المعرض والمؤتمر السعودي الدولي لإنترنت الأشياء يهيئ المستخدمين لمرحلة “ما بعد الهواتف الذكية”

الرياض – هيثم السيد

هل ستحال أجهزتنا الحالية إلى التقاعد بأمر تقنيات المستقبل؟

لم يكن العالم يتوقع أن دخول عهد الهواتف المحمولة الذكية في سنة 2007م سيكون مسؤولاً عن إحداث ثورة نوعية في علاقة الناس بالتقنية، وكيفية استفادتهم منها، على نحو أحال عشرات الأجهزة وآلاف الخدمات والإمكانات إلى التقاعد، ليقوم بها جميعهًا هاتف قد لا يتجاوز حجم اليد أحيانــًا.

بعد مرور (13) عامًا من ذلك التاريخ، يرى المختصون التقنيون أننا على وشك ثورة جديدة قد تعيد صياغة المعادلة، والحديث هنا عن “إنترنت الأشياء”، الذي يتوقع أن يصبح أكبر من سوق الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسب والأجهزة اللوحية مجتمعين بمقدار الضعفين، حيث سيصل عدد الأجهزة التي تستخدم هذه التقنية إلى (35) مليار جهاز متصل بالإنترنت.

في هذا الشأن، استضافت الرياض فعاليات المعرض والمؤتمر السعودي الدولي لـ”إنترنت الأشياء” (#SaudiIoT) في نسخته الثالثة، خلال الفترة من 8 – 10 مارس 2020م، في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، ونظمته مدينة الملك
عبد العزيز للعلوم والتقنية، بإشراف من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية.

المملكة .. نافذة تقنية للمنطقة

افتتح المهندس عبد الله السواحة، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية، هذه النسخة من المؤتمر، والذي يعدّه السواحة فرصة مواتية على سبيل تحويل المملكة إلى نافذة لتطبيقات إنترنت الأشياء في المنطقة، مع التوجهات السعودية نحو تحقيق (رؤية 2030م).

ودعا الوزير المختصين إلى توظيف الآليات المناسبة لتنويع الاستثمارات مع نقل المعرفة والخبرات العالمية إلى السوق المحلية الغنية بالفرص الكبيرة في تطبيقات إنترنت الأشياء، مشيرًا إلى أهمية الاستثمار في مجال إنترنت الأشياء الذي لا يزال سوقـًا واعدة في طور النمو.

فرص ضخمة قيد التشكّل

أكثر من (50) متحدثـًا من المختصين والأكاديميين والباحثين ورؤساء الشركات الوطنية والعالمية في قطاع التقنية سلطوا الضوء على آخر ما توصلت إليه التقنيات الناشئة، مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، كما عرضت أكثر من (200) جهة محلية وعالمية جهودها في مجال التحول الرقمي والاستثمار في تكنولوجيا المستقبل.

برزت أهمية المؤتمر والمعرض في تعريف الزوار بخدمات النطاق العريض والجيل الخامس والأمن السيبراني، والإمكانات الهائلة لإنترنت الأشياء، والفرص الفعلية التي يتضمنها مفهوم التحول الرقمي، كما تضمن مشاركة القطاع الخاص المحلي والعالمي في عرض إنجازاته التقنية وتمكينه لقدرات الكفاءات الشابة المتميزة في هذا المجال.

بنية تحتية لتحولات نوعية

أثبت المؤتمر والمعرض السعودي الدولي لإنترنت الأشياء أنه المنصة الأكبر في مجاله محليًّا وإقليميًّا، حيث أوجد منصة مهمة لتبادل الخبرات والتجارب العلمية والعملية في مجالات الذكاء الاصطناعي، وإبراز جهود المملكة العربية السعودية في إنشاء بنية تحتية قوية ومتطورة قادرة على دعم التقنيات المستقبلية، وخدمات الجيل الخامس (5G)، وإنترنت الأشياء (IoT)، والذكاء الاصطناعي (AI)، وإنشاء المدن الذكية في المملكة.

وقد شهد الحدث مشاركة واسعة محلية وإقليمية وعالمية من القطاعات المتخصصة في مجالات التقنية والاتصالات والتحول الرقمي وغيرها من المجالات ذات الصلة، كما سلط المؤتمر الضوء على عدد من التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي وتعلـّم الآلة، وسلسلة الكتل، وتقنية الجيل الخامس، والثورة الصناعية الرابعة، حيث شجعت هذه التقنيات على الابتكار والإبداع، وأسهمت في تحسين الكفاءة والإنتاجية.

السوق الأكبر .. خليجيـًّا

عدد من رجال الأعمال والمطورين وأصحاب المشاريع الريادية الهادفة إلى الاستثمار في التقنيات المستقبلية كانوا جزءًا من النقاشات التي طرحها المؤتمر بشأن الفرص الواعدة، في مرحلة لا تبدو قريبة فحسب، بل يبدو أنها قد بدأت بالفعل، فالإحصائيات تشير إلى أن السوق السعودي الذي احتضن المؤتمر يُعدُّ الأكبر في دول الخليج العربية والثالث على مستوى الشرق الأوسط، وذلك في ضوء التحولات الرقمية التي تشهدها المملكة.

وفي الوقت الذي قدّر فيه مختصون في قطاع التقنية أن إنفاق إنترنت الأشياء قد بلغ نحو (1.48) مليار دولار أميركي في العام الماضي، توقعوا زيادة بمعدل يصل إلى (19.5%) بحلول العام 2023م، وتتحدث التقديرات عن (16) تريليون دولار أمريكي، كقيمة تقريبية لحجم سوق إنترنت الأشياء العالمي المعتمد على منظومة من الأجهزة عالية التقنية.

جاءت إقامة المعرض والمؤتمر السعودي الدولي لـ”إنترنت الأشياء” ضمن الخطط التنموية التي تقودها المملكة، حيث ينسجم مع برنامج التحول الوطني 2020م، ورؤية المملكة 2030م، كما أنه جاء داعمًا للجهود البحثية التي تقوم بها المؤسسات الأكاديمية من جامعات ومراكز بحوث، إضافة لدعم القطاع الصناعي بأحدث التقنيات، وتعزيز وعي المستهلك نحو المنتجات المبتكرة، فضلاً عن إسهامه في توجيه البوصلة نحو المدن الحيوية التي تنوي المملكة إقامتها وفق أعلى المعايير التقنية العالمية، وفي مقدمتها مشروع نيوم.

جسر للعبور نحو الغد

في حين بات واضحًا أن التقنية ستكون المنصة القادمة لـِفـَهم وتخمين شكل أسلوب الحياة القادم، عمل المهتمون والمتخصصون خلال المؤتمر على شرح المفاهيم الجديدة التي ستأتي بها مرحلة “إنترنت الأشياء” ذات التأثير المباشر في مختلف أوجه المهام اليومية.

وفضلاً عن عرض مجموعة من الابتكارات التي لفتت نظر كبرى الشركات وأهم الخبراء المحليين والعالميين، برزت أهمية المؤتمر والمعرض في تسليط الضوء على آخر ما توصلت إليه التقنيات الناشئة، مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، وأهم مستجدات قطاع التقنية والإنجازات والتطورات في عالم التقنية والإنترنت.

وُصف المعرض والمؤتمر السعودي لإنترنت الأشياء بأنه الجسر الوحيد من نوعه بين لاعبي التقنية الإقليميين، لاسيما من حيث إتاحة الفرص لروّاد الأعمال التقنيين ورجال الأعمال لبناء شراكات مع الشركات التجارية العالمية، بما يُسهم في جمع كل مكونات المنظومة البيئية (الرقمية/التقنية) المتكاملة ضمن منصة فريدة من نوعها، سعيًا لبدء رحلة التحول الرقمي في المملكة وتشجيع التطور التقنيّ في المنطقة.

من أروقة المؤتمر

كان للجامعات السعودية حضورها القوي في المؤتمر والمعرض، وذلك عبر مشاركة باحثيها وخبرائها في الكلمات والجلسات الحوارية والورش، كما استعرض ركن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية عددًا من إنجازات المعاهد والمراكز البحثية لخدمة القطاعات الوطنية المختلفة.

أما النقاشات التي شهدتها الجلسات، فقد تطرقت إلى أهمية استخدام حلول الذكاء الاصطناعي في رصد تهديدات الأمن السيبراني، في وقت تفتقر فيه (70%) من الأعمال التجارية لقدرات اكتشاف هذه الأخطار، كما أكدت على أهمية احتواء تطبيقات الإنترنت على جوانب الأمن، الأداء، والموثوقية، والانتقال لنموذج عمل سحابي للتطبيقات وتخزين البيانات.

كما تحدث الخبراء المشاركون عن استنساخ أجزاء من نظم التصنيع المتقدمة ضمن الثورة الصناعية الرابعة، واستخدام رقمنة المنتجات في توطين الإنتاج، وتشجيع الطباعة ثلاثية الأبعاد للأجيال الشابة.

في جوانب أخرى، وقعت مجموعة من الشركات المحلية والعالمية المشاركة على عدة مذكرات تفاهم شملت مجالات متنوعة لتطوير تطبيقات الروبوت، وتطوير الحلول الزراعية والصناعية والأمنية، عبر دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والدرونز.

أتيحت الفرصة كذلك لأصحاب المشاريع البحثية وبراءات الاختراع لتقديم نتائج دراساتهم وآخر اختراعاتهم على منصة العروض الحية، كما استضاف المعرض عددًا من رواد الأعمال الناجحين الذين قدموا خدماتهم ومنتجاتهم للزوار، وهو ما أتاح لهم فرصة التواصل مع المستثمرين ورواد التقنية في العالم العربي.

ومن الجدير بالذكر أن (إنترنت الأشياء(Internet Of Things  أو ما يعرف اختصارًا بـ(IoT) يعرّف بأنه مفهوم متطور لشبكة الإنترنت بحيث تمتلك كل الأشياء في حياتنا قابلية الاتصال بالإنترنت أو ببعضها البعض، لإرسال البيانات واستقبالها وأداء وظائف محددة من خلال الشبكة.

وتقوم فكرته على منح قدرة الاتصالات بشبكة الإنترنت إلى مجموعة لا نهائية من الأشياء التي نتحكم فيها ونستخدمها، الأمر الذي يتيح لها أداء وظائف ومهام إضافية، وقد بدأ هذا التحول بالفعل في أجهزة، مثل: “الساعات، التلفزيونات، أساور اليد، النظارات” وغيرها.