معرض (CES) هو المعرض السنوي للإلكترونيات الاستهلاكية العالمي، الذي تملكه وتديره جمعية تكنولوجيا المستهلك (CTA)، وهو تجمع عالمي للمبتكرين وصانعي التكنولوجيات المتقدمة منذ (50) عامـًا، وفيه يتم تقديم ابتكارات الجيل الجديد من المنتجات إلى السوق.
يعدّ المعرض الذي يقام في “لاس فيجاس” بالولايات المتحدة الأمريكية أكبر المعارض التقنيّة في العالم وأقدمها، حيث يتضمّن حضور عدد كبير من الشركات التقنيّة التي تقوم بتقديم منتجاتها الجديدة والمُحتمل إطلاقها ضمن نفس العام أو حتى بعض النماذج الأولية لمنتجات قد لا يتمّ إطلاقها أيضًا، كانت بدايات هذا المعرض منذ ستينيات القرن الماضي ضمن أماكن مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن يستقر في مدينة لاس فيجاس كمكان رئيس له مع بداية كل عام كما هو الحال مع معرض (CES 2020) لهذا العام، هو مهرجان تقني تتسابق فيه الشركات التكنولوجية لطرح أحدث منتجاتها وتصوراتها لما يمكن أن يكون عليه مستقبل التقنية في السنوات القليلة المقبلة.
شهد معرض (CES 2020) الذي أقيم خلال الفترة من 7 ‒ 10 يناير 2020م، مشاركة أكثر من (4) آلاف شركة عرضت أبرز التقنيات والتكنولوجيات الحديثة والمطورة، التي ستعيد تعريف الصناعات مستقبلاً، بالإضافة إلى عرض كثير من الأجهزة والتقنيات الجديدة المثيرة للاهتمام والتي شملت السيارات والهواتف الذكية والحواسيب والشاشات، إلى جانب بعض الأجهزة القابلة للطي، كما شهد المعرض حضور شركة (آبل) بعد غياب ثلاثة عقود تقريبًا، في وقت سيطرت فيه التصورات والنماذج الأولية التي ستحتاج إلى كثير من الجهد لتطبيقها على أرض الواقع، وهناك تلك التصورات التي لن تـُنفذ بالأساس ، لكنها مجرد مدخل لكي يتبناها الغير ويعمل على تطويرها وجعلها قابلة للتنفيذ.
كان هناك كثير من المفاجآت في المعرض هذا العام، حيث فاجأت شركة (سوني) الجميع بعرض مفهوم سيارة كهربائية لاستعراض واختبار منصتها الجديدة للسيارات المتصلة (Sony Vision-S)، وأعلنت (One Plus) عن هاتفها الذي يُخفي الكاميرات الخلفية تلقائيًا، كما كشفت (سامسونغ) عن مساعد روبوتي صغير على شكل كرة تنس يحمل اسم (Ballie) وغير ذلك كثير.
تطورات كبيرة في الحواسيب المحمولة
وشهد المعرض هذا العام –أيضـًا-تطورات كبيرة في أجهزة الحواسيب المحمولة، حيث ظهرت حواسيب ويندوز القابلة للطي وثنائية الشاشة، وحواسيب تدعم اتصال شبكات الجيل الخامس (5G)، بالإضافة إلى تصاميم جديدة بميزات رائعة، فضلاً عن عروض لشاشات تلفزيون أكبر وأفضل بتقنية (8K)، وشاشات “أوليد” المحسَّنة، بالإضافة إلى شاشات (Micro LED)، وهي شاشات تتمتع بنفس السطوع والألوان كما هو الحال مع شاشات (OLED)، لكن بحجم أطول.
وسط هذه الشاشات عرضت شاشة (Samsung Odyssey G9) وهي بحجم (49) بوصة، وهذا حجم كبير جدًّا لاستخدام شخص واحد، لكن مع انحناء بزاوية (1000 R) ستجد أنها الشاشة الأكثر انحناءً وتتوافق مع عين الإنسان، ومع دقة تبلغ (5120 × 1440)، ومعدل تحديث (240) هرتز، ووقت استجابة يبلغ (1) مللي ثانية، وتوافقها مع تقنيتي ( Free Sync 2و(G-Sync، فسوف تكون هي الشاشة الأمثل التي يحلم بامتلاكها أي لاعب.
لم تكتف الشاشة بالإبهار من الأمام فقط، بل إن الجزء الخلفي كأنه مستوحى من أحد أفلام الخيال العلمي، مع وجود فاصل واضح في الوسط يكشف عن مصباح مستدير من نوع (LED) يتوهج بألوان متغيرة، ولكل هذا فلقد حصلت شاشة (Odyssey G9) على جائزة الإبداع من معرض (CES 2020).
الجديد في الأجهزة القابلة للطي
بالنسبة للأجهزة القابلة للطي والهواتف الجوَّالة المطوية أو الانزلاقية، فقد ظهر العديد منها في هذا المعرض مع كشف النقاب عن العديد من الهواتف الذكية الحديثة القابلة للطي من الشركات العالمية، مثل: (سامسونغ، وهواوي، وإل جي) وغيرهم، وقد تسابقت الشركات التقنية على طرح منتجاتها للسوق التجاري حتى ولو لم تكن جاهزة كفاية ولم تأخذ وقتها بالاختبار، لكنه اتجاه فرض نفسه وفرض السباق على الجميع.
وتشترك الموديلات الجديدة في ميزة واحدة، تتمثل في أنها هواتف ذكية يمكن طيها، لكن بدلاً من وجود جزأين للهاتف، أحدهما يتضمن شاشة والآخر يضم لوحة مفاتيح، تمتاز الموديلات الجديدة بشاشة لمسية يتمُّ طيها من المنتصف.
وأوضح فرانسيسكو جيرونيمو، المحلل بشركة أبحاث السوق (IDC)، أنه من المتوقع أن تنتشر الهواتف القابلة للطي قريبـًا في الأسواق، إلا أنها ليست مثالية الآن، مضيفـًا: أن كثيرًا من المستخدمين يشترون حاليًا الهواتف الذكية ذات الشاشات الأكبر لعرض مزيد من المحتويات.
وحتى لا يتم تكبير شاشة الأجهزة بشكل لا متناهي، اعتمدت الشركات العالمية على بعض التفاصيل التقنية منذ سنوات، من خلال تصميم حواف نحيفة للغاية للشاشات، وتركيب السماعات والكاميرات خلف زجاج الشاشة في وحدات قابلة للإخراج أو في تجويف الشاشة، إلا أن هذا المفهوم قد وصل بالفعل إلى حدوده القصوى حاليًا، وأصبح الحل يتمثل في اللجوء إلى الهواتف الذكية القابلة للطي، حيث يمكن للمستخدم الحصول على شاشة أكبر من نصف حجم الهاتف.
محتوى مرئي مخصص للهواتف
إذا كنت قد مللت من مشاهدة المحتوى المرئي عند الطلب المخصص لأجهزة التلفاز على هاتفك لأنك تضطر إلى الإمساك بالهاتف في وضع عرضي، مثل (نتفليكس، وآبل تي في بلس) وغيرهم، فلقد جاءك الحل مع المنصة الجديد(Quibi) والمخصصة للهواتف فقط.
ولو كانت المنصة قائمة على تقديم محتوى طولي فقط، فبالتأكيد ستصاب بالفشل الذريع، لكنها أخذت الأمر إلى أبعد من ذلك فهي ستقدم لك تجربة ممتعة تجعلك تتفاعل مع المحتوى، فإذا شاهدت أحد المشاهد وهاتفك في وضع طولي فسترى المشهد من زاوية، وإذا شاهدته في وضع عرضي ستراه من زاوية أخرى أو سترى مشهدًا آخر يحدث في ذات الوقت.
فضلاً عن ذلك ستراعي المنصة طبيعة الجهاز الذي ستشاهد عليه المحتوى، فطبيعة الهاتف هي السرعة والاختصار، فلا أحد يحبذ الإمساك بالهاتف في نفس الوضع بالساعات، لذلك فالمحتوى الحصري المقدم على منصة (Quibi) سيكون ذا طبيعة سريعة، (10) دقائق على الأكثر هو طول أي حلقة من حلقات أي مسلسل سيعرض عليه، وكذلك نشرات الأخبار ومختلف المحتوى الترفيهي الآخر سيحمل نفس السّمة.
ومن الجدير بالذكر أن هناك أسماءً مهمة تعاقدت على تقديم أعمال لهذه المنصة، مثل المخرج ستيفن سبيلبرج، ومن المنتظر أن يتم إطلاقها في شهر أبريل المقبل، مع وعد بتوفير (3) ساعات من المحتوى الجديد يوميًا، وذلك بسعر (4.99) دولار أمريكي شهريًا للخطة المتضمنة الإعلانات، أو (7.99) دولار أمريكي للخطة الخالية من الإعلانات.
الإنسان الاصطناعي والذراع الاصطناعية
أزاحت سامسونغ الستار عن الإنسان الاصطناعي ((Artificial Human، وهذا بالضبط هو المصطلح الذي أطلقته سامسونغ على مشروعها الجديد (Samsung Neon) وهذا ليس روبوت، بل هو برمجية تقوم بتشكيل هيئة إنسان يبدو أنه حقيقي لأنه غير موجود بشكل فعلي.
لهذا الإنسان الاصطناعي القدرة على التحدث والتحاور معك والقيام بمختلف الانفعالات والحركات التي يقوم بها أي إنسان عادي، فهو مبرمج على ملايين الحركات للوجه والجسد في مختلف الأوضاع والحالات، مما يجعله قادرًا على تقليد الانفعالات الإنسانية بشكل أكثر دقة والتعبير عنها بملامح وجهه الاصطناعي.
ولا تريد الشركة أن يكون هذا الإنسان عبارة عن مساعد شخصي مثل المساعدات الشخصية الحالية، تسأله عن بعض المعلومات فيأتي لك بها من ويكيبيديا أو يخبرك بحالة الطقس ومواعيد المباريات، ولكنها تريد إعطاءك صديقًا أو رفيقًا تتجاذب معه أطراف الحديث ويكون جليسك المحبب.
ويمكن لهذا الإنسان الاصطناعي كذلك أن يكون موظفًا للاستقبال، والسكرتارية، وكذلك الطبيب، وهذا حسب قول تصريح ممثل الشركة في أحد اللقاءات، وعندما سألته المحاورة عن مدى خطر هذه التقنية للاستغناء عن البشر في تلك الوظائف، أجاب بأن هذا ليس القصد، لكنه يمكن أن يحلَّ محل الموظف أو الطبيب وقتما لا يكون متاحـًا أو متوافرًا.
مع ذلك يبدو أنه لا تزال هناك حاجة للكثير من التطوير حتى تتمكن الشركة من تقديم إنسان اصطناعي مُقنع حقـًّا، فالحركات لا تزال بها بعض الافتعال، والصوت سيئ وغير طبيعي، لكنها على كل حال مجرد بداية مبشرة بتقنية مهمة.
في هذا السياق شهد المعرض تقديم ذراع اصطناعية تتحرك بإشارات دماغية كطرف تعويضي جديد يعمل بالذكاء الاصطناعي، وقد ذُكر هذا الابتكار في قائمة مجلة (Time) لأفضل (100) اختراع في سنة 2019م، والآن عرضته الشركة المصنعة في معرض (CES 2020) وأصبح جاهزًا للطرح في الأسواق خلال العام الجاري بعد الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، ليمثل أملاً جديدًا ليعيش مبتورو الأطراف حياة طبيعية.
صممت الشركة المصنعة للذراع (Brain Co USA ) برنامجـًا يقوم المستخدم من خلاله بتدريب اليد الاصطناعية باستخدام تلك الإشارات الكهربائية لأداء عدد غير محدود من الحركات، فيتمكن من تحريك أصابعه فرادى لدرجة إمكانية العزف على البيانو، هذا يعني أن مبتوري الأطراف لم يعودوا مضطرين إلى الاعتماد على عدد محدود من الحركات المبرمجة مسبقـًا، ويمكنهم تخصيص الطرف الاصطناعي لملاءمة جسمهم.