في الفترة ما بين 19 إلى 21 فبراير 2025 و بمشاركة أكثر من 2000 باحث وإعلامي من مختلف أنحاء العالم، شهدت العاصمة السعودية الرياض أعمال النسخة الرابعة من المنتدى السعودي للإعلام، التي أقيمت تحت شعار “الإعلام في عالم يتشكل”، ومعرض مستقبل الإعلام “فومكس” المصاحب له.
شهد المنتدى حضور أكثر من 80 ألف زائر محلي ودولي، وعقد أكثر من 80 جلسة حوارية، و30 ورشة عمل، كما أسهم في تعزيز الشراكات في قطاع الإعلام من خلال 16 مذكرة تفاهم وتعاون إستراتيجية وقعت بين عدد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص في السعودية.
وتميز المنتدى هذا العام بإطلاق 6 تجارب تفاعلية فريدة، مكّنت الحاضرين من معايشة أحدث التطورات في الإعلام والتقنيات الرقمية، بالإضافة إلى استعراض تجارب عالمية في الإعلام المبتكر، كما اتيحت الفرص التمويلية المخصصة لدعم رواد الأعمال في القطاع من أبرز المحاور، حيث عُرضت مبادرات تمويلية واستثمارية تهدف إلى تعزيز المشاريع الإعلامية الناشئة.
منصة حيوية لتبادل الخبرات
افتتح وزير الإعلام السعودي، سلمان الدوسري، المنتدى بكلمة ترحيبية، مؤكدًا على أهمية تعزيز الحوار والتعاون بين المؤسسات الإعلامية لمواكبة التطورات السريعة في هذا القطاع، وأشار الدوسري إلى أن المنتدى يُمثل منصة حيوية لتبادل الخبرات والمعرفة بين الإعلاميين والأكاديميين، مما يسهم في تطوير المحتوى الإعلامي وتعزيز دوره في المجتمع.
وأكد وزير الإعلام السعودي أن الواقع الجديد الذي تأسس في قطاع الإعلام السعودي ساهم في خلق فرص حالمة، حيث سيوفر قطاع الإعلام قرابة 150 ألف وظيفة بحلول عام 2030 ليكون حاضنة للمواهب ومسرعة للابتكار، مشيراً إلى أن هذا النمو الإعلامي اللافت يقف على ستة أعمدة، تشمل التحول في معدلات الطلب، والبنية التحتية، والتحول التمويلي، ودعم المواهب، وتبني التقنيات، والتحول التنظيمي، مؤكداً أنها أدوات وممكنات لصناعة التأثير محلياً وإقليمياً ودولياً.
من جانبه قال محمد فهد الحارثي، رئيس المنتدى ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، إن أكثر من 11 مبادرة وتجربة تفاعلية، صُممت في أروقة المنتدى السعودي للإعلام ومعرض مستقبل الإعلام، لتكون محركات للإبداع، وجسوراً تعبر بالإعلام وصنّاعه نحو آفاق جديدة من التمكين والتطوير.

صناعة التأثير تحتاج إلى صنّاع التغيير
افتتح المنتدى بجلسة حوارية للأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، وزير الطاقة السعودي، بعنوان : دهاليز الطاقة وصناعة القرار حاوره خلالها سلمان الدوسري، وزير الإعلام السعودي، وقد تمحورت الجلسة حول العلاقة بين الإعلام وقطاعات الطاقة، وتأثير التغطية الإعلامية على صناعة القرار في هذا المجال الحيوي.
وأكد وزير الطاقة السعودي أن صناعة التأثير تحتاج إلى صنّاع التغيير، عادّاً أنه لولا وجود الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، صانع تغيير، لما كان لصنّاع التأثير أثر، وشدّد على أن بلاده أصبحت ترحِّب بالعالم، مؤكِّداً أنها تتمتع بالثقة الذاتية بما تفعله لنفسها وللعالم، وأشار إلى أن السعودية لم ترغب بأن تكون منطوية على تجربتها الجريئة، بل أردنا أن يكون لدينا دور عالمي نشاركه مع العالم.

قضايا الإعلام في حوارات وأحاديث
علاوة على ذلك تضمن المنتدى سلسلة من الجلسات وورش العمل التي قدمها نخبة من الخبراء والأكاديميين العرب والأجانب، وركزت هذه الجلسات على عدة محاور رئيسية، حيث تمت مناقشة كيفية تأثير التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، على صناعة الإعلام وطرق توظيفها لتحسين جودة المحتوى وتوسيع نطاق الوصول إلى الجماهير. واستعرض المشاركون التحديات الاقتصادية التي تواجه المؤسسات الإعلامية في ظل التحولات الرقمية، وبحثوا عن نماذج أعمال جديدة تضمن استدامة هذه المؤسسات وتعزيز قدرتها التنافسية.
وبحث المشاركون في كيفية تعزيز ممارسات الاستدامة داخل المؤسسات الإعلامية، سواء من خلال المحتوى الذي يُقدم أو عبر العمليات التشغيلية، بهدف المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما تطرقت الجلسات إلى دور الإعلام في تعزيز الهوية الثقافية والمحافظة على التراث، مع التأكيد على المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الإعلامية في تقديم محتوى يحترم التنوع الثقافي ويعزز التفاهم بين الشعوب.
