اختتمت أعمال الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف، في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغيّر المناخ (COP28)، بعد أسبوعين من الاجتماعات المكثفة، خلال الفترة 30 نوفمبر – 13 ديسمبر 2023، والتي أقيمت في دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، بحضور ممثلين لنحو مئتي دولة، والتي خلصت إلى إعلان اتفاق وصف بالتاريخي، لتضمنه الدعوة إلى التحول التدريجي عن استخدام الوقود الأحفوري، من خلال خفض الاستهلاك العالمي له.
وأعلن رئيس (COP 28) سلطان الجابر، بأن اتفاق الإمارات قد أُقِرَّ دون أي اعتراض من أي من (197) دولة، والذي أكّد في حديث له «أن النجاح الحقيقي للاتفاق يكمن في تنفيذه»، مضيفًا بأنه «يجب أن نتخذ الخطوات اللازمة لتحويل هذا الاتفاق إلى عمل ملموس».
كما تم الاتفاق على ضرورة الوصول إلى تخفيضات عميقة وسريعة ومستدامة، لانبعاثات الغازات الدفيئة، بما يتماشى مع مستهدف (1.5) درجة مئوية، ودعت رئاسة المؤتمر المشاركين إلى المساهمة في الجهود نحو الوصول للمستهدف الأبرز، في تداعيات التغير المناخي.
سمو رئيس الإمارات: مرحلة نوعية للعمل المناخي الدولي
ووجَّه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رسالة بختام المؤتمر معربًا فيها عن شكره عبر منصة (X) «لكل الوفود المشاركة على تعاونها، والعمل الجماعي للتوصل لاتفاق الإمارات» وأن ذلك «من منطلق الوعي بالمسؤولية تجاه الأجيال المقبلة»، وقال سموه: «إن اتفاق الإمارات التاريخي يدشن مرحلة نوعية جديدة في مسار العمل المناخي الدولي».
وكان سمو رئيس الإمارات، قد أعلن من ثاني أيام المؤتمر، عن إنشاء صندوق بقيمة (30) مليار دولار؛ لإيجاد حلول للمناخ عالميَا؛ لسد فجوة التمويل المناخي، وجمع استثمارات بقيمة (250) مليار دولار بحلول عام 2030، ويعد ذلك تعزيزًا لما بدئت به أعمال المؤتمر فعليًا، بإعلان تشغيل صندوق «الخسائر والأضرار»، للدول الأكثر عرضةً لتداعيات تغيّر المناخ.
التعهدات المالية في (COP 28)
توالت التعهدات المالية منذ انطلاق المؤتمر، حتى بلغت أكثر من (83) مليار دولار، كتمويلات مالية للعمل المناخي، التي كان من أبرزها تمويل بقيمة (3.5) مليارات دولار؛ لتجديد أرصدة صندوق المناخ الأخضر، وإعلان البنك الدولي زيادة قدرها (9) مليارات دولار سنوياً، خلال عامي 2024 و2025، في تمويل المشروعات المتعلقة بالمناخ، وكذلك إعلان بنوك التنمية المتعددة الأطراف الأخرى، عن زيادة تراكمية تزيد على (22.6) مليار دولار، لصالح العمل المناخي، وغير ذلك من تمويلات أخرى.
إعلانات وتعهدات مناخية
شهد المؤتمر إطلاق نحو (11) إعلاناً وتعهداً، طالت مختلف أوجه قضية تغير المناخ، ومن أبرزها تعهُّد (COP28)، بمضاعفة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، وهو ما دعمته أكثر من (130) دولة، وإعلان المؤتمر بشأن النظم الغذائية والزراعة المستدامة، الذي دعمته أكثر من (150) دولة، وكذلك الإعلان بشأن الصحة والمناخ، الذي دعمته أكثر من (135) دولة، وغيرها من إعلانات استهدفت في مجملها العمل على خفض الانبعاثات، بما يعزز تحقيق الهدف الأهم، وهو منع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض أكثر من (1.5) درجة مئوية فوق مستويات عصر ما قبل الصناعة.
وزير الطاقة السعودي: متفق مع رئاسة (COP28)
رحب وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، باتفاق مؤتمر الأطراف، مضيفًا أن الاتفاق لن يؤثر على صادرات المملكة من الموارد الهيدروكربونية، مشيرًا إلى أنه تم توفير (6) بدائل كخيارات للوقود الأحفوري، حيث تكون للدولة حرية الانتقاء منها، موضحًا أن الاتفاق لم ينص على التخلص الفوري أو المتدرج من الوقود الأحفوري، بل «عملية تحول».
وقال سمو وزير الطاقة السعودي: «لقد دفنت المنهجية الفرعونية (لا أريكم إلا ما أرى)، وليس لأي دولة الحق في فرض منهجية لا تناسب دولة أخرى»، موضحًا أن تحول الطاقة يمكن بلاده من الموازنة بين خفض الانبعاثات ونشاطها النفطي. وأضاف: «أننا لسنا غريبين عن منهجية تحول الطاقة ونحن رائدون فيها».
الأمين البديوي: تنظيم الإمارات (COP28) انعكاس لمكانتها العالمية
وذكر معالي الأستاذ جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال مشاركته في المؤتمر، أن تنظيم مؤتمر القمة العالمية للعمل المناخي في الإمارات هو انعكاس لمكانتها العالمية ودورها الريادي تجاه إيجاد الحلول للتحديات المناخية وعرض العديد من المبادرات التي تعمل من أجل الحفاظ المناخ مما يؤكد عزم دول مجلس التعاون على مواصلة جهودها مع دول العالم لمواجهة تداعيات تغيير المناخ، ووضع الاستراتيجيات اللازمة للدفع بالعمل المناخي، وتبادل الأفكار والخبرات ووجهات النظر حول هذه القضايا المناخية.
مخرجات القمة
ركزت القمة العالمية للعمل المناخي (COP28)، على عدة ملفات رئيسية، ومنها:
التعاون الدولي للحد من تداعيات تغير المناخ ومواجهة التحديات الناجمة عنه.
الحياد المناخي بحلول 2050: عكست المبادرات الاستراتيجية للإمارات، مثل السعي لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، التزامها بدعم العمل المناخي على الصعيد العالمي.
نهج شامل: تضمن المؤتمر نهجًا شاملًا يراعي احتياجات وظروف الدول المختلفة، مع تركيز خاص على إطلاق حلول عملية ومجدية تجارياً لمشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة
تحويل التحديات إلى فرص: ناقش المؤتمر كيفية تحويل التحديات المناخية إلى فرص للنمو الاقتصادي، مع التركيز على استكشاف حلول ابتكارية قابلة للتطبيق اقتصادياً؛ للحد من الاحتباس الحراري.
مشاركة الشباب: أعطي هذا الجانب أهمية خاصة لتمكين الشباب وإشراكهم في رسم المستقبل، مع التأكيد على دورهم.