برعاية خادم الحرمين الشريفين.. الرياض تحتضن أكبر معرض كتاب في تاريخ المملكة

إذاعة وتلفزيون الخليج – الرياض

تحت عنوان “وجهة جديدة.. فصل جديد” .. والعراق ضيف الشرف

على مدى عشرة أيام عامرة بالمعرفة، زاخرة بعبير الأفكار وتعبيرها، تحتضن العاصمة السعودية فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2021م، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبمشاركة أكثر من (1000) دار نشر تنتمي لـ(30) دولة، تقدم لعشاق القراءة مليون عنوان، فيما تحلّ دولة العراق كضيف شرف على المعرض الذي يقام تحت عنوان “وجهة جديدة.. فصل جديد”، ويعد معرض الكتاب الأكبر في تاريخ المملكة.

وقد دشن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي، الخميس 30 سبتمبر، فعاليات المعرض في موقعه الجديد «واجهة الرياض»،  بحضور وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي، الدكتور حسن ناظم، بالإضافة إلى مثقفين ومفكرين ومسؤولين في قطاع صناعة النشر من المملكة ودول الخليج وأنحاء العالم، وذلك خلال أول دورة تنظمها وتشرف عليها هيئة الأدب والنشر والترجمة، التابعة لوزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية.

وجهات وفصول.. لإبداعات شتى

المعرض الذي يقام على مساحة تتجاوز (36) ألف متر مربع، يتضمن برنامجاً ثقافياً يشمل عدداً من الندوات والجلسات الحوارية وورش العمل والأمسيات النوعية بمشاركة نخبةً من المفكرين والمؤلفين والمشاهير المؤثرين، إلى جانب أمسياتٍ شعرية وفنية، وأنشطة تستهدف شرائح المجتمع كافة مثل: عروض الطهي، وفعاليات الأطفال وغيرها من الفعاليات التي تنتمي إلى (16) قطاعاً مختلفاً.

في حين لا تقتصر الفعاليات الإثرائية المصاحبة على موقع المعرض، بل امتدت لعروض ومسرحياتٍ عالمية تقدم في ثلاثة مسارح خارجية، منها مسرحان بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، ومسرح بمركز الملك فهد الثقافي.

مؤتمر دولي لمستقبل النشر

يقام على هامش المعرض مؤتمر الناشرين الدولي، يومي 4 و5 أكتوبر، الذي يناقش سبل إعادة صياغة مستقبل صناعة النشر عربياً وعالمياً، من خلال ورش عمل يقدمها عدد من كبار الناشرين واتحادات النشر في العالم، كما يبحث المؤتمر تطوير القطاع؛ وتعزيز العلاقات بين الناشرين، ويتضمن جلساتٍ حواريةٍ تتناول عملية نقل الحقوق والترجمة والآفاق الواعدة في مجال النشر والتأليف.

بلاد الرافدين.. في قلب نجد

يشكل حضور دولة العراق – كضيف شرف – بتاريخها الثقافي الحافل ومثقفيها ومبدعيها محل احتفاء كبير في معرض الرياض الدولي للكتاب 2021م، حيث خصصت وزارة الثقافة السعودية جناحاً رئيسياً ليكون منصة نشطة من اللقاءات الودية بين نخبة مفكري وأدباء بلاد الرافدين مع نظرائهم من زوار المعرض المنتمين إلى المملكة ودول الخليج وعدة دول عربية وعالمية، فيما يتضمن الجناح معرض صور تاريخي يستعرض العلاقات السعودية العراقية الممتدة عبر عقود من الزمن.

ومن خلال (13) دار نشر، و(8) جلسات ثقافية، يقدم العراقيون لوحة متكاملة من الإبداع الخلاق والفكر النير، لتلتقي رؤاهم النقدية مع رؤى نظرائهم في السعودية، فيما يتألق جمال الشعر العراقي المقترن بعبقريات السياب والجواهري، ويتعرّف الجمهور السعودي والخليجي على أسرار تجارب عراقية عريقة في الثقافة، من أبرزها شارع المتنبي الشهير في بغداد، الذي يعد معرضاً يومياً للكتاب، طيلة العام.

وقد وصف وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي المعرض بأنه احتفالية ثقافية عربية، فيما أكد مدير الجناح العراقي الدكتور عارف الساعدي، أن العراق لم يحضر بكتبه فحسب، بل حضر بكبار مثقفيه وشعرائه ومبدعيه، مؤكداً على قوة التقارب الثقافي العراقي السعودي والأخوة بين البلدين الشقيقين، ومشيداً بمكانة المملكة العربية السعودية وتأثيرها الثقافي المتواصل في المحيط العربي.

نجومية البرنامج تنافس الكتب

البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الرياض الدولي للكتاب ثريٌّ في طرحه، وشاملٌ في موضوعاته، حيث يستوعب مختلف مجالات المعرفة وجاذبٌ لجميع المهتمين بها، إلى الدرجة التي تجعله بما يحتويه من أسماء مؤثرة ومحاور حيوية لا يقل نجومية عن الطابع الأهم للمعرض، والفعالية الأساسية والمفضلة للزوار وهي اقتناء الكتب عبر التجول الدؤوب بين دور النشر.

وتناقش الندوات موضوع السينما وعلاقتها بالأدب والقضايا المتعلقة بهما مثل كتابة السيناريو وإشكالية معالجة النصوص الأدبية للكتابة السينمائية، لاسيما وأن الرواية ظلت تمثل مصدراً مهماً للعديد من الأفلام المعروفة عالمياً، كما تستضيف منصات المعرض متحدثين عالميين يشاركون للمرة الأولى في معرض الرياض الدولي للكتاب، من أبرزهم “جوردن بلفورت” و”كريس جاردنر” الذين يتناولون جانباً من تجاربهم الشخصية وسيرهم الذاتية التي شكلت فيما بعد عناصر لكتب حققت ملايين المبيعات، فيما تحوّل بعض هذه القصص لأفلام سينمائية شهيرة.

نوتة الموسيقى.. قراءة أخرى

تشكل الأمسيات الموسيقية والغنائية طابعاً خاصاً يحظي بتفاعل جماهيري كبير، ولذا يحتضن مسرح جامعة الأميرة نورة عدداً من العروض والحفلات التي يشارك فيها عدد من نجوم المملكة والمنطقة والعالم، ومن أبرزهم عازف البيانو والموسيقار الشهير عمر خيرت، وعازف العود العراقي نصير شمة والمطرب العراقي المخضرم سعدون جابر، كما تتضمن العروض أداء لفرقة دار الأوبرا المصرية تقدم معها الفنانة مي فاروق، والفنان محمد متولي عدداً من أشهر الأغاني المصرية، والختام مع الموسيقار الألماني العالمي “هانز زيمر” الذي يقدم مجموعة من سيمفونياته ذائعة الصيت حول العالم.

مدونات الورش.. أوراق عمل

رغم أن ورش العمل تميل بطبيعتها إلى الطابع التدريبي والتطبيقي إلا أنها تتسم في معرض الرياض الدولي للكتاب بشخصية تقترب من مفهوم أوراق العمل التي يطرحها مثقفون ويناقشونها مع زوار المعرض.

المدربة هناء حسنين تطرح فكرة تنمية عادة القراءة لدى الأطفال واضعة على عاتق الوالدين مسؤولية إخراج الأبناء من نمط التفكير المقولب بالمنهج المدرسي من أجل امتلاك قدرات إدراكية خلاقة، في حين يحلل الكاتب والمدرب ثامر شاكر غياب الإصدارات العربية المتخصصة في المجال الإداري، وتقدّم المؤلفة الكويتية إيمان العنزي مجموعة من النصائح للمؤلفين الجدد من ناحية ضرورة النظر لأعمالهم بعين الناقد، وإجادة الحوار مع قرائهم وناشريهم.

خير الكلام.. ما أوجز ولم يخل

معرض الرياض الدولي للكتاب فرصة لمعرفة أحدث أنماط النشر والقراءة، حيث لا تقتصر الأجنحة المشاركة على النموذج التقليدي المرتبط بالرفوف المليئة بالكتب، بل يمر الزوار كذلك على جناح “وجيز” الذي لا يضم أي كتاب، لأنه ببساطة يقدم تطبيقاً لتلخيص الكتب عبر الهواتف الذكية، حيث يتيح قراءة أربعة كتب في الساعة الواحدة، وقد نجح التطبيق في اجتذاب أكثر من مليون مشترك حتى الآن، في الوقت الذي يؤكد فيه القائمون على التطبيق أنهم يختصرون الكتب بطريقة تواكب العصر ولا تخل بمضمون الكتاب، و يؤكدون “لاغنى عن الكتاب الورقي”!

وسائل التواصل .. بطاقات التعارف

من أبرز ما تم رصده، الطريقة التي تسهم بها وسائل التواصل في ظهور نمط جديد من التفاعل بين القراء مع المؤلفين المشاركين في معرض الرياض الدولي للكتاب، حيث لا يحتاج كثير من المتحدثين في الورش والندوات إلى التعريف بأنفسهم، بل تكفل حضورهم في المنصات الاجتماعية بهذه المهمة، وعددٌ ليس بالقليل من زوار المعرض هم من متابعيهم في هذه المنصات.

هذه الحالة الثقافية من الاطلاع المسبق على أفكار الكاتب أو المؤلف، لها دورها كذلك في إثراء الحوارات والنقاشات التي تجمعهم بالجمهور، سواء عبر ورش العمل أو من خلال التواصل المباشر في أروقة المعرض، حيث إن الفرصة مواتية للكثيرين لمناقشة عدد من الرؤى الثقافية والموضوعات الفكرية مباشرة مع المؤلفين وإبداء الرأي النقدي بشأنها، في جو من التقدير المتبادل.