الدبلوماسية والإعلام
خصص المنتدى جلسات محورية عن الدبلوماسية بمشاركة كبار صناع القرار في مجالات السياسية والإعلام، والخبراء والمبدعين في صناعة الإعلام.
في إحداها ناقش رئيس وزراء بريطانيا السابق بوريس جونسون، تأثير الإعلام في تشكيل صورته كزعيم سياسي بارز، إلى جانب استعراض علاقته بالإعلام خلال فترة قيادته، وذلك خلال جلسة حوارية رئيسية تحت عنوان “الإعلام وصناعة شخصية بوريس جونسون السياسية”.
وشدد جونسون خلال حديثه على أن وسائل التواصل الاجتماعي تسهم في تشويه الحقائق وإعادة تأكيد المعتقدات المسبقة، مما يجعل مسؤولية الإعلام في تقديم روايات دقيقة ومتوازنة أكثر أهمية من أي وقت مضى، وأن تجربته الصحفية أسهمت في دخوله عالم السياسة.
معرض مستقبل الإعلام “فومكس”
على هامش المنتدى، برز معرض مستقبل الإعلام “فومكس”، وهو أكبر معرض إعلامي في الشرق الأوسط، حيث اتيحت للزوار فرصة استكشاف أحدث التقنيات الإعلامية في الإنتاج والبث الرقمي.
شارك في المعرض أكثر من 250 شركة إقليمية وعالمية عرضت أحدث الابتكارات في مجالات إدارة المحتوى الإعلامي، وتقنيات الإنتاج، والألعاب الإلكترونية، والتقنيات الحديثة، كما وفر المعرض للحضور تجارب تفاعلية مع تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، وشكل منصة لبناء شراكات استراتيجية بين الشركات وقادة صناعة الإعلام.
تضمن المعرض أكثر من 40 جلسة نقاشية وورش عمل متخصصة حول مستقبل الإعلام في ظل الثورة الرقمية، حيث ركز على موضوعات مثل الذكاء الاصطناعي، وصحافة البيانات، والإنتاج الافتراضي، وتقنيات البث الحديثة.
تكريم وجوائز للإعلاميين
في اليوم الختامي كرّم المنتدى الفائزين بجوائز نسخته الرابعة، واختير الدكتور هاشم عبده هاشم، عضو مجلس الشورى ورئيس تحرير صحيفة عكاظ سابقاً، شخصية العام الإعلامية، وتوّج الكاتب في الشرق الأوسط حازم صاغية بجائزة العمود الصحافي، كما نال عبد الرحمن المصباحي من صحيفة عكاظ جائزة مسار صحافة البيانات، وفاز أيمن الغبيوي في اندبندنت عربية بجائزة مسار التقرير الصحافي عن تقريره مترو الرياض… رحلة فلسفية للتو بدأت فصولها، وتوج الصحافي بدر الربيعان بجائزة مسار العمل الصحافي الميداني، فيما حجبت جائزة المقال الصحافي لدورة هذا العام.
وعلى صعيد جوائز المحتوى، فاز برنامج في المرمي من قناة العربية بجائزة البرامج الرياضية التلفزيونية، وبرنامج رجال عبدالعزيز من التلفزيون السعودي بجائزة البرامج الوثائقية التلفزيونية، وبرنامج في الصورة من قناة روتانا بجائزة البرامج التلفزيونية الحوارية الاجتماعية، وبرنامج جلسة تاريخية من دارة الملك عبد العزيز بجائزة برامج البودكاست الحوارية، وفازت الباحثة أمل محمد أبو مديني من جامعة الملك عبد العزيز بجائزة البحث الأكاديمي في مجالات الإعلام.
وعلى صعيد جوائز التواصل والعلاقات العامة، توجت وزارة الداخلية السعودية بجائزة الأنشطة الاتصالية الإعلامية في القطاع الحكومي عن حملتها لا حج بلا تصريح، وفازت حملة إطلاق مسلسل الإنمي السعودي أساطير في قادم الزمان 2 لشركة مانجا للإنتاج بجائزة الأنشطة الاتصالية الإعلامية في القطاع الخاص، كما نال الدكتور ثواب السبيعي جائزة الجمهور لأفضل محتوى رقمي.
توصيات مستقبلية
مع اختتام المنتدى، خرج المشاركون بعدد من التوصيات الهامة التي ترسم معالم المرحلة المقبلة للإعلام، من أبرزها:
– تعزيز التكامل بين الإعلام التقليدي والرقمي.
– دعم الصحافة الاستقصائية وصحافة البيانات لمواكبة التطورات المتسارعة.
– توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير المحتوى وتحليل البيانات الإعلامية.
– تعزيز الشراكات الدولية لإثراء التجارب وتبادل المعرفة.
– توفير برامج تمويلية مستدامة لتمكين الشباب ورواد الأعمال الإعلاميين.