ما عزمتوني !! 




‏في هذه الأيام الصيفية تكثر المناسبات وتزداد الدعوات وتتوالى الفعاليات، رغم الزحام وترامي المسافات.. ولكن!! 

‏يتذمّر الكثيرون من هذه الدعوات والمناسبات، ويبحثون عن الأعذار لعدم الحضور، وهناك من يقول في محيطه وسريرته (يسوي فيني خير إذا ما دعاني)، بينما هناك من يملأ الفضاء ضجيجا لتجاهل دعوته..! 

‏لا شك أنها حيرة، تذكّرنا بمن إذا شعر بحرارة الصيف دعا الله أن يعجل بموسم الشتاء، فإذا جاء الشتاء واشتد البرد قال: “يا زين الصيف وموسم (الحبحب)..! 

هذا على المستوى الشخصي، أما على المستوى العملي، وخاصة الإعلامي وحضور الفعاليات، ومنها المنتديات والمهرجانات والندوات والدورات والأمسيات، فهي أشد تناقضًا وأكثر عتبًا وتعقيدًا، قد يصل إلى حد قطع الصلات والاتصالات والغاء روابط التاريخ والجغرافيا والرياضيات..!! 

كثيرًا ما رأينا في وسائل التواصل الاجتماعي من يعرض خطابات ودعوات (رسمية وخاصة)، في نرجسية حادة تقودها (الانا)، رغم أن حضوره لا يضيف شيئًا سوى صورة للذكرى، وعدة أسطر لتمجيد الأشخاص في منصة “إكس” أو الفيسبوك أو التيكتوك، ولكنها أيضًا تشعل ناراً أُخرى تنتشر بين الإعلاميين، الذين يزدادون مع الأيام بشكل لم نعد نفرق فيه بين الاسماء لتشابهها وتكرارها..! 

هذه الشرارة تحرك الشاطىء الآخر من النهر، فيكتسح الأسماك النهرية، ويحوّل الصخور إلى طمى، بادئاً بالعتاب واللوم ومنتهيًا بالمقاطعة والتشويه والإقصاء. 

الموضوع ببساطة، مناسبة يحددها المكان والإمكانية والزمان والتخصص والعلاقات، والأهم أنها ليست رسالة أو تجاهل أو (تطنيش حتى تعيش)..! 

في الواقع، العلاقات الإنسانية تعقدت أكثر من العلاقات الدولية، والمعارف في ازدياد، مناسبة حدها الحضوري الأقصى (500) مدعو لايمكن أن تستوعب الف شخص. 

على المستوى الشخصي، وأنا أتصفح قائمة الأسماء في جوالي، وجدتها أكثر من (2600) شخص، فهل سأدعوهم جميعًا لأي مناسبة..!  

مستحيل بل غير ممكن حتى ولو جاء الخل الوفي ممسكا بيد الغول والعنقاء. 

من يباهي وينشر الدعوة في الوسائل العامة يبحث عن الأهمية الشخصية والاجتماعية قبل الاهتمام بالمناسبة أو الداعي. 

ومن (يتشرّه) على عدم دعوته يبحث عن سبب تجاهله ليقول رغم ذلك (أنا موجود). 

في الأخير لن تجد الإنصاف ولو قسمت نفسك لأرباع وأسداس.. 

الثقة بين الناس لا تتجزأ ولن يعززها أو يضيف لها دعوة أو ينقصها تجاهل.! 

المؤكد أنك إذا دعيتني فسوف أمدحك وأمجدك كحاتم الكرم ونجم السماء وفارس الأرض وفنار البحر؛ مصداقًا لمقولة أرددها دائمًا ومقتنع بها.. الإشادة على قدر الاستفادة