الأطفال ثمرة، وكلما بذل الآباء مجهودًا في الرعاية والاعتناء بهم بطريقة سليمة وعلمية كانوا أفضل وأكثر ذكاء، وينبغي أن يدرك الآباء والمربين أن الأطفال أصبحوا أصعب في زماننا لأن ذكاءهم سابق لِسنـّهم ومصادر المعلومات المتوافرة لديهم كثيرة وغزيرة وخطيرة.
ويولد الطفل صفحة بيضاء نقية طاهرة بلا دوافع للشر أو العدوان، لكن هناك مجموعة من المؤثرات تُسهم في تكوين شخصية عدوانية عنيفة، فالطفل يقلد من دون أن يشعر حيث يخزن كل ما يراه، وهو يعشق المحاكاة بسذاجة وبلا وعي سواء كان ما يحاكيه خطأً أم صوابـًا، لذا يحلم بأن يكون مثل الشخصيات الكرتونية ذات القوة الخارقة التي يراها تضرب وتقتل وتطير وتفعل كل ما هو مستحيل.
وتشير الإحصاءات إلى أن الطفل في مجتمعاتنا العربية من أكثر أطفال العالم قضاء لوقته وحيدًا أمام التلفزيون، يشاهد الأفلام والمسلسلات الكرتونية، وأغلب هذا الكرتون مستورد وبعيد عن واقعنا ومغرق في الخيال السلبي الذي لا علاقة له بقيمنا وأخلاقنا الإسلامية، محملاً بالمشاهد العنيفة التي تنشئ طفلاً عصبيـًّا وعنيفًا يفتقد التركيز، مما يجعله غير قادر على استيعاب شرح المعلمين في المدرسة، ما يؤثر في تحصيله الدراسي.
ويرى مختصون أن الطفل يقلد ما يراه أمامه صورةً وصوتـًا وفكرةً، وهذا يُعدُّ إيجابيـًّا إذا كان ما يقدم له حسنًا، لكن المشكلة في تلك الأفلام والمسلسلات الكرتونية إنها تعتمد على الصورة المتحركة ذات الألوان والمؤثرات الصوتية والموسيقية الجذابة التي تجذب وتؤثر في الإنسان العادي عمومًا، فما بالنا بهذا الطفل الضعيف، حيث تتسرب هذه المشاهد إلى وجدانه ومشاعره وتعيش في فكره ثم تتحول إلى سلوك عنيف في أي موقف يتعرض له الطفل.
كما نجد أن بعض المسلسلات والأفلام الكرتونية في إعلامنا المرئي تشتمل على أفكار خطيرة سلبية لا تلائم البيئة الإسلامية والعربية، حيث يُعرض للأطفال قصصًا اجتماعية فيها غرام وإثارة للغرائز في سنّ مبكرة، وبعضها ينمي لدى الأطفال الغلظة في المشاعر والبلادة في الأحاسيس، وهذا من شأنه أن ينعكس على علاقة الطفل وتصرفاته داخل الأسرة.
كذلك يرى الخبراء أن مسلسلات وأفلام الكرتون الموجهه للأطفال من الممكن أن تكون خطرًا حقيقيـًّا وتتحول إلى سموم قاتلة عندما تكون قادمة من مجتمعات غير إسلامية وعربية، فكل مجتمع له ثقافته وعاداته وتقاليده التي تميـّزه عن غيره من المجتمعات الأخرى، ثم يكون المتلقي هنا أطفال بيئة ومجتمع آخر وأبناء ثقافة وحضارة مغايرة تمامًا، وهنا تبرز أهمية الإعلام المرئي في التوعية الملتزمة بالأخلاق الحميدة والقيم والـمـُثل العليا والأعمال الصالحة الفضلى في المجتمع وفق منهجية وطريقة الإسلام والأصالة البشرية.
إن مرحلة الطفولة هي المرحلة التي نغرس فيها القيم والمبادئ، وكذلك التعاليم البسيطة للإسلام في قلوب أطفالنا، ومع الأسف نحن نهدر هذه المرحلة المهمة من خلال مشاهدة مسلسلات وأفلام الكرتون عبر القنوات الفضائية المختلفة والتي لها دور كبير في التأثير في شخصية أطفالنا، فهي تمنعه من ممارسة الأنشطة الحركية والثقافية الأخرى، وكذلك تحرمه من التفاعل والتواصل الاجتماعي، ولهذا فعلى القائمين على إعلام الطفل أن يبتعدوا عن استيراد مثل هذه الأفلام والمسلسلات الكرتونية ويتوجهوا لعرض ما يفيد أطفالنا.