كتاب يرصد أخطاءً ويوضح أمثلة للكتابة الصحيحة عزيزي المحرر: (دليلك إلى صياغة احترافية)

عماد عبد المحسن

صدر للشاعر والصحافي المصري محمود عبد الرازق جمعة في سنة 2019م، عن دار “بتانة” للنشر، كتاب “عزيزي المحرر: دليلك إلى صياغة احترافية”.
يقول جمعة في المقدمة: “إن هذا الكتاب ما هو إلا محاولة لجمع وتحليل أهم المشكلات التي يواجهها المحررون، وأشهر ما يُوقَّع فيه من أخطاء التحرير، وهو ليس محاولة لتوحيد الأسلوب، بل محاولة لكشف (صيغ/ ظواهر) تحريرية غير مستساغة وأخرى غير صحيحة، واقتراح صيغ أخرى بديلة”.
ويضيف جمعة: “إن الكتاب يستعرض أهم المشكلات التي يقع فيها المحرر، خصوصًا المحرر الصحفي، لكونه أكثر المحررين عرضة للعجلة فالتسرع فالخطأ، مما تسبب في امتلاء المحتوى الصحفي العربي بعبارات لا عهد لها بالصحافة، ومحرَّرات لا صلة بينها وبين التحرير”.

الفعل المساعد
في القسم الأول من الكتاب يتحدث المؤلف عن الأفعال المساعدة، وسوف لا نتعرض تفصيلاً لكل ما ورد في أقسام الكتاب، لكننا سنختار أمثلة لعلها تكون نبراسـًا للمحررين والصحفيين.
يتحدث جمعة في هذا القسم عن أشهر الأفعال المساعدة ومنها الفعلان “قام”، و”تم”.
ضاربًا المثل بما يكتبه المحرر على سبيل المثال:
-“قامت الشركة بطرح الأسهم”.
-“قام الوفد بزيارة أهم معالم المدينة”.
-“هذا الرأي قام بطرحه وزير الإسكان”.
وأشار إن المحرر يهرب من الفعل المعني في الجملة (طرح)، إذ إن الأصل أن يقول: “طرحت الشركة أسهمًا جديدة في البورصة”.
وفي موضع آخر يوضح أمثلة أخرى:
-لا تقل: “قام الرئيس بعقد اتفاقية”. قل: “عقد الرئيس اتفاقية”.
-لا تقل: “بعد قيام الرئيس بعقد اتفاقية”. قل: “بعد عقد الرئيس اتفاقية”.
ومن الأمثلة الأخرى:
-قام بحملة على الإرهاب: شن حملة على الإرهاب.
-قام بشيء غير معتاد: فعل شيئـًا غير معتاد.
-قام بجريمة: ارتكب جريمة.
-قام باجتماع: عقد اجتماعًا.
ومن الأفعال المساعدة – أيضًا – فعل “تمَّ”، ويستعمله المحرر عادة للهروب من استعمال الفعل المبني للمجهول، ومنها:
-تمَّ إنشاء مبنى جديد.
-تمَّ عقد اتفاقية بين البلدين.
-تمَّ توفير فرص عمل لآلاف الشباب.
أما ما ورد عن هذا الفعل في المعاجم:
-وتمم الشيء أهلكه وبلغه أجله (لسان العرب).
-وتمام الشيء وتمامته وتتمته: ما يتم به (القاموس المحيط).
-تمَّ – تمامًا: كمَّل (المعجم الوسيط).
ويقول المؤلف إن بعض المحررين قد يستعمل كل أشكال الأفعال المساعدة التي ذكرناها آنفـًا أو غيرها في عبارة واحدة فيقول: “تمَّ القيام بإنشاء المبنى الجديد للشركة”. بدلاً من أن يقول: “أنشأت الشركة المبنى الجديد”.

الحشو:
في القسم الثاني من الكتاب يتحدث المؤلف عن “الحشو”، وهو يوضح أن التكرار عيب يقع فيه المحررون، فهو آفة قد يصاب بها المحرر، ومنه أن تقول:
-صاح بصوت عالٍ، لأن الصياح لا يمكن أن يكون بصوت منخفض.
-همس بصوت منخفض، لأن الهمس لا يكون إلا بصوت منخفض.
-سكن في مكانه بلا حراك، لأن السكون هو عدم الحراك، والسكون وعدم الحراك يكونان في المكان.
ومن الأمثلة التي ساقها المؤلف – أيضًا – جملة:
“كانت الفجوة بين الطرفين آخذة في التلاشي شيئـًا فشيئًـا”، وكان يمكنه ببساطة أن يقول:
-كانت الفجوة بين الطرفين آخذة في التلاشي.
-كانت الفجوة بين الطرفين تتلاشى تدريجيـًّا.
-كانت الفجوة بين الطرفين تتلاشى شيئـًا فشيئـًا.
كذلك الأمر في التعبير “أما بالنسبة إلى” وهي في الأصل تعني نسبة شيء ما إلى شيء ما، في حين أن العبارات المستعمل فيها هذا التعبير ليس فيها أي انتساب.
فلا تقل: “أما بالنسبة إلى سعر الدولار فقد ارتفع قرشين”. قل: “أما سعر الدولار فقد ارتفع قرشين”.
ولا تقل: “أما بالنسبة إلى درجات الحرارة المتوقعة فهي…………”. قل: “أما درجات الحرارة المتوقعة فهي…………………..”.
كذلك نجد في الصيغ الصحفية “دولة من الدول، و”شكل من الأشكال”.
ومنها:
-ليس بين البلدين تحالف بأي شكل من الأشكال.
-لا يقبل أي شخص من الأشخاص هذا الظلم.
-لم تخالف الدول تعهداتها مع أي دولة من الدول.
ويمكن صياغة هذه العبارات كما يلي:
-ليس بين البلدين تحالف بأي شكل.
-لا يقبل أي شخص بهذا الظلم.
-لم تخالف الحكومة تعهداتها مع أي دولة.
ولكن قد نحتاج إلى هذا “الحشو” ولا يسمى في هذه الحالة حشوًا، إذا خصصناه أي إذا وصفناه أو أضفناه، مثل:
-ليس بين البلدين تحالف بأي شكل من الأشكال المعروفة.
-لا يقبل أي شخص من الأشخاص الأسوياء بمثل هذا الظلم.
كذلك اسم الاستفهام “مـَن” يستعمل للاستفهام عن عاقل، أي عن شخص، ويكون الحشو أن نضيف بعده كلمات غير مخصصة مثل
“الشخص”.
-“فـمن الشخص الذي فعل هذا”، هي “من فعل هذا؟”.
-و”من الشخص الذي حضر”، وهي “من حضر؟”.

ربط المعلومات
أما القسم الثالث من الكتاب فقد عنونه المؤلف بـ”ربط المعلومات”.
ويقول فيه إن ربط المعلومات بين أجزاء المادة المحررة له طريقتان:
-ربط معلومات أو تصريحات شخص واحد في سياق واحد.
-ربط المعلومات أو التصريحات المرتبطة بأكثر من موضوع أو أكثر من شخص أو أكثر من سياق.

ربط معلومات أو تصريحات شخص واحد في سياق واحد
يكون الربط فيها باستعمال أفعال عديدة معروفة، منها: “قال – أضاف – صرح – أوضح – لفت – نوه – أشار – زعم – لفت – أعلن – استدرك – أردف – نفى – استرسل – أجاب…”.
بالإضافة إلى أحوال هذه الأفعال: “قائلاً – مضيفـًا – مصرحـًا – موضحًـا – منوهـًا – مشيرًا….”.
وليست القضية أن تنثر هذه الكلمات في الموضوع كأنها جميعـًا بمعنى واحد، فلهذه الكلمات حساسية وكل منها يوجه المعنى العام للعبارة التي ورد فيها، فليس القول كالزعم، كالاستدراك كالإشارة كالتنويه كالتصريح ولكن:
(قال/قائلاً): فعل القول العام يصح استخدامه في أي موضع، لأن كل تصريح، أو تلميح، أو إشارة، أو إضافة… إلخ، هو قول.
(أضاف/مضيفـًا): يستعمل إذا كان ما بعده إضافة إلى ما قبله، أي مرتبطـًا به، ويزيد ما فيه من معلومات.
(صرح/مصرحًا): يكون من مسؤول (رئيس، وزير، مدير، ……………….
(أوضح/وضح/موضحـًا): التوضيح لا يكون إلا بعد غامض، أو يكون تفصيلاً لمجمل، فليس منطقيـًّا أن نبدأ خبرًا صحفيـًّا بفعل التوضيح،
لأنه بداهة لم يقل بعد ما يحتاج إلى توضيح.
(نوه/منوهًا): التنويه في اللغة هو رفع الشيء والإشارة إليه لكي يراه الناس، فهو شيء لم يكن مرئيـًا أو ملتفتـًا إليه.
(لفت/لافتًا): اللفت هو صرف الوجه أو النظر إلى الشيء أو عنه، فإذا قلنا:  لفت إلى كذا، فالمعنى أنه صرف النظر إلى كذا.
نقول مثلاً:
صرح وزير الزراعة بأن محصول القمح هذا العام بلغ (12) إردبًا للفدان، لافتـًا إلى أنه كان (18) إردبًا العام الماضي.
(زعم/زاعمًا): الزعم في اللغة هو القول الذي يحتمل أن يكون حقـًّا وأن يكون باطلاً، ويستعمل إذا كانت العبارة غير مؤكدة مشكوكًا فيها،
نقول مثلاً:
زعم المتهم أنه لا يعرف المجني عليه ولم يره من قبل.
(أردف/مردفـًا): الإرداف في اللغة هو الإتباع، وعند استعماله في سرد الكلام، فإنه يعني مجرد تتابع.

تعددية الفعل بطريقة صحيحة
بعض الأفعال لا يتعدى إلى مفعول به، وبعضها يتعدى بنفسه، وبعضها يتعدى بحرف جر.
وفيما يأتي، توضيح لكل فعل وطريقة تعديته، وما يشيع عند تعديته من خطأ:
-(قال قائلاً): الصواب قال إن.
الخطأ: قال أن – قال بأن.
-(أوضح/وضح/موضحًا): الصواب أوضح أن.
الخطأ: أوضح بأن.
-(صرح/مصرحًا): الصواب: صرح بأن.
الخطأ: صرح أن.

التوكيد والتشكيك في لغة الصحافة

التوكيد:
لا يصح لمحرر أن يستعمل أدوات التوكيد في الخبر، التوكيد سعي من المؤكِد لإبراز المؤكًد وإثباته في نفس المتلقي.
ومن الأمثلة في هذا الأمر:
-إن المحافظة أنشأت مجمعـًا للمدارس وسط المدينة.
-كان المؤتمر قد انتهى بحلول أول يناير.
في المثال الأول: يمكننا أن نقول: “أنشأت المحافظة مجمعًا للمدارس وسط المدينة”
وفي المثال الثاني: يمكننا أن نقول: ” كان المؤتمر انتهى بحلول أول يناير”.

التشكيك:
لا يصح أن يشكك المحرر في معلومة ينقلها عن مصدره، لأن تشكيكه في هذه المعلومة هو تدخل منه وعدم أمانة في النقل، وفي المثال التالي:
ادعى وزير الخارجية الفرنسية أن العلاقات الفرنسية الألمانية مبنية على الثقة.
المحرر هنا لا ينقل المعلومة إلى المتلقي، بل يزرع في نفسه الشك في هذه المعلومة أو الخبر.
وختامًا فإن هذا الكتاب يشكل بالفعل دليلاً للكتابة الصحفية المحترفة، ويصلح أن يكون دليلاً للخروج من مآزق اللغة التي قد تغير من المعنى المقصود.
وهو ما يستدعي أن يقتفي كل صحفي أثر هذه الأمثلة لعلها تكون نبراسًا له.