسة الثانية للمنتدى فكانت بعنوان: “المختبر التشريعي: ركيزة لابتكار وتصميم مستقبل التشريعات”، والتي تناولت أهمية الصناديق التجريبية في تمكين الحكومات وتسريع برامج التحديث والتطوير التشريعي لمواكبة المتغيرات وخاصة في مجال التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المالية، ودور مختبرات التشريعات كأدوات ديناميكية لتعزيز الابتكار مع إدارة المخاطر في القطاعات متسارعة التطور مثل التكنولوجيا المالية والتكنولوجيا الصحية، والذكاء الاصطناعي، والاستدامة.
وكان عنوان الجلسة الثالثة من المنتدى “الذكاء الاصطناعي: بين التروي والاندفاع” تناولت تحليل تشريعات الذكاء الاصطناعي وآثارها، والمبادئ والقيم الرئيسية المرتبطة باستخداماته في القطاعات الحيوية، والإخفاقات الأخلاقية وأهمية التشريعات في منعها.
أما آخر جلسات المنتدى، والتي كان محورها “تقييم الأثر التشريعي: المنهجية الأساسية لتعزيز الكفاءة التشريعية”، فسلطت الضوء على نماذج وأطر قياس أثر التشريعات على مختلف القطاعات المستهدفة.
جوائز “تايم” لرواد الذكاء الاصطناعي
نظمت القمة بالشراكة مع مجلة “تايم” العالمية، حفل جوائز تايم (100) لرواد الذكاء الاصطناعي لعام 2025م، لتسليط الضوء على الأفراد المتميزين الذين أسهموا بشكل كبير في تطوير استخدامات الذكاء الاصطناعي وإحداث تحولات نوعية في القطاعات الحيوية المرتبطة به وتشكيل مشهده الواعد عالميًّا.
شهد الحفل تكريم (4) قادة متميزين تقديرًا لإسهاماتهم المميزة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهم: أرفيند كريشنا، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أي بي ام، وجرايمز، المنتج والموسيقي العالمي والرئيس التنفيذي لشركة ميديا إمباير، ورفيق أناضول، الفنان الإبداعي العالمي ومؤسس شركة داتالاند، وأنيما أناندكومار، الأستاذة في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.
وفي هذا السياق قالت جيسيكا سيبيلي الرئيسة التنفيذية لمؤسسة تايم: “إنه مع استمرار الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل العالم، تفتخر تايم بتسليط الضوء على روّاد هذا التقدم التكنولوجي وإبراز إنجازاتهم وابتكاراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي”.
منتدى مستقبل الاتصال الحكومي
ناقش منتدى مستقبل الاتصال الحكومي، أهم التحديات التي تواجه الدول على المستويين الإقليمي والعالمي في مجال الاتصال الحكومي في ظل ما يشهده العالم من تحولات سريعة سياسيًّا واقتصاديًّا وإعلاميًّا وتكنولوجيًّا، وما يصاحب ذلك من تغيرات كبرى في ثقة الجمهور وتطلعاته من الحكومات.
واستضاف المنتدى الذي امتد على مدار يومين، وشهد (6) جلسات رئيسية مختلفة، نخبة من خبراء الإعلام والاتصال استعرضوا خلالها أفضل الممارسات العالمية في دبلوماسية الاتصال الحكومي، وسلطوا الضوء على أحدث أدوات وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك تأثير المعلومات المضللة وابتكار إستراتيجيات فعّالة للحد من تداعياتها، كما تناولوا التحديات الاتصالية المتزايدة في عصر الذكاء الاصطناعي، مؤكدين بشكل خاص أهمية تطوير حلول مبتكرة لتعزيز فعالية الاتصال الحكومي في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة.
أفضل وزير في العالم للعام 2025م
قدمت الدورة الحالية من القمة عدة جوائز عالمية، تقديرًا لوزراء الحكومات وممثلي القطاع الخاص والمبتكرين والمبدعين لإسهاماتهم النوعية في بناء مستقبل أفضل للبشرية، شملت: جائزة أفضل وزير في العالم، وجائزة ابتكارات الحكومات الخلاقة، والجائزة العالمية لأفضل التطبيقات الحكومية، وجائزة التميز الحكومي العالمي وجائزة أفضل معلم في العالم.
وتمنح جائزة أفضل وزير في العالم للوزراء الذين يقودون مبادرات ناجحة وقابلة للتطبيق على نطاق أوسع، ويُلهمون قادة الحكومات ومقدمي الخدمات الآخرين لتعزيز الابتكار بما يخدم مواطنيهم بشكل أفضل، وقد فاز بها أنكسيوس ماسوكا وزير الزراعة وشؤون الأراضي في زيمبابوي.
أخيرًا يمكن القول بأن القمة العالمية للحكومات في دورتها هذا العام، حققت نقلة نوعية مهمة في المشاركة العالمية في فعالياتها، ولم تقف عند حجم المشاركة القياسي الذي يعتبر الأكبر في تاريخ القمة بقفزة تتجاوز (50%) عن دورة العام الماضي، وإنما امتد إلى التنوع الأكبر الذي شهدته القمة للمرة الأولى منذ انطلاقها، والذي شمل تمثيلًا لجميع قارات العالم ودوله، إضافة إلى التنوع في أجندة الفعاليات التي شملت مختلف القطاعات والمجالات المؤثرة في تشكيل المستقبل وتنمية المجتمعات العالمية.