إعلام الطفل، هو من أنواع الإعلام المعاصر المهمة، فعالم الطفل قابل للتشكيل بحسب الرغبات والأهداف المقصودة، وهو رهان كبير على المستقبل والحاضر إذ بامتلاكه والسيطرة على وعيه والتحكم في ميولاته يمكن امتلاك المستقبل والسيطرة عليه، فالطفل هو الغد القادم، وما يرسم هذا الغد هو نوعية التربية والتلقين لهذا الطفل في الحاضر، وما تتسم به البرامج الموجهة للطفل هو محاولة قضاء وقت الفراغ لدى الأطفال من دون تخطيط ودراسة كافية لكيفية الربط بين قضاء وقت الفراغ وتحقيق الاستفادة المرجوة، فتشبع الكثير من رغباته أي أنها وسيلة لتزويد الطفل بالمعلومات والأفكار والقيم ليس ذلك فحسب، بل تـُسهم في تشكيل لون من ألوان السلوك فتحدث تجاوب مع الوعي الحسي والحركي لديه، وتحدث استجابات معينة في إداركه، تُسهم فيما بعد في تشكيل وعيه وتصوره للأشياء من حوله؛ لأنه يختزنها وتصبح رصيده الثقافي والوجداني والشعوري.
ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة سحرها يفوق أي أداة إعلامية أخرى، وبخاصة في فنون العرض واستخدام المؤثرات السينمائية لأنها تجمع بين حاستي السمع والبصر والتي تُسهم في تدعيم الفكرة وتثبيتها في ذهن الطفل، فكلما زاد عدد الحواس التي تستخدم في تلقي فكرة معينة أدى ذلك إلى دعمها وتثبيتها في ذهن الطفل حسب الإتقان التقني والإبهار البصري الذي يتحول مع الوقت إلى إبهار معرفي وثقافي يجعل الطفل يتفاعل مع جل ما يصاحب المادة التلفزيونية من توجيهات وسلوكات التي لا يملك فيها رقابة ذاتية من وعيه وإدراكه وشعوره؛ لأنه في طور تكوين فكره عن الحياة وعمره لا يسمح له إلا حدود يسيرة التمييز بين الغثِّ والسمين والجميل والقبيح، فتراه أمام التلفزيون يتابع الأحداث بكل اهتمام وانتباه، ويكاد نفسه ينقطع إذا ما تأزم الموقف، ثم تنطلق صيحاته وتتحرك يداه بعفوية عند أي موقف مثير ناسيـًّا ما حوله ومـَن حوله، فتنمي الحسّ الجمالي إحساسـًا باللون والشكل والإيقاع الصوتي الجميل، وتناسق الحركة وملائمة أجزاء الصورة بعضها البعض، وتنمي الخيال بأنواعه القصصي والدرامي بالخروج عن الواقع إلى شخصيات لا تجدها في عالمنا، وأحداث لا يمكن أن تقع شرط ألا يكون مغرقـــًا سلبيـًّا لا يحمل قيمة، ولا يغرس فضيلة، فهو الذي يعطي الطفل الرؤى بعيدة المدى، وهو الذي يجعله يحلل ما يدور حوله من أحداث ومواقف، ويفعل عمليات التفكير العليا لديه، كالاستدلال والمقارنة والاستنتاج والتحليل والتركيب، والذي نفقده غالبـًا بسبب التركيز على مهارة واحدة وهي مهارة التذكر، وإهمال الفصحى إهمالاً كاملاً في البرامج المباشر منها وغير المباشرة سواء كان في ضعف إعداد المذيعين لغويـًّا، أو الرسوم المتحركة التي يتلقها الطفل بالعامية، وهو ما يصعب عليه اللغة الفصحى الصافية ويحجزه عن التجاوب الشعوري معها، فضلاً عن إنه يقلل من فـَهمه واستيعابه لما يقال ويكتب بها.
إن البرامج الموجهة للأطفال يجب أن يخطط لها، وأن تكون هادفة، وإجراء تنسيق بين كافة الأجهزة والمؤسسات المسؤولة عن رعاية الطفل، مثل: «الأسرة والمدرسة والقائمين على إعداد البرامج التلفزيونية»، حيث إن هناك ندرة في المادة الكرتونية الهادفة المناسبة للأطفال، والقلة العددية في عدد ساعات البثّ، والتي تعتمد على النمطية وقلة التشويق والتوجيه المباشر في أغلب الأحيان، أضف إلى ذلك البرامج المستوردة وما تحتويه من مشاهد لا تليق بالطفل وتؤثر في سلوكه وأخلاقه، واحتوائها على مشاهد وإيحاءات جنسية، وانحرافات عقائدية، ومشاهد العنف والتي بدورها تثير العنف في سلوك بعض الأطفال، حيث إن تكرار أعمال العنف الجسمانية والأدوار التي تتصل بالجريمة تؤدي إلى تبلد الإحساس بالخطر وإلى قبول العنف كوسيلة استجابة تلقائية، ما يؤدي ذلك إلى اكتساب الأطفال سلوكات عدوانية مخيفة وإلى انحراف الأطفال، فبرامج الرسوم المتحركة لا يتمّ عرضها بمجرد وصفها رسومًا ملونة، بل بما تحويه من قيم ومفاهيم وأدوات درامية اختزنتها المسلسلات الكرتونية ويتقبلها الطفل كما هي، فالأقوى تعليمـًا والأكثر رسوخـًا في ذهن الطفل هو التعليم عبر الترفيه، فهو يعيش لحظات ممتعة بالنسبة له أمام شاشة صغيرة أجادت وتفننت بذلك.