الإعلام‭ ‬التفاعلي‭ ‬والعمل‭ ‬التطوعي

يحتفل العالم في الخامس من شهر ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للتطوع، والحديث عن التطوع يعني حديثـًا عن عمل حضاري وإنساني ومسؤولية جماعية مشتركة فهو يعكس تكافلاً بين مختلف فئات المجتمع، وتراحمـًا وتآخيًا بين أفراده، ويأتي دور الإعلام في العمل التطوعي في مقدمة الأدوار الفاعلة في ترسيخ مفهوم العمل التطوعي وأهميته، وذلك من خلال قدرته على إحكام السيطرة على الأفراد عبر قناعات فكرية وثقافية واجتماعية بضرورة العمل التطوعي.

ولقد أصبح الإعلام التفاعلي مشاركـًا للإعلام التقليدي كونه يحتوي في مضمونه على كافة الفنون الإعلامية والتقنيات الحديثة لمواقع التواصل الاجتماعي، مثل: «الفيسبوك، وتويتر» وغير ذلك من المواقع التي تتسم بعناصر الفورية، والتفاعلية، وتعدد الوسائط.

ويقصد بالإعلام التفاعلي مجموعة من الخصائص والوسائط والخدمات الملحقة بأي وسيلة إعلامية مطبوعة أو مرئية أو إلكترونية تتيح للجمهور أن يتفاعل معها عن طريق المشاركة برأيه، إضافة إلى مشاركات الجمهور في البرامج المرئية والإذاعية، ومداخلاتهم في قاعات المحاضرات والندوات، وهي منتديات إلكترونية ملحقة بمواقع النشر الإلكتروني، أو مستقله بذاتها، وكثير من الفاعليات الإعلامية تدخل تحت هذه العناوين. 

ويُعدُّ العمل التطوعي من الوسائل المهمة في تنمية الولاء والانتماء للوطن، حيث يوثق علاقة الفرد بدينه ووطنه وينمي بداخله مبادئ وقيم إسلامية ووطنية وإنسانية نبيلة، فالعمل التطوعي هو المعيار الذي نقيس به مستوى التكافل والتعاون في المجتمع، فمن المعروف أن العطاء بلا مقابل سواء كان علمـًا أو جهدًا أو مالاً يعكس مدى ارتباط الفرد بمجتمعه وقضاياه وهمومه.

كما أن العمل التطوعي هو ما يبذله الفرد بعيدًا عن الفروض والواجبات والأعمال الوظيفية التي يحصل على مقابل لها، وهو بذلك من الأعمال المستحـّبة في الإسلام، والمستحـّب في الشريعة هو ما طلب الشرع فعله لا على سبيل الإلزام وهو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه. إن العمل التطوعي قرار فردي ورائه دافع ذاتي لا يكون الفرد مجبرًا فيه على أمر بحد ذاته مما يشعر المتطوع بالنجاح مع كل خطوة يخطوها.

ولقد أسهم غياب الدور الإعلامي عن التوعية بأهمية التطوع وبمؤسساته وبالأدوار التي يمكن أن يقدمها للمجتمع في قلة الإقبال على التطوع، حيث نجد قلة البرامج والفعاليات الخاصة بالتطوع مما يحد من تفاعل وسائل الإعلام، كما نجد قلة مصادر المعلومات عن برامج التطوع ومجالاته وغيرها من المعلومات التي يمكن صياغتها على شكل مواد إخبارية إعلامية. في حين يعطي الإعلام التفاعلي فرصة اطلاع أكبر، ففي جلسة واحدة أمام الكمبيوتر يستطيع القارئ مطالعة عشرات المصادر الإعلامية من جميع أنحاء العالم، ومن دون تكلفة مالية، وهذا غير ممكن مع الإعلام التقليدي من حيث الوقت والتكلفة، وللمستخدم حرية الانتقاء والمقارنة من خلال الاطلاع السريع على العديد من المصادر متعددة الرؤى والخلفيات، ثم يستخلص لنفسه النتيجة التي يراها أقرب إلى الحقيقة من دون أن يتعرض لرؤية محددة تفرضها الحكومات أو الشركات المالكة لوسائل الإعلام.

   أن الاهتمام الإعلامي بالعمل التطوعي واجب وطني، ولا يمكن الاستغناء عن الإعلام التفاعلي في صوره المختلفة؛ فقد أصبح جزءًا أصيلاً من حياة قطاع عريض من المجتمع العربي، ولا بد من القيام بحملات إعلامية للتوعية بما تتضمن عناصر العمل التطوعي بداية من المفهوم والأهمية وإبراز قيم العمل التطوعي، ومرورًا بكيفية العمل التطوعي ومجالاته، وأخيرًا التجارب الناجحة في هذا المجال.