أسهمت الكويت في إنشائه ومرَّ بقفزات تاريخية
وافق يوم التاسع من سبتمبر الماضي ذكرى انطلاق أول بثِّ تلفزيوني في دبي قبل خمسين عامًا، وبالتحديد في التاسع من سبتمبر 1969م، حيث احتفت مؤسسة دبي للإعلام بهذه المناسبة التي تمثل أول انطلاق لرحلة دبي مع “الشاشة الفضية”، وبهذه المناسبة قال نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عبر حسابه في تويتر: “قبل خمسين عامًا في مثل هذا اليوم وقف معنا رجل وقفة تاريخية لإطلاق أول قناة تلفزيونية من دبي، رجل نحبه ويحبنا، أمير الإنسانية، الشيخ صباح الأحمد، آثار إنجازاته وإنسانيته وحكمته ستبقى طويلاً..”.
وكانت تغريدة الشيخ محمد بن راشد إشارة تاريخية لهذه المناسبة، حيث أنشئ “تلفزيون الكويت من دبي” وسمي بهذا الاسم بتوجيه من الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ‒ رحمه الله ‒ وكان حفل إطلاقه بحضور الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، الذي كان حينها وزيرًا للخارجية، وبحضور الشيخ جابر العلي الصباح ‒ رحمه الله ‒ الذي كان وزير الإرشاد والأنباء.
وهو ما أشار له ‒ أيضًا ‒ نائب حاكم دبي الشيخ مكتوم بن محمد في تغريدة قال فيها: “من قناة واحدة أطلقها أمير الإنسانية صباح الأحمد قبل خمسين عامًا، لأكثر من (٨٠) قناة تحتضنها دبي اليوم، بالمحبة والتعاون والتعاضد ننجح معًا كدول ومؤسسات، شكرًا لأميرنا ووالدنا وحكيمنا صباح الأحمد”.
بوادر العمل الخليجي المشترك والدور السعودي
وكانت دولة الإمارات قبل ذلك، بحسب ما أورده مدير مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام علي عبيد الهاملي، تستقبل البثّ التلفزيوني من مدينة الظهران السعودية، حيث كانت قناة الظهران توصل بثها خليجيـًّا وهي أول قناة تلفزيونية على مستوى الخليج والسعودية.
جهود الكويت صنعت الرواد
كان للكويت دورًا مهمًا في إطلاق “تلفزيون دبي” الذي كانت نواته “تلفزيون الكويت من دبي”، وكان ثمرة لجهود كبيرة بذلتها الكويت لتجهيز المحطة بالمعدات والأجهزة، ثم تشغيلها ورفدها بالمواد التلفزيونية، إضافةً لاختيار وتدريب فريق عمل إماراتي لتشغيل “تلفزيون الكويت من دبي”، ما جعل “التلفزيون” منصة لظهور إعلاميين إماراتيين رواد، منهم: أحمد قاسم العلي، وسعيد الغيث، وحصة العسيلي.
بدأ “تلفزيون الكويت من دبي” ذلك الوقت بثه بالأبيض والأسود، واستمر كذلك لمدة، وخلال تلك الفترة أداره طاقم إداري وفني من الكويتيين والإماراتيين والعرب، بقيادة الإعلامي الكويتي محمد المهنا، وكانت مدة البث اليومي أربع ساعات مسائية، ثم صارت ست ساعات، ومع قيام الاتحاد الإماراتي أصبح البث ثماني ساعات مسائية، وفي الفترة الصيفية كان هناك بث صباحي.
وتذكر المعلومات التاريخية أن مقر “تلفزيون الكويت من دبي” كان في منطقة “القصيص”، كما أن عدد العاملين فيه حينها بلغ (63) موظفـًا، وتزايدت أعداد الموظفين حتى أصبح أبناء الإمارات ممن جذبهم العمل في الحقل الإعلامي يشكلون نسبة (90%)، مع نسبة إنتاج محلي إماراتي موازٍ لما كانت تقدمه دولة الكويت، بالإضافة إلى ما يعرض من إنتاجات أخرى لبرامج عربية وأجنبية.
وتوالت قفزات “تلفزيون الكويت من دبي”، الذي قام بدور ريادي في قيادة التوجه نحو التحديث واللحاق بركب العصرنة، وإشاعة أنماط حياة حديثة، الأمر الذي ظهر في الدور الذي لعبه في إسناد التوجه العام نحو التعليم، وتمكين المرأة، وإثراء الحياة الثقافية والفنية، وإعلاء قيم العمل، والاحتفاء بالابتكار، وغير ذلك.
مسؤولية أخوية وتحول تاريخي
في مساء يوم الثاني من ديسمبر 1971م، أعلن في قصر دبي للضيافة قيام دولة دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم تمَّ افتتاح بثِّ المحطة التلفزيونية المعروفة للجميع باسم “تلفزيون الكويت من دبي”، بالنشيد الوطني وعلم دولة الإمارات، وباسم “تلفزيون الإمارات العربية المتحدة من دبي”.
وبذلك التحول أتمَّ “تلفزيون الكويت من دبي” سنتين ونصف السنة من عمله باسمه هذا، ليواصل دوره سبع سنوات ونصف أخرى، باسمه الجديد: “تلفزيون دولة الإمارات العربية المتحدة من دبي”، حيث دخل مرحلة جديدة من عمره، الذي وصل غايته في العام 1979م، لكنه كان قبل ذلك بسنوات قد أرسى أرضية موضوعية لنشوء “تلفزيون دبي” بشكل مستقل بعد أن استمر البثَّ التلفزيوني في دولة الإمارات بالأبيض والأسود حتى 4 ديسمبر 1974م حينما أصبح تلفزيونـًا ملونـًا؛ ليكمل “تلفزيون دبي” قصته التي قادها الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ‒ رحمه الله ‒ من خلال اهتمامه بتأسيس المؤسسات الإعلامية، حيث أسس “أخبار دبي” في الستينيات، وراكم عليه بتجربة “تلفزيون الكويت من دبي”، فزاد بتأسيس الإذاعات، ثم في العام 1973م قرر إنشاء “تلفزيون دبي”، الذي انطلق بثـّه الملون بعد سنة تمامًا، وتحديدًا في الأول من سبتمبر عام 1974م، غير أنه افتتح رسميـًّا في 1 ديسمبر 1974م أثناء الاحتفالات بذكرى اليوم الوطني الثالث للاتحاد